اليمن: "المشترك" ينقذ مهلة الحوثيين

05 فبراير 2015
خلاف بين رؤيتي الحوثيين والمؤتمر لحل الأزمة(محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -

انتهت مهلة مؤتمر جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، أمس الأربعاء، من دون توصل القوى اليمنية إلى أي اتفاق يسد الفراغ السياسي الحاصل في البلاد، في وقت قدمت فيه أحزاب اللقاء المشترك رؤية للتشاور بين مكوناتها تحت ضغط تواجهه من قواعدها الحزبية التي تطالب بوقف حوارها مع الحوثيين.

وبعد أيام من التهديد والوعيد وحتى نشر محسوبين على الجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي أن الخطوات المقبلة باتت جاهزة وتنتظر لحظة التطبيق، ترقب اليمنيون ما الذي ستقدم عليه جماعة الحوثيين مع انتهاء المهلة أمس، لكن الأخيرة بدت مترددة في اتخاذ أي خطوات انفرادية، حسب تهديداتها التي أطلقتها في ختام المؤتمر الذي عقدته بين يومي الجمعة والأحد الماضيين.

وعلمت "العربي الجديد" من مصادر في اللقاء المشترك أن أحزابه اتفقت على "تجاهل" المهلة لمعرفة ما الذي سيفعله الحوثيون، قبل أن تتوصل إلى رؤية موحدة قدمتها، أمس الأربعاء، إلى طاولة المشاورات في فندق موفنبيك في العاصمة صنعاء. ومن شأن هذه الرؤية أن تمثل عذراً للحوثيين بتمديد مهلتهم بحجة مناقشة الرؤية المقدمة من المشترك الذي يضم ستة أحزاب يسارية وقومية وإسلامية.

وحسب مصادر "العربي الجديد"، فإن رؤية المشترك الجديدة استوعبت وجهة نظر التنظيم الوحدوي الناصري الذي كان قد انسحب من مشاورات فندق "موفنبيك"، ودعا إلى حل الأزمة التي أعقبت استقالة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، عبر البرلمان باعتباره المؤسسة الدستورية المعنية. وتتضمن رؤية المشترك عدداً من الخطوط العريضة والمطالب من جماعة الحوثيين في ما يتعلق بالوضع الذي تفرضه داخل العاصمة والأسلوب القمعي الذي تواجه به الاحتجاجات الشبابية المناهضة لها، إذ تعمد الجماعة إلى تفريق المحتجين وخطفهم.
إلا أن مصدرا مسؤولا في الأمانة العامة للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، أكد أمس الأربعاء، عبر موقع الحزب "الوحدوي.نت" أنّ "لا صحة لما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن انسحاب ممثل التنظيم من حوار القوى السياسية يوم الأربعاء (أمس) في موفنبيك حيث إن التنظيم لم يعد للمشاركة في الحوار منذُ أن أعلن انسحابه يوم الأحد الماضي ولا يزال متمسكاً بموقفه ما لم توجد تنازلات توفر بيئة لحوار إيجابي مسؤول يخرج الوطن من أزمته".

وعلى الرغم من حدة التصريحات الحوثية التي حذرت من انقضاء المهلة من دون التوصل إلى حل، طغت حالة من الترقب لا ترقى إلى المخاوف قبل انقضاء المهلة، وذلك جراء استنزاف الجماعة أوراقها، إذ لم يعد لديها ما يمكن أن تفعله أكثر مما قامت به خلال الفترة الماضية باجتياح العاصمة واقتحام مؤسسات الدولة وتشكيل لجان ثورية للإشراف على عملها، وصولاً إلى اقتحام دار الرئاسة وإسقاط هادي ورئيس الحكومة خالد محفوظ بحاح وفرض الإقامة الجبرية عليهما إلى جانب عدد آخر من كبار قيادات الدولة.

وارتفعت أصوات تطالب الأحزاب السياسية بالانسحاب من الحوار وترك الحوثيين أمام اختبار خطواتهم وقدرتهم على حكم الدولة وليس التحكم بها بغطاء من القوى الأخرى. واعتبر محتجون تابعون لحزب التجمع اليمني للإصلاح، أكبر أحزاب المشترك، الأربعاء، أن استمرار الحوار مع جماعة الحوثيين لا يفيد في شيء سوى "إسباغ غطاء سياسي على الانقلاب".

