صفقات الأسلحة... وسيلة مصر لضمان الالتفاف على قضية ريجيني

11 يونيو 2020
لا تقدّم في قضية ريجيني (Getty)
+ الخط -


تمضي مصر في طريقها لتصبح الدولة الأكثر استيراداً للأسلحة من إيطاليا، في محاولات مستميتة من النظام المصري للالتفاف على القضية الحقوقية الشائكة القائمة بين البلدين منذ مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي اختفى في القاهرة في 25 يناير/ كانون الثاني 2016، ولتعويض عدم تحقيق أي تقدّم ملموس في التعاون الأمني والقضائي بين البلدين لكشف الحقيقة.
وكشفت معلومات جديدة حصلت عليها "العربي الجديد" من مصادر دبلوماسية أوروبية، أن مصر ستحتل المركز الأول في قائمة المستوردين للأسلحة الإيطالية لعام 2019، التي لم تعلنها وزارة الخارجية الإيطالية حتى الآن، ولم تتحها لوسائل الإعلام المحلية.

وتتضمن المعلومات تفصيلياً أن الخارجية الإيطالية أصدرت العام الماضي قرارات اعتماد لصفقات تسليح لمصر بقيمة إجمالية بلغت 870 مليون يورو. وهذا الرقم هو الأضخم في تاريخ العلاقات العسكرية بين البلدين. ففي عام 2018 كانت مصر قد حققت رقماً قياسياً على مستوى مشتريات الأسلحة والذخائر والأنظمة المعلوماتية الإيطالية بقيمة تتخطى 69 مليون يورو، وكان هذا أكثر من ضعف أكبر مبلغ دفعته مصر نظير الأسلحة الإيطالية في عام واحد على الإطلاق، وبرقم يفوق بكثير سعر مشترياتها من الأسلحة والذخيرة في كل الأعوام من 2013 إلى 2017.

ففي عام 2013 استوردت مصر أسلحة من إيطاليا بمبلغ 17.2 مليون يورو، وفي عام 2014 استوردت بمبلغ 31.8 مليون يورو، وفي عام 2015 بلغ ثمن الواردات 37.6 مليون يورو، ثم انخفضت الواردات بشكل ملحوظ عام 2016، ليبلغ سعرها 7.1 ملايين يورو، وفي 2017 ازدادت بصورة طفيفة إلى 7.4 ملايين يورو، قبل أن تصل إلى مستوى قياسي في عام 2018 بمبلغ 69.1 مليون يورو.

وبالعودة إلى تفاصيل عام 2019، أوضحت المصادر أن نصف قيمة الصادرات (نحو 400 مليون يورو) تتمثل بشراء 32 طائرة مروحية من طراز "أغوستا-ويستلاند 149" التي لم تحصل عليها مصر حتى الآن، على الرغم من طلبها في إبريل/ نيسان الماضي من شركة "ليوناردو" في روما.
وكان من المتوقع أن تصل هذه الطائرات المنتجة العام الماضي خلال أشهر معدودة، وتتوقف الصفقة على عدد من البنود المالية، ومن المحتمل أيضاً زيادة عددها إلى 34 وفق العقد المبرم بين الطرفين في إبريل/ نيسان 2019.


وكشفت المصادر أيضاً أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمر في ذلك الوقت بإسناد عقد توريد هذه الطائرة للشركة الإيطالية، بعد منافسة مع شركة "NHI" الفرنسية المنتجة لمروحيات NH90 بحجة انخفاض سعر الإيطالية، علماً بأن الفرنسية تستخدم على نطاق أوسع بكثير من منافستها في القوات البحرية لعدد من الدول ذات السمعة العسكرية الجيدة، مقابل استخدام ضئيل عالمياً للمروحية الإيطالية. أما باقي المبالغ التي صدرت بها الاعتمادات، فتتعلق بأسلحة أخرى وذخائر وأنظمة معلوماتية ورادارية.
وذكرت المصادر أن هذه الاعتمادات الخاصة بالعام الماضي التي بدأ إصدارها في مايو/ أيار 2019، هي جزء محسوب من الصفقة القياسية الإجمالية التي ستتخطى 9 مليارات يورو بين البلدين، وسيجري تقسيطها على مراحل دفع وتسليم، بناءً على اتفاق بين القاهرة وروما.

وقبل بضعة أيام، كشف مصدر دبلوماسي مصري لـ"العربي الجديد" عن إتمام اتفاق بين السيسي ورئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، على شراء فرقاطتين من نوع "فريم" متعددتي المهام بقيمة 1.5 مليار يورو لتنضما إلى مثيلتهما التي سبق أن اشترتها مصر من فرنسا. وأضاف المصدر أن الاتفاق تمّ خلال المباحثات الهاتفية التي جرت بين الطرفين، الأحد الماضي، والتي ركزت أساساً على الأوضاع في ليبيا، وتطرقت إلى العلاقات الثنائية بين البلدين. وكان البيان المصري الرسمي الصادر عن المباحثات قد أشار إلى مناقشات حول "التعاون العسكري" من دون إيضاح مزيد من التفاصيل.
وأوضح المصدر أنه بموجب هذا الاتفاق، أصدرت وزارة الخارجية الإيطالية موافقتها على خطاب الاعتماد الخاص بالصفقة، ما يعني السماح للشركة المصنعة بتصدير الفرقاطتين إلى مصر.

وتتزامن الصفقة مع توتر الأوضاع في ليبيا بين قوات حكومة الوفاق المدعومة سياسياً وميدانياً من تركيا، ومليشيات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر والمجموعات التابعة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح والمدعومين من مصر والإمارات والسعودية. وتحمل الفرقاطتان اسمي "سكيرجات" و"بيانكي"، ومن الأكيد أن تعيد القوات البحرية المصرية تسميتهما بقرار من السيسي.

المساهمون