ومن مؤشرات تعجّل روسيا في التنسيق مع الجانب الإيراني، بالتزامن مع الإعلان عن العقوبات الأميركية المحتملة، تأكيد وزارة الخارجية الروسية عن عقد لقاء بين وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف، والإيراني محمد جواد ظريف، في موسكو، يوم الثلاثاء المقبل.
واستبق لافروف لقاءه المرتقب مع ظريف، بتوجيه خطاب إلى أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، أشار فيه إلى "انعدام مسوغات موضوعية لطرح مسألة حظر توريد الأسلحة إلى إيران أمام مجلس الأمن"، مذكّراً بالطابع المؤقت لقرار رقم 2231 الداعم لخطة العمل الشاملة المشتركة لعام 2015، والذي يحدد كيفية توريد الأسلحة والمعدات العسكرية من سبع فئات.
وأضاف لافروف، في الخطاب الذي أوردت صحيفة "كوميرسانت" الروسية مقتطفات منه، أنّ "إمدادات الأسلحة لا علاقة لها بالبرنامج النووي الإيراني"، معرباً عن قلقه البالغ من "سعي واشنطن لتحقيق أهدافها دون النظر لا إلى المنطق ولا إلى رأي الدول الأخرى".
وفي هذا الإطار، يتوقع الخبير في نادي "فالداي" الدولي للنقاشات، المحلل السياسي فرحات إبراهيموف، ألا تقتصر أعمال موسكو على إدانات لفظية للخطط الأميركية، بل ستصل إلى استخدامها هي وبكين حق النقض (الفيتو) بمجلس الأمن الدولي سعياً منهما لمنع تطبيق العقوبات بحق إيران.
وقال إبراهيموف، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "واشنطن تسعى مرة أخرى للفت أنظار المجتمع الدولي بأسره إلى إيران، زاعمة أن طهران هي المصدر الرئيسي للشرّ في الشرق الأوسط، ويجب عزلها عن العالم أجمع. لكن في الواقع، ما يقلق الأميركيين هو احتمال تكثيف العلاقات بين روسيا وإيران، وتطور التعاون الإيراني الصيني في مجال توريد الأسلحة".
وحول كيفية تعامل موسكو وبكين مع التحركات الأميركية الأخيرة ضد إيران، أضاف: "من المرجح أن تستخدم روسيا والصين حق النقض في حال عملت الولايات المتحدة على تمرير مشروع قرار تمديد حظر توريد الأسلحة وإعادة تفعيل العقوبات الدولية السابقة. لن تغضّ موسكو الطرف عن الأمر، لا سيما أن الولايات المتحدة هي التي انسحبت من خطة العمل الشاملة المشتركة، بينما التزمت طهران بأحكام الاتفاق النووي طوال هذه الفترة، كما لم يؤكد مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية أي حقيقة تدل على مخالفة شروط تطوير البرنامج النووي السلمي".
ومع ذلك، يبدو أنّ الموقف الروسي- الصيني لن يضمن حصانة إيران من العقوبات هذه المرة، وفق "كوميرسانت"، التي أشارت إلى أنّ واشنطن تراهن على استخدام آلية خاصة منصوص عليها في القرار رقم 2231 لإعادة تفعيل العقوبات الدولية السابقة، بما فيها فرض قيود على توريد الأسلحة والتعاون الاقتصادي وتجميد الأصول الخارجية.
وعلى الرغم من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي الإيراني، قبل عامين، إلا أنها تصرّ على الحفاظ على صفة المشارك فيها، مما ينذر باحتدام معركة دبلوماسية في مجلس الأمن.
وعلّق إبراهيموف على تأثير العقوبات الدولية، إن طبقت، على عمل الشركات الروسية في إيران، بالقول: "لن تتمكن الشركات الروسية الكبرى من العمل في إيران في حال فُرضت عقوبات دولية، وسيتعين عليها إما الانسحاب من إيران خلال مدة زمنية محددة، وإما إنشاء شركات فرعية على غرار الآلية التي أنشأتها الصين عند فرض العقوبات الأممية بحق الجمهورية الإسلامية لأول مرة عام 2006. كما يمكن لموسكو وبكين إطلاق آلية مشابهة لـ(إنستكس) الأوروبية للالتفاف على العقوبات الأميركية".
وخلص الخبير الروسي إلى أن روسيا والصين لن تعدلا على الأرجح عن التعاون الوطيد مع إيران، وستضعان خريطة طريق تساعد في التعاون معها على المدى البعيد وفي أوقات سريان العقوبات الأميركية.
وكان معاون الرئيس الروسي يوري أوشاكوف، قد أعلن، في الخريف الماضي، أنّ الشركات الروسية الرائدة في قطاع النفط والغاز، بما فيها "غازبروم" و"غازبروم نفط" و"روس نفط" و"لوك أويل"، تنظر في إمكانية استثمار حقول كبرى في إيران، مما سيعزز، على ما يبدو، عزم روسيا على الدفاع عن حليفها ومصالحها الاقتصادية معه في مجلس الأمن الدولي.
يذكر أنّ الجمهوريين في الكونغرس الأميركي اقترحوا، أول من أمس الأربعاء، حزمة من العقوبات بحق خصوم الولايات المتحدة، بمن فيهم الحزب الشيوعي الصيني وروسيا وإيران.
وشمل مشروع العقوبات، الذي نشرت نبذة عنه على موقع الكونغرس، فرض عقوبات على المشاريع الروسية في قطاع النفط والغاز والسندات الروسية، وتصنيف روسيا كـ"دولة راعية للإرهاب"، بالإضافة إلى فرض عقوبات على مزيد من قطاعات الاقتصاد الإيراني والأطراف الإقليمية الموالية لإيران، مثل المليشيات في العراق وسورية واليمن والنظام السوري و"حزب الله" اللبناني.