وفي خطوة مفاجئة، أعلن حزب الإصلاح أن جماعة الحوثيين سوف تعيد مقراته التي استولت عليها في العاصمة وتطلق سراح المعتقلين لديها من منتسبيه في منطقة "أرحب" مساء الأربعاء. وتأتي هذه الخطوة على ما يبدو، كنتيجة لاتفاق أُبرم بين الجماعة وحزب الإصلاح الذي كان الخصم السياسي الأول للحوثيين والهدف الأبرز لهم أثناء توسعهم في الأعوام الأخيرة، وتهدف الصفقة إلى استمرار الإصلاح في الحوار مع الحوثي مقابل تنفيذ الحوثي بعض مطالب الإصلاح.

وبالتزامن، أغلق محتجون منتمون للإصلاح مقر الأمانة العامة للحزب احتجاجاً على المشاركة في مفاوضات مع الحوثيين واتهموها بالإسهام بمنح غطاء لـ"انقلابهم". وقد نظر ناشطون لهذه الخطوة باهتمام وذلك لكون حزب الاصلاح منضبطاً تنظيمياً إلى حد كبير، ما يدعو للتساؤل حول حقيقة إن كان المحتجون قاموا بإغلاق المقر الرئيسي للحزب من تلقاء أنفسهم أم أن خطوتهم جاءت بإيعاز من القيادة لتوفير مبرر للتنصل من أية نقاط قد تفرض على الإصلاح في حوارات موفنبيك التي تدور برعاية المبعوث الأممي لليمن جمال بنعمر، لإيجاد مخرج سياسي لأزمة استقالة الرئيس والحكومة بعيدا عن اللجوء للبرلمان الذي يتمتع فيه حزب الرئيس علي عبدالله صالح بالأغلبية.

وعلى الرغم من الحديث عن انضباطية حزب اإاصلاح تنظيمياً إلا أن بوادر الخلاف بين قيادة وقواعد الحزب باتت واضحة، وبالتالي فإن فرضية الاحتجاج التلقائي من دون إيعاز، واردة. وهو خلاف رأسي بين القمة والقاعدة لم يعد يقتصر على الإصلاح وحده بل ينطبق على أحزاب أخرى في المشترك.

وبالعودة إلى سيناريوهات ما بعد انقضاء مهلة الحوثيين وتقديم المشترك رؤية جديدة، فإن المتوقع هو أن يستمر المسلسل السياسي اليمني حلقات إضافية إلى أن تكتمل خارطة التحالفات الجديدة الناجمة عن رحيل الرئيس المستقيل بحيث يتقارب المشترك من جديد مع الحوثيين، بينما يلملم حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يقوده الرئيس السابق علي عبد الله صالح صفوفه بهدف حشد رأي عام ضاغط يؤيد الحل الدستوري لأزمة الفراغ الرئاسي عبر البرلمان. وبين هذا وذلك، تحاول أطراف سياسية إيجاد حل يوافق عليه جميع الأطراف. والمشهد بعمومه في سباق هذين الفريقين (المشترك والحوثيون من جهة والمؤتمر وحلفاؤه من جهة ثانية)، يشبه إلى حد ما، لعبة عض الأصابع التي يخسر فيها من يصرخ أولاً.

أما مجموعة سفراء الدول العشر (الدول الخمس الكبرى ودول الخليج باستثناء قطر) وألمانيا واليابان وهولندا وتركيا، فبدت هي الأخرى في موقع المتفرج على التطورات وما ستفضي إليه، مبدية حرصها على سلامة هادي ورئيس الوزراء المستقيل خالد بحاح.

ودعت المجموعة جميع الأطراف اليمنية إلى تنفيذ التزاماتها ضمن إطار مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، واتفاق السلم والشراكة الوطنية، ومبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، مؤكدةً أنه "يجب أن يتمتع الرئيس المستقيل وبحاح والوزراء المستقيلون بحرية التنقل داخل وخارج البلاد، ويجب أن لا تستخدم القوة ضد تحركاتهم".

وأشار البيان إلى "ضرورة تحقيق توافق سياسي عبر إرادة سياسية صادقة من جميع الأطراف اليمنية"، والتي دعوها إلى "الابتعاد عن الممارسات الفردية وتوحيد خطابها خلال هذه المرحلة الحساسة من التاريخ اليمني". وهو الموقف الذي دفع رئيس المكتب السياسي للحوثيين والمستشار الرئاسي السابق للرئيس اليمني، صالح الصماد، إلى التأكيد على صفحته على "فيسبوك" أن الشعب اليمني شعب عظيم لا يستسيغ أن تبتزه أي قوة في هذا العالم علی حساب عزته وكرامته". وأضاف الصماد "لذلك ننصح كل القوى في الداخل والخارج باحترام إرادة الشعب وحقه في العيش الكريم وأن يقفوا موقف الشعب بدلاً من استخدام لغة التهديد والعقاب".

المساهمون