"ذهب للتحاور معه فخطفه". توجِز هذه العبارة حكاية الأب باولو دالوليو مع تنظيم "دولة العراق والشام الإسلاميّة". منذ 29 تموز/يوليو الماضي، حين فُقد أثر رجل الدين المسيحي في المدينة التي وصلها للتحاور مع "داعش". كان الأب باولو قد اعتاد دخول الأراضي السورية ،بعدما طرده النظام منها رسميّاً، ليتحاور مع مختلف الجماعات المسلحة المعارضة، وليدوّن في ما بعد تجربته ولقاءاته في كتاب "الغضب والنور".
الأب باولو لا يزال على قيد الحياة، وهو حسب مصادر مقربة من عائلته موجود في سجن "سد تشرين" التابع لـ"داعش" في محافظة الرقة، شمال سوريا، حيث اختطف.
في كتابه "عاشق الإسلام مؤمن بعيسى"، يكتب الأب باولو: "حان الوقت لإيقاف تصنيف التيارات الأصولية كلها على أنها إسلامية حصراً بغية تبرير وتشجيع تصاعد مواقف انغلاقنا الديني... ينبغي على محاربي الأصوليّة الدينية وتسخير الدين لخدمة السلطة، أن يشكلوا جبهة واحدة على الرغم من الانتماءات الدينية المختلفة. هذا يعني أن هذه المعركة تخص العالم المسيحي والعالم الإسلامي على حدٍ سواء...".
ربما شكّلت هذه الكلمات سبباً إضافيّاً يقف وراء النشاط التضامني الذي شهدته أكثر من 25 مدينة حول العالم في 25 كانون الثاني/يناير الماضي للمطالبة بإطلاق سراح الأب باولو.
الحكاية لم تنته بنشاط ذلك اليوم، إذ عمد منظموه إلى تطويره من مجرد وقفة لأجل حرية الأب باولو دالوليو، إلى حملة تضامنية مع كل المختطفين في سوريا.
ويقول الراهب الفرنسي سبستيان، أحد المشاركين في الحملة، إنّ "واجبنا في المرحلة المقبلة التركيز على قضية واحدة هي قضية المخطوفين عند النظام أو عند بعض المجموعات المدّعية أنها ثورية". ويضيف: "علينا أن نبقى ضمن الاطار الإنساني رغم أن المسؤول الأول عن حالات الخطف واضح من هو، وسيتضح أكثر مع هذه الحركة".
يوضح يحيى حكوم، أحد أصحاب فكرة الحملة ومنظميها، أنّ الهدف منها هو "التذكير أولاً باختفاء الأب باولو القسري، وجعل قضية المعتقلين السوريين المغيبين سواء لدى النظام السوري أو لدى داعش، قضية حاضرة إعلامياً". ويشير إلى أن ذلك سيتم من خلال تنسيق وقفات مستمرة تحمل صورة الراهب المختطف، وصور عدد من المعتقلين، إما لدى النظام أو التنظيمات المتطرفة.
نجح النظام السوري بطرد الأب باولو من الأراضي السوريّة. وهو القرار الذي واجهه سوريون كُثر بالرفض والاستهجان في حينها. غير أنّ النظام لم يتمكن من عزله عن الحدث السوري، إذ عاد دالوليو بقوّة إلى الساحة السورية من البوابة الاعلامية عبر مختلف القنوات العربية والأجنبيّة، ليبث برنامجه الخاص عبر قناة "أورينت". نقل الأب باولو عبر برنامجه معاناة السوريين في مخيمات اللجوء، وحمل معه آمال ورغبات السوريين خارج تلك المخيمات.