النظام السوري يهدد بعمل عسكري لفتح "أم 4"

19 مارس 2020
يسود هدوء حذر محافظة إدلب ومحيطها(عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

لا يخفي النظام السوري نيّته الانقلاب على الاتفاق الروسي التركي المبرم في الخامس من الشهر الحالي، إذ رفع وتيرة التهديد بشن عمل عسكري واسع النطاق من أجل السيطرة على طريق دولي يصل الساحل في غرب البلاد بمدينة حلب كبرى مدن الشمال السوري، بعد رفض شعبي كبير لوجود دوريات روسية على الطريق. في هذا الوقت، بدأت فصائل المعارضة السورية "مراجعات"، بعد تراجعها الكبير أمام قوات النظام في محافظة إدلب ومحيطها، ما أدى إلى اتفاق روسي تركي خيّب آمال الشارع السوري المعارض.

ونقلت صحيفة "الوطن"، التابعة للنظام، عمن سمته بـ"القائم بأعمال محافظة إدلب" محمد فادي السعدون قوله إن فتح الطريق الدولي اللاذقية حلب، المعروف بـ"أم 4"، قد يتم من خلال عمل عسكري تقوم به قوات النظام السوري بدعم من روسيا، "لأن النظام التركي والتنظيمات الإرهابية، التي يعتبر هو الضامن لها، لن ينفذوا اتفاق موسكو، كما حصل في الاتفاقات السابقة"، وفق زعمه. واعتبر السعدون أن "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) اتخذت من جزء كبير من السكان دروعاً بشرية، لإعاقة مرور الدوريات على الطرق الدولية، وإعاقة تنفيذ الاتفاق، مضيفاً "كما تم نسف وتدمير جسر من أجل إعاقة تنفيذ الاتفاق ومنع تشغيل الطريق". وقال إن الجانب الروسي أعطى تركيا مهلة لتنفيذ الاتفاق، مشيراً إلى أن قوات النظام السوري بانتظار نفاد هذه المهلة "من أجل سدّ الذرائع". وأضاف "أرى أن الأمور ستذهب إلى عمل عسكري".

كذلك نقلت الصحيفة عن مصدر في قوات النظام السوري قوله إن "الأوتوستراد الدولي الذي يصل بين سراقب وأريحا بات مقطوعاً في أكثر من مكان، أهمها قرب مفرق بلدة النيرب وعند معمل القرميد وقرب مدخل مدينة أريحا"، زاعماً أن وجود تلال من الأتربة على الطريق الدولي تعيق تقدم الدوريات، بالإضافة إلى زرع مسامير حديدية على جانبي الأوتوستراد. وفي مؤشر على نيّة النظام إطاحة الاتفاق الروسي التركي في أقرب الآجال، قال المصدر إن "مصير اتفاق موسكو، كمصير اتفاق سوتشي، الذي سبقه منتصف سبتمبر/ أيلول 2018، لجهة عدم تنفيذ أي من بنوده جراء مماطلة وعناد الضامن التركي، باستثناء تطبيق وقف إطلاق النار، كي تعيد التنظيمات الإرهابية تنظيم نفسها لخرق الاتفاق والاستعداد لجولة جديدة من العنف والاحتراب"، وفق قوله.

وكان مدنيون يحتجون على وجود روسي في محافظة إدلب قد أفشلوا سير أول دورية تركية روسية مشتركة على أوتوستراد اللاذقية - حلب الدولي (أم 4)، وفق الاتفاق المبرم بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والروسي فلاديمير بوتين في موسكو في 5 مارس/ آذار الحالي. وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، أخيراً، أنه تم اختصار مسار الدورية الروسية التركية المشتركة في طريق "أم 4" الأحد الماضي، "بسبب استفزازات عصابات مسلحة متطرفة غير خاضعة لتركيا"، مشيرة إلى أنه "تم منح وقت إضافي للجانب التركي لاتخاذ إجراءات ضد التنظيمات الإرهابية، وضمان أمن الدوريات المشتركة على أم 4".


إلى ذلك، أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن هدوء حذراً يسود محافظة إدلب ومحيطها، مع دخول وقف إطلاق النار الجديد يومه الـ13 على التوالي، مشيراً إلى أن قوات النظام حاولت، الثلاثاء الماضي، التسلل على محور الفطيرة ومحاور ريف إدلب الجنوبي، مؤكداً مقتل 4 عناصر وإصابة آخرين من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، خلال المحاولة الفاشلة. وكان الاتفاق بين أردوغان وبوتين قد نصّ على وقف لإطلاق النار في محافظة إدلب، بالإضافة إلى إنشاء ممر آمن على طول الطريق الدولي حلب - اللاذقية (أم 4)، بعمق 6 كيلومترات من الجنوب ومثلها من الشمال، على أن يُتَّفَق على معايير محددة لإنشاء الممر بين وزارتي الدفاع التركية والروسية. أمّا البند الثالث، الذي يتمحور كذلك حول "أم 4"، فيشير إلى بدء تسيير دوريات مشتركة روسية تركية على الطريق الدولي من بلدة الترنبة (غرب سراقب)، وصولاً إلى بلدة عين الحور (آخر نقطة في إدلب من الغرب على تخوم ريف اللاذقية)، مع حلول يوم 15 مارس الحالي.

وفي السياق، ذكرت مصادر مطلعة في فصائل المعارضة السورية أن اجتماعاً عقد منذ أيام في العاصمة التركية أنقرة بين ضباط في الجيش التركي وقادة هذه الفصائل للتباحث في سبل إنجاح اتفاق موسكو. وعقب الاجتماع، أعلن العميد فضل الله الحجي، قائد الجبهة الوطنية للتحرير، التي تعتبر أكبر تجمع لفصائل المعارضة في محافظة إدلب، استقالته من منصبه بعد نحو عامين من قيادته للجبهة. وتضاربت الأنباء عن أسباب الاستقالة. وأكدت المصادر المطلعة أن الجبهة بصدد إجراء مراجعات على خلفية ما جرى في الآونة الأخيرة من تقدم كبير لقوات النظام، وما تلاه من تفاهمات روسية تركية خلقت وقائع جديدة، مشيرة إلى أن استقالة الحجي تأتي في سياق هذه المراجعات.

وأكدت مصادر أخرى أن الاستقالة جاءت على خلفية استياء تركي كبير من أداء فصائل الجبهة الوطنية للتحرير خلال المعارك التي جرت في فبراير/شباط الماضي، والتي أدت إلى تراجع فصائل المعارضة عن مساحة كبيرة في أرياف إدلب وحلب وحماة. ويرأس الحجي، المتحدر من بلدة كفريحمول في ريف إدلب الشمالي، فصيل "فيلق الشام" المدعوم بشكل مباشر من الجانب التركي، والذي يعد أهم فصائل الجبهة الوطنية للتحرير. وشُكلت الجبهة في مايو/ أيار من عام 2018 من خلال اندماج أبرز فصائل الشمال الغربي من سورية في هذا التشكيل، الذي يضم "فيلق الشام"، و"جيش إدلب الحر"، و"الفرقة الساحلية الأولى"، و"الجيش الثاني"، و"الفرقة الساحلية الثانية"، و"جيش النخبة"، و"الفرقة الأولى مشاة"، و"جيش النصر"، و"شهداء الإسلام" (داريا)، و"لواء الحرية"، و"الفرقة 23". وانضم إلى الجبهة لاحقاً فصيل "جيش العزة" بعد خسارته مواقعه في ريف حماة الشمالي منتصف العام الماضي.