بيع الأسلحة الأميركية للسعودية والإمارات: إدارة ترامب تواصل تبييض جرائم حليفتيها

24 مايو 2020
خلال احتجاج في كاليفورنيا ضد بيع أسلحة للسعودية(رونين تيفوني/Getty)
+ الخط -
على الرغم من الاعتراضات والتحقيقات الداخلية والاتهامات المختلفة، إلا أنّ إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مستمرة في إيجاد طرق وأساليب ومبررات لمواصلة بيع الأسلحة لكل من السعودية والإمارات، وذلك على الرغم من الأدلة الكثيرة التي تدين الدولتين، خصوصاً في حربهما في اليمن، وتسرّب الأسلحة الأميركية إلى جماعات مسلحة في هذه الدولة منها ما هو مرتبط بتنظيم "القاعدة"، وهو ما كانت تجري تحقيقات أميركية بشأنه. وقال مسؤولون حكوميون أميركيون لشبكة "سي أن أن" الأميركية، بحسب تحقيق نشرته الشبكة يوم الجمعة الماضي، إنّ إدارة ترامب برأت الإمارات من ارتكاب مخالفات، ووافقت على بيع محتمل لآلاف المركبات المدرعة لأبوظبي، على الرغم من الأدلة على قيام الأخيرة بعمليات نقل غير مصرح بها لمعدات عسكرية أميركية إلى جماعات مسلحة في اليمن.
وكان كشف تحقيق أجرته "سي أن أن" في فبراير/شباط من العام الماضي أنّ حليفتي واشنطن، الرياض وأبوظبي، قدمتا أسلحة أميركية الصنع للمقاتلين المرتبطين بالقاعدة ومليشيات متشددة وفصائل مقاتلة أخرى في اليمن، على الرغم من اتفاقاتهم مع واشنطن التي تحظر ذلك. وقالت وزارة الدفاع في ذلك الوقت إنه بموجب الاتفاقات، كان مطلوباً قانونياً من الإمارات والسعودية الحصول على إذن لنقل المعدات إلى أطراف أخرى، ولكن لم يتم الحصول على هذا الإذن على الإطلاق. وفي أعقاب نشر تقرير شبكة "سي أن أن"، بدأت الحكومة الأميركية تحقيقها الخاص، والذي تضمن إرسال فرق إلى الإمارات والسعودية، ووقف شحنات أسلحة أميركية إلى الإمارات بانتظار نتائج هذا التحقيق. وقال مسؤولان أميركيان على دراية بالتحقيق المشترك بين وزارة الخارجية والبنتاغون لشبكة "سي أن أن"، إنّ الأمر استغرق أكثر من عام لإكماله بسبب ما وصفه أحد المصادر بـ"تكتيكات تأخير من قبل الإمارات".

وبينما انتهى التحقيق في وقت سابق من هذا العام، لم يتم الإعلان عن نتائجه. لكن العديد من المسؤولين الحكوميين وداخل الإدارة الأميركية قالوا لـ"سي أن أن"، إنه تمّت تبرئة الإمارات. وقال مصدر آخر مطلع على التحقيق إنّ وزارة الخارجية أبلغت بعض القادة في الكونغرس أنها "مقتنعة بأنه لم يتم إجراء عمليات نقل فعلية (للأسلحة)"، و"تأكدت من أن الإمارات تقدر تماماً نصّ اتفاقياتها" مع الولايات المتحدة. وقال المصدر إنه بهذا التأكيد أعطى المشرعون مباركتهم لبيع جديد مقترح لأجهزة عسكرية أميركية للإمارات.
وفي 7 مايو/أيار الماضي، أعلنت وكالة التعاون الأمني الدفاعي الأميركية، أنّ وزارة الدفاع وافقت على بيع ما يصل إلى 4569 مركبة مقاومة للألغام إلى الإمارات بتكلفة تقدر بـ556 مليون دولار. وقالت إنّ الصفقة ستخدم المصلحة الوطنية الأميركية من خلال المساعدة في دعم أمن "شريك إقليمي مهم".


