ووسط حضور عدد كبير وغير مسبوق من قادة الكتل السياسية، أبرزهم زعيم "تيار الحكمة"، عمار الحكيم، وزعيم تحالف "الفتح"، هادي العامري، وزعيم تحالف "عطاء"، فالح الفياض، وزعيم تحالف "النصر"، حيدر العبادي، فضلاً عن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان، كُلِّف اليوم الخميس مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة.
ويتعين على الكاظمي تشكيل حكومته في مدة لا تتجاوز ثلاثين يوماً بعد تصويت البرلمان العراقي عليها.
في المقابل، قال مسؤول عراقي في ديوان الرئاسة لـ"العربي الجديد"، إن اجتماعاً يجري في الوقت الراهن داخل قصر السلام بين القيادات والزعامات العراقية السياسية المختلفة مع رئيسي البرلمان والجمهورية.
ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن الاجتماع بمثابة إذابة جليد وتراضٍ بين قيادات سياسية مختلفة، فضلاً عن الاتفاق على دعم رئيس الوزراء المكلف الجديد مصطفى الكاظمي في مهمته.
بدوره، نقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس تحالف "الفتح"، هادي العامري، قوله إن "السياقات الدستورية عادت إلى طبيعتها، وإن الكتلة الأكبر أخذت استحقاقها". وأضاف: "سندعم رئيس الوزراء المكلَّف مصطفى الكاظمي بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة".
ويمهد تكليف رئيس جهاز المخابرات العراقي مصطفى الكاظمي، تشكيل الحكومة بديلاً من عدنان الزرفي الذي اعتذر عن عدم التكليف رسمياً، لبداية حسم ملف شخصية رئيس الوزراء القادم.وجاءت الخطوة إثر اتفاق سياسي بين القوى العربية الشيعية في بغداد، انتهى إلى اختيار الكاظمي، كنقطة التقاء بين المعسكرين الشيعيين المتناحرين حيال شخصية رئيس الحكومة منذ استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من منصبه نهاية ديسمبر/ كانون الأول الماضي بفعل الاحتجاجات الشعبية. وبذلك يكون العراق قد اجتاز أكثر مراحل أزمته السياسية حرجاً، بعد تلويح فصائل مسلّحة مرتبطة بإيران بالتدخل في حال استمرار تكليف الزرفي بمشوار تشكيل الحكومة.
والكاظمي الذي أصبح أصغر رئيس وزراء منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة مطلع القرن الماضي، إذ يبلغ من العمر 53 عاماً، هو مصطفى عبد اللطيف الكاظمي، من مواليد بغداد عام 1967، وينحدر من محافظة ذي قار (جنوباً) معقل الاحتجاجات.
يحمل الكاظمي شهادة بكالوريوس في القانون، وقد غادر العراق عام 1985، وانخرط في صفوف حركات المعارضة لنظام صدام حسين السابق، وهو متزوج وله طفلان.
وبحسب معلوماتٍ حصل عليها "العربي الجديد"، فقد عمل الكاظمي بعد الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 رئيساً لتحرير مجلة "الأسبوعية" التي كان يملك امتيازها رئيس جمهورية الحالي برهم صالح، ثم اشتغل كاتباً ومديراً لتحرير قسم العراق في موقع "مونيتور" الأميركي، وركزت مقالاته على ملفات السلم المجتمعي في العراق، فيما كشف العديد من الإخفاقات التي صاحبت تجربة النظام السياسي بعد عام 2003.
بعدها، وبحسب المعلومات، توجه الكاظمي نحو العمل المدني، حيث أدار من بغداد ولندن مؤسسة "الحوار" الإنساني، وهي منظمة معنية بحل الأزمات سلمياً والتثقيف في مجالات نبذ العنف.
وللكاظمي كتابان مطبوعان، أحدهما عن مسألة العراق، والآخر بعنوان "المصالحة بين الماضي والمستقبل".
وفي يونيو/ حزيران 2016، عيَّن رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، مصطفى الكاظمي مديراً عاماً لجهاز المخابرات، إبان سيطرة تنظيم "داعش" على مدن في شمال العراق وغربه، بعد إقالة مديره اللواء زهير الغرباوي. وكان الكاظمي حينها وكيلاً للجهاز لشؤون العمليات.
وحتى الشهر الماضي كان الكاظمي مرفوضاً من قبل قوى سياسية وفصائل مسلّحة معروف قربها من إيران، ووجّهت إليه مليشيات عدة، من بينها مليشيات "كتائب حزب الله"، اتهامات عديدة، مدعيةً أنه متورط بالترتيب لاغتيال قائد "فيلق القدس"، قاسم سليماني مطلع يناير/ كانون الثاني الماضي من قبل القوات الأميركية، وهو ما نفاه جهاز المخابرات، واعتبر تلك الاتهامات تهدد السلم الأهلي في العراق.
واستمرّ تصعيد قوى سياسية ضد الكاظمي، إلا أنه تلاشى بعد لقاء الأخير بالأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني في زيارته الأخيرة للعراق مطلع الشهر الماضي، ليبرز مجدداً اسمه مرشحاً توافقياً بدلاً من عدنان الزرفي.