رغم كل الغموض الذي يحيط بخطط الهجوم المحتملة والمغزى السياسي الأساسي للرئيس الروسي فلاديمير بوتين تجاه أوكرانيا، إلى جانب استحالة التنبؤ بالهدف النهائي للعملية بناءً على تشكيلات الوحدات والقوات الروسية المنتشرة على الحدود الشرقية الأوروبية التي تشير إلى حرب ملموسة في الأفق لمنع التقارب بين كييف والغرب، تبرز تكتيكات أكثر ترجيحاً سيعتمدها زعيم الكرملين في غزو أوكرانيا.
وتحدثت صحيفة "زود دويتشه" الألمانية، الثلاثاء، عن ثلاثة سيناريوهات عسكرية محتملة للغزو الروسي المتوقع، بحسب آراء عسكريين وأمنيين وخبراء في الشؤون الروسية، وفيها أنه مع نشر نحو 190 ألف جندي، سيكون الغزو واسع النطاق، بمشاركة جميع أفرع القوات المسلحة الروسية، حيث تقع العاصمة الأوكرانية كييف على بعد 220 كيلومتراً من الحدود البيلاروسية براً، وكانت الولايات المتحدة قد اعترضت معلومات تفيد بأن الغزو يمكن أن يبدأ بهجوم إلكتروني على أنظمة الاتصالات والإمداد، يليه هجوم صاروخي على العاصمة، تمهيداً للغزو البري.
وأشارت الصحيفة إلى صعوبة احتلال أوكرانيا براً بشكل كامل، حتى مع العدد الضخم من الجنود الروس الذين يُحشَدون بسبب مساحتها الكبيرة التي تبلغ 603500 كيلومتر مربع، ضعف مساحة ألمانيا تقريباً، ويعتقد الخبراء أنه، في سيناريو مرجح، ستستخدم روسيا نهر دنيبر كحدود برية طبيعية، وتحتل المنطقة الواقعة شرقه، والهجوم الواسع سيؤدي إلى إطاحة الحكومة وتنصيب حكومة دمية بيد الكرملين، وبحال تطبيق هذا السيناريو يتوقع المراقبون العسكريون ارتفاع عدد القتلى وحركات نزوح كبيرة، وقبل كل شيء ستنمو حركة مقاومة سريعة تواجه القوات الروسية وتكبدها خسائر كبيرة في الأرواح، وهو ما يرغب بوتين في تجنبه لأسباب تتعلق بالسياسة الداخلية.
وفي السيناريو الثاني، يتحدث الخبراء عن تقليص مساحة الأراضي التي ستُحتَل، ما يؤدي إلى تقسيم أوكرانيا، وقد تتجاوز روسيا الاعتراف رسمياً بالمناطق الانفصالية وتأمينها عسكرياً، كما حدث الليلة الماضية، إلى ضمّ مناطق أوكرانية إضافية بسبب أهميتها الصناعية. ومن المعلوم أنه منذ ضمّ شبه جزيرة القرم عام 2014، كانت هناك تكهنات بأن روسيا قد تكون مهتمة بالربط البري على طول الساحل عبر مدينة ماريوبول إلى القرم، ويشير الخبراء إلى أن الذريعة السياسية لهذا الأمر تتجسد بالفعل في وسائل الإعلام الروسية، حيث يدور الحديث عن أنشطة لمرتزقة تعمل ضد روسيا.
أما المسار الثالث، فهو الأكثر تعقيداً، لأنه ليس له هدف واضح باستثناء زعزعة الاستقرار الدائم في أوكرانيا، ووفقاً لهذا المسار ستواصل روسيا سلسلة من المهام الدقيقة ضد الدولة الأوكرانية، من هجمات إلكترونية إلى المعلومات المضللة والتوغلات شبه العسكرية، فضلاً عن تسريبات لمواقف سياسية، وكلها مصاحبة للاعتراف بالأراضي الانفصالية.
وخلص تقرير زود دويتشه إلى أن تحركات القيادة الروسية التي لوحظت على الأرض تشير إلى تكرار موسكو للخطة التي أدت إلى انفصال أوسيتيا الجنوبية عن جورجيا عام 2008، ومن ضمنها عمليات الإجلاء للسكان المحليين، حيث نُقل حينها النساء والأطفال من أوسيتيا.
وفي الإطار، ذكّرت الصحيفة بالتكتيك الذي اعتُمد أخيراً، مع تعرّض سيارة تعود لرئيس شرطة دونيتسك الشعبية لانفجار غامض، وليتبين بعدها أنه وُضعَت لوحة سيارة قائد الشرطة على سيارة جيب عسكرية روسية قديمة الصنع، وهي التي فُجِّرَت، وشوهدَت بعدها السيارة الحقيقية الخاصة بالمسؤول العسكري تسير على الطرقات.