من جهته، كشف قيادي بارز في تحالف "سائرون"، بقيادة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، لـ"العربي الجديد"، بأن "التيار الصدري اتخذ موقفاً بعدم المشاركة في الحكومة المؤقتة، برئاسة مصطفى الكاظمي، مخوّلاً رئيس الوزراء المكلف باختيار الوزراء من حصة تحالف سائرون بنفسه من دون أي تدخل"، واصفاً القرار بأنه "ثابت ولن يتغير". ونبّه إلى أن قوى سياسية شيعية سبق أن خوّلت الكاظمي بتسمية الوزراء من دون أي تدخل، لكنها عادت مرة أخرى وطلبت منه تحديد الوزارات المخصصة للمكون الشيعي، خصوصاً السيادية منها، كالنفط والداخلية والخارجية، واعتبرت أن تسمية الوزراء يجب أن يمر من خلالها وبالعودة إلى رأيها.
وأضاف القيادي أن العودة لتلك المطالبات خلقت خلافات بين الكتل الشيعية حول توزيع الوزارات في ما بينها، والأمر لا يختلف عن القوى السنية والكردية، لكن الأخيرتين هما أكثر وضوحاً في ما يتعلق بشروطهما ومطالبهما من الحكومة، على اعتبار أن مبدأ اختيار رئيس الوزراء نفسه تمّ وفق مبدأ المحاصصة، إذ أُطيح رئيس الوزراء المكلف السابق عدنان الزرفي بسبب اعتماد هذا المبدأ. وكشف أن القوى السياسية تسعى إلى الحصول على أكبر قدر ممكن من المكاسب في الوقت الحالي، لأن فرص الانقلاب على الكاظمي وسحب الدعم منه، باتت أصعب من أي وقت مضى بعد تجربتَي محمد توفيق علاوي وعدنان الزرفي.
من جهته، أشار نائب رئيس الوزراء السابق بهاء الأعرجي، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "قادة الكتل السياسية قبل أيام خوّلوا الكاظمي اختيار تشكيلته الوزارية بحريّة، غير أنه بعد أيام عدة، هؤلاء القياديون ذاتهم أرسلوا ممثلين عنهم إلى الكاظمي من أجل المطالبة بمواقع وزارية محددة وترشيح شخصيات معيّنة". وأضاف أن "قادة الكتل السياسية الشيعية تحديداً أعلنوا عند تكليف الكاظمي بأن حقهم الانتخابي عاد إليهم بعد ترشيح رئيس الوزراء من خلالهم، باعتبارهم الكتلة البرلمانية الكبرى، بالتالي إذا كان الكاظمي مرشح الكتلة الكبرى، تكون مهمة نجاحه من مسؤولية هذه الكتلة، ولا يستطيع أحد التهرب من هذا الموضوع". وشرح الأعرجي أن "المشكلة الآن محصورة بالتنافس بين القوى السياسية في المكون الواحد على المناصب، وليس مع الكاظمي. كما أن كل الكتل من جميع المكونات متمسكة بالمحاصصة، وهذا واضح جداً، والتأخير حاصل بفعل الخلافات على الحقائب الوزارية، في سياق تصفية الحسابات والصراع على وزارات النفط والمالية والداخلية وغيرها".
وأبدى "تحالف الفتح" تأييده مبدأ المحاصصة، حسب ما أفاد القيادي في التحالف النائب حنين قدو، في حديث لـ"العربي الجديد". وأضاف أن "حكومة مصطفى الكاظمي، ستكون حكومة محاصصة، فجميع الكتل السياسية لن تتنازل عن حصصها في الوزارات، وهذا أحد شروطهم للتصويت على الحكومة الجديدة". ولفت إلى أن "بعض الأحزاب الشيعية، التي أعلنت عن تنازلها عن استحقاقها الانتخابي والسياسي ستكون لها حصة من الوزارات والمناصب الأخرى في الحكومة الجديدة، كما أن أعضاء الحكومة الجديدة سيكونون من الشخصيات الحزبية الموالية للكتل السياسية الكبيرة، حتى ولو لم يمارسوا أي عمل سياسي في الفترة السابقة".
من جانبه، أكد السكرتير العام للحزب الشيوعي العراقي رائد فهمي، استحالة حصول الكاظمي على الدعم المطلق من قبل الكتل السياسية، معتبراً أن الدعم سيزول فور التفاهم على الحصص الوزارية. وقال فهمي في تصريح لوسائل إعلام محلية إن بعض الأطراف السياسية دعمت رئيس الوزراء المكلف للتخلص من عدنان الزرفي، ولا يعنيها دعم الكاظمي من سواه". وأضاف أن "الدعم المطلق الذي أعلنت عنه الكتل السياسية للكاظمي لن يطول كثيرا وسيزول فور الحديث عن الحصص الانتخابية والتوازن الوطني بين المكونات". وأشار فهمي إلى أن "مهمة تشكيل الحكومة لأي شخص سواء كان الكاظمي أو غيره ستكون مهمة معقدة للغاية، لا سيما مع فشل مكلفين سابقين في رئاسة الحكومة".
بدوره، ذكر المحلل السياسي محمد التميمي، لـ"العربي الجديد"، أن "الإعلانات المتتالية السابقة حول تخلي الكتل السياسية عن حصصها ومنح الدعم غير المشروط للكاظمي، كان هدفها إيصال رسائل إيجابية للنجف وللمتظاهرين، وأيضاً محاولة التخلص من حالة الفشل المستمر في العملية السياسية، لكن بعد انتهاء التكليف رأت تلك الكتل أن مصالحها تقتضي العودة إلى ما كانت عليه منذ 17 عاماً، وهو مبدأ المحاصصة".
ولفت التميمي إلى أن "تخلي الكتل السياسية عن مناصبها في أي حكومة، يعني إجراء تغيير كبير في المشهدين الحكومي والسياسي عكس ما تريده تلك القوى، لذلك فإنها تجد تخليها عن المناصب ولو بحكومة مؤقتة، خطراً على مستقبلها السياسي، كما أن هذه الكتل تعتمد مالياً وانتخابياً على وزارات عدة وسبق أن حوّلت الكثير منها إلى مكاتب اقتصادية لها في السنوات الماضية، وهي غير مستعدة لإنهاء هذه المكاتب، خصوصاً في الظرف الحالي".