الجزائر: حملة تصعيد ضد الناشطين والمعارضين في عز أزمة كورونا

25 مارس 2020
استمرار الملاحقات والمحاكمات (العربي الجديد)
+ الخط -
تشهد الجزائر تصعيداً لافتاً في ملاحقة الناشطين في بالحراك الشعبي والمعارضين للسلطة السياسية، بعد تجدد حملة الاعتقالات والإدانات القضائية، برغم الأزمة الوبائية إثر انتشار فيروس كورونا، وتعليق الحراك الشعبي للمظاهرات، وتوجهه لدعم المجهود الرسمي والمجتمعي لمواجهة الأزمة، ما أثار سخطا لدى الناشطين وقوى المعارضة بشأن استغلال السلطة لظروف الأزمة.

وقررت محكمة سيدي محمد، وسط العاصمة الجزائرية، اليوم، إيداع الناشط والصحافي خالد درارني الحبس المؤقت، وإلغاء قرار الرقابة القضائية التي كانت مسلطة عليه منذ أسبوعين، كما قررت تمديد إيداع الناشطين سمير بلعربي وسليمان حيطوش الحبس المؤقت، بتهم تعود إلى بداية مارس/آذار الماضي، تتعلق بالتجمهر غير المرخص.

وقبل هذا القرار، كانت مجموعة من عناصر الاستخبارات قد لاحقت، الأسبوع الماضي، الناشط إبراهيم دوجي وسط مدينة مستغانم، واعتقلته من وسط الشارع ونقلته على متن سيارة مدنية إلى العاصمة، وبقي مخفيا عن عائلته ليومين، في عملية وصفتها رابطة حقوق الإنسان المحلية بـ"عودة الاختطافات القسرية التي شهدتها الجزائر في التسعينيات"، قبل أن يظهر في محكمة الجزائر، حيث مثل أمام قاضي التحقيق الذي أمر بإيداعه السجن المؤقت بتهمة التجمهر والتحريض على المظاهرات، كما أعيد اعتقال الناشط توفيق حساني مباشرة بعد خروجه بقرار إفراج من محكمة وسط العاصمة، بزعم وجود أمر بتوقيفه من محكمة الشلف، غربي الجزائر.

وأمس، قدم مجلس الاستئناف لقضاء العاصمة الجزائرية قراراً بتمديد سجن الناشط السياسي البارز في الحراك الشعبي كريم طابو لمدة ستة أشهر إضافية، في جلسة تمت دون إبلاغ محاميه أو علم أسرته بموعد المحاكمة، وأثناء غيابه بعد تعرضه لجلطة خلال الجلسة.


وشجبت الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان ما اعتبرته محاولة أطراف استغلال الأزمة الوبائية لتصفية حسابات سياسية. وأكد البيان أن "ما تمر به الجزائر والعالم في ظل الوباء من إجراءات استثنائية لا يجب استغلاله من طرف بعض الأفراد لتحويلها إلى تجاوزات غير مقبولة يمكنها أن تؤثر على الحريات بصفة عامة، وهذا ما نعتبره خطا أحمر لا يمكن تجاوزه".

ووجهت الرابطة رسالة إلى الرئيس عبد المجيد تبون، ووزير العدل بلقاسم زغماتي، للتدخل "لفتح تحقيق مستعجل خصوصاً في ما يتعلق (بقضية محاكمة كريم طابو) وحق المتهم في الدفاع، وحياد المحكمة الذي يعد الحد الأدنى من ضمانات المحاكمة العادلة، والتحري في تجاوزات تعتبر سابقة خطيرة في تاريخ القضاء الجزائري، بغض النظر عن المتهم وعن التهم المنسوبة إليه".

رسائل تخويف للناشطين

من جهتها، وصفت منظمة العفو الدولية الحكم الصادر ضد طابو، واستمرار ملاحقة الناشطين في هذه الظروف، بأنهما رسالة لتخويف المناضلين السياسيين ونشطاء المجتمع المدني من أن أي شخص يعارض أو ينتقد الحكومة سيُعاقب. وطالبت مديرة منظمة العفو الدولية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هبة مورايف، في بيان لها، السلطات بالإفراج عن طابو وبدون شروط، وإلغاء الحكم الصادر ضده، وضد "جميع من سجنوا فقط بسبب ممارستهم لحقهم في حرية الرأي"، وكذا "اتخاذ الإجراءات المناسبة من أجل حماية صحة جميع المساجين".

وذكر الناشط البارز في الحراك محاد قاسمي، لـ"العربي الجديد"، أن ما يحدث "صادم جدا ومناقض تماما للتعهدات السياسية التي أعلنها الرئيس تبون أمام الجزائريين، وللالتزامات التي أبلغ بها شخصيات سياسية قابلته في إطار الحوار الوطني"، مضيفا: "لا أعلم ما إذا كان ما يحدث مع الناشطين في عز الأزمة الوبائية ناتج عن العقل الأمني المهيمن، أم أنه موجّه ضد الرئيس نفسه لتفجير الوضع واختلاق أزمة؛ على الرئيس أن يتدخل وينتبه لذلك".

وفي السياق، حذرت كتلة قوى البديل الديمقراطي (مجموعة أحزاب تقدمية)، مما وصفته بـ"التجاوز الخطير للإجراءات المرتكبة من طرف العدالة خلال محاكمات سياسية سريعة من قبل عدالة تسير وفق أوامر، ما يدفعنا دون تردد إلى القول إن هناك إرادة لسلطات الخفاء التي تعمل بشكل سريع للمحافظة على بقاء النظام الذي واجهته وتطالب قوى التعبئة الشعبية بتغييره". 

وقال الناشط السياسي العضو في الكتلة ناصر حداد، لـ"العربي الجديد"، إن ما يحدث "يوضح أن السلطة لا تملك مدونة أخلاق ولا تريد تحكيم العقل. كنا نعتقد أن الأزمة الوبائية التي دفعت الناشطين إلى تعليق الحراك والتوجه نحو المساعدة في مواجهة كورونا، ستقابلها السلطة بالتهدئة وتجنب ملاحقة واعتقال الناشطين، لكن العكس هو الذي حدث"، مضيفاً أنه يرجح أن "تكون الأجهزة الأمنية تحاول تشديد قبضتها على المشهد باستغلال الوضع الوبائي، وهذا أمر خطير قد تكون له تداعيات تتحمل السلطة والرئيس تبون مسؤوليتها".