لكن الافتقار إلى الشفافية بشأن نتائج التحقيق الأميركي أثار تساؤلات حول مدى ملاءمة قرار إدارة ترامب بالموافقة على بيع أسلحة جديدة إلى الإمارات، بالنظر إلى الأدلة على عمليات النقل السابقة للأسلحة غير المصرح بها، ومعارضة الكونغرس للعديد من مبيعات الأسلحة المقترحة العام الماضي. ولم تؤكد الإمارات أو تنكر ما إذا كانت قد تمت تبرئتها في رد على توضيح طلبته "سي أن أن"، لكنها قالت إنّ "قواتها المسلحة أكدت للحكومة الأميركية التزامها المستمر بشروط وأحكام" مبيعات الأسلحة. وأكدت وزارة الخارجية الأميركية لشبكة "سي أن أن" أنّ تحقيقها انتهى. وقال مسؤول من دون تقديم مزيد من التفاصيل: "نعتقد أنّ الإمارات لديها الآن فهم أفضل لالتزاماتها". لكن بعض المسؤولين الحكوميين الأميركيين قالوا للشبكة نفسها، إنهم قلقون من تبرئة الإمارات من ارتكاب مخالفات، وإنّ هذه الخطوة المثيرة للجدل تمّ اتخاذها أثناء تركيز الكونغرس على أزمة فيروس كورونا الحالية.

وقال أحد المسؤولين: "كانت لدينا مشاكل حقيقية في الحصول على تعاون من قبلهم (الإمارات) في تحقيقنا. لم يشعروا بأنهم قد ارتكبوا أي خطأ، وهذا لا يبشر بالخير لناحية الامتثال لنصوص الاتفاقيات في المستقبل. لكن الرسالة التي وصلتنا هي أنّ الرئيس دونالد ترامب يريد القيام بصفقات الأسلحة، والآن هو الوقت المناسب للمضي قدماً".
وتأتي هذه المعلومات بالتزامن مع اتهامات لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بالضغط على المسؤولين لإيجاد طرق لتبرير مبيعات الأسلحة للسعودية، وإقالة المفتش العام لوزارة الخارجية، ستيف لينيك، من قبل ترامب بناء على توصية من بومبيو. علماً بأنّ الأخير كان يحقق في محاولة الإدارة الأميركية تسريع مبيعات أسلحة للسعودية والإمارات بقيمة 8 مليارات دولار العام الماضي متجاوزةً الكونغرس، بعد إعلان حالة الطوارئ. وفي مايو/أيار من العام الماضي، أعلنت إدارة ترامب، حالة الطوارئ، لتجاوز الكونغرس وتسريع مبيعات الأسلحة بمليارات الدولارات إلى دول مختلفة، من بينها السعودية، والإمارات، مشيرة إلى "الحاجة إلى ردع النفوذ الخبيث لإيران في جميع أنحاء الشرق الأوسط". وقوبلت الخطوة بإدانة من الحزبين الجمهوري والديمقراطي، إذ انتقدها المشرعون، وشككوا في مزاعم الإدارة في حالة الطوارئ، كما أثارت الخطوة الجدل حول سجلّ السعودية في مجال حقوق الإنسان وقضية مقتل الصحافي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في إسطنبول مطلع أكتوبر/تشرين الأول عام 2018. وقالت أربعة مصادر لشبكة "سي أن أن" إنّ بومبيو دفع مسؤولي وزارة الخارجية لإيجاد طريقة لتبرير إعلان الطوارئ لتسريع مبيعات الأسلحة.

بدوره، قال مصدر بالكونغرس الأميركي لـ"سي أن أن"، الاثنين الماضي، إن بومبيو، رفض التعاون وإجراء مقابلة مع مكتب المفتش العام بوزارة الخارجية الأميركية، في إطار التحقيقات حول بيع إدارة ترامب أسلحة للسعودية والإمارات العام الماضي. ويأتي الادعاء برفض بومبيو التعاون مع التحقيق، بعدما قال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إليوت إنغل، إن المفتش ستيف لينيك، الذي أقاله ترامب يوم الجمعة الماضي، "أنهى تقريباً تحقيقاً في قرار بومبيو المثير للجدل في ما يتعلق ببيع الأسلحة". وعبر النائب الديمقراطي عن نيويورك، عن اعتقاده بأن التحقيق قد يكون أحد أسباب طرد لينيك. وأوضح إنغل في بيان لـ"سي أن أن"، أن مكتب لينيك، كان يجري تحقيقاً، بناء على طلبه، في "إعلان ترامب المزيف لحالة الطوارئ حتى يتمكن من إرسال أسلحة إلى المملكة العربية السعودية". وتابع رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأميركي: "ليس لدينا صورة كاملة بعد، ولكن من المثير للقلق أن وزير الخارجية بومبيو أراد التخلص من لينيك قبل إتمام هذا العمل".