المتعاونون مع الأمن المصري هدف لـ"ولاية سيناء"

29 ابريل 2020
لا تبالي القوى الأمنية بالناس في وسط سيناء(Getty)
+ الخط -
يستهدف تنظيم "ولاية سيناء" الموالي لتنظيم "داعش"، في حملة أمنية هي الكبرى منذ سنوات، المتعاونين مع قوات الأمن المصرية في مناطق وسط وشمال سيناء، إذ اختطف وقتل عدداً منهم، وأحرق منازلهم وممتلكاتهم وسياراتهم وصادر مصدر رزقهم، وذلك بعد رسائل وجّهها إليهم خلال الفترة الماضية بضرورة الابتعاد عن العمل مع قوات الجيش والمخابرات المصرية. ومع ردّ هؤلاء بنشر تهديدات، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يدعون فيها إلى الاحتشاد من أجل القضاء على التنظيم، بعد انتهاء شهر رمضان (أي بعد الأسبوع الثالث من شهر مايو/ أيار المقبل)، استبقهم التنظيم بضربة قاسية، أدت إلى وقوع خسائر بشرية ومادية في صفوفهم.

وفي التفاصيل، كشف مصدر قبلي من وسط سيناء لـ"العربي الجديد" أن التنظيم اختطف خلال الأسبوعين الأخيرين عدداً من المواطنين بحجة التعاون مع الجيش والمخابرات بوسط سيناء، وقتل العديد منهم، كسليم عطية أبو سحبان، وعواد أبو الرقيع الذي قُتل حرقاً وأُضرمت النار في منزله وسيارته، بعد مطاردة التنظيم له على الطريق وصولاً إلى منزله. في المقابل فإن قوات الجيش لم تعط أي اهتمام لما جرى منذ أسبوعين، لا بفرض حماية للمواطنين، ولا في تشديد الإجراءات الأمنية في مناطق وسط سيناء، بما يمنع التنظيم من التحرك بأريحية كما هو عليه الحال في هذه الفترة، وسط حالة من التذمّر في أوساط المواطنين نتيجة ما يجري في المنطقة.

وأضاف المصدر نفسه أن من بين المعتقلين ثلاث عائلات بأكملها، وخمسة أفراد آخرين، بالإضافة إلى مصادرة عدد من السيارات التي يستخدمها المواطنون في التحرك بالمنطقة، سواء بمرافقة قوات الجيش أو في قضاء مصالحهم. في المقابل، لم تقدم قوات الجيش أي تعويض لعائلات القتلى أو المصابين أو حتى عن الأضرار المادية التي لحقت بهم على يد التنظيم، الذي عاد إلى النشاط أخيراً في مناطق وسط سيناء، بعد غيابه عنها مع بدء العملية العسكرية الشاملة مطلع عام 2018، منفذاً هجمات عدة ضد قوات الجيش خلال الأسابيع الماضية، أدت إلى وقوع خسائر بشرية ومادية في صفوفها. وأكد المصدر أن مجموعات "داعش" في وسط سيناء صغيرة ويمكن السيطرة عليها، وليس كما الحال في شمال سيناء، حيث الانتشار العسكري الواسع للتنظيم، بالتالي ارتفعت دعوات المواطنين في الوسط إلى ضرورة تشديد الجيش إجراءاته في ملاحقة التنظيم قبل تمدده وصعوبة السيطرة عليه في مرحلة لاحقة.


يشار إلى أن الجهات الحكومية المصرية لا تعترف بالقتلى المدنيين المتعاونين مع الجيش، ولا تمنح لهم أية ميزات مادية أو معنوية، كما يحصل مع العسكريين المقتولين في المعارك مع ذات العدو، في تأكيد للتمييز الحاصل في التعامل مع المشاركين في الحرب على الإرهاب، وبالتالي فإن المدني المتعاون مع قوات الأمن لا يحظى بالتكريم لا في حياته ولا بعد مماته.

في السياق، يقول باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد" إن الجيش المصري والمخابرات لا يعيران اهتماماً للمتعاونين معهما من المدنيين، ويضعانهم في الخانة نفسها مع العناصر المتشددة، وكلما قتل أحد المتعاونين رغم أهميته يعتبران أنهم "تخلصا من إرهابي محتمل"، فالدولة المصرية لا ترى في المواطن المصري في سيناء فرداً صالحاً كبقية سكان الجمهورية، وبالتالي فإن قوات الجيش والمخابرات لا يمكنها أن تجتهد، ولو بالقليل، في سبيل الحفاظ على هؤلاء المتعاونين. ويوضح أن هذا ما رأيناه مسبقاً في مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، إذ تمكن التنظيم من قتل واختطاف عشرات المتعاونين مع قوات الجيش والشرطة، مرتكباً جرائم إنسانية بدفنهم أحياء وحرق جثثهم وممتلكاتهم والتعرض لعائلاتهم، وذلك كله لا يحرّك ساكناً لدى العسكريين والأمنيين الذين يشتغل المتعاونون تحت إمرتهم.

ويضيف الباحث، الذي رفض الكشف عن هويته لوجوده في سيناء، أن ما سبق ربما يكون مخيفاً للمتعاونين، خصوصاً أن تنظيم "ولاية سيناء" ما زال يمارس إرهابه، بعد مرور أكثر من ست سنوات على المعارك مع قوات الجيش في حرب استنزاف كبيرة في طول سيناء وعرضها، فالتنظيم يلاحق المتعاونين في وسط سيناء، لجعلها أرضاً خصبة وجاهزة للعمل العسكري خلال المرحلة المقبلة، في حين أن مجموعاته العسكرية في مدن رفح والشيخ زويد وبئر العبد تواصل نشاطها بشكل ملحوظ، عبر سلسلة من الهجمات والتفجيرات المتتالية، فيما تردّ قوات الجيش المصري بهجمات جوية فقط.