على الرغم من إعلان الأمم المتحدة تعيين نائبة رئيس البعثة الأممية في ليبيا، ستيفاني ويليامز، لشغل منصب رئيس البعثة بعد استقالة غسان سلامة، إلا أن مكاتبها لا تزال تشهد مداولات بشأن تعيين السياسي الجزائري رمضان لعمامرة، خلفاً لسلامة، في وقت يشهد فيه معسكر حفتر وحلفائه حراكاً حثيثاً في اتجاه استثمار الزخم القبلي، لتأسيس كيانات قبلية، تعاطياً مع المقاربة الجزائرية للحلّ في ليبيا، والتي تحظى بدعم أفريقي واسع منذ أن قدمتها الجزائر بتنسيق مع تونس كمبادرة للحلّ في ليبيا، في القمة الثامنة لرؤساء دول وحكومات اللجنة العليا للاتحاد الأفريقي بشأن ليبيا في برازافيل بجمهورية الكونغو، نهاية يناير/كانون الثاني الماضي، تحت مسمّى "منتدى المصالحة الليبية الشاملة"، وتبنتها القمة الأفريقية الثامنة.
وعلى الرغم من اعتقاد قطاع من المراقبين أن تعيين ويليامز بشكل مؤقت يعني رغبة الأمم المتحدة في الاستمرار في تقديم الدعم لخارطة الطريق التي طرحها مبعوثها السابق، غسان سلامة، بمساراتها الثلاثة (السياسي والاقتصادي والعسكري)، إلا أن محللين ومراقبين آخرين يرون أن المداولات القائمة بين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وأعضاء مجلس الأمن بشأن تعيين لعمامرة خلفاً لسلامة، كأحد أبرز المرشحين لهذا المنصب، مؤشر آخر يدفع إلى الاعتقاد بأن الأمم المتحدة ترى في المقاربة الجزائرية للحلّ في ليبيا، والتي تبنت مساراً اجتماعياً يتمثل في جمع القبائل الليبية في منتدى للمصالحة، خياراً أفضل، خصوصاً أن لعمامرة يتولى حالياً مهمة الممثل السامي لرئيس الاتحاد الأفريقي لمشروع "إسكات البنادق" الذي طرحه الاتحاد الأفريقي في قمته الثامنة الماضية.
وكانت الجزائر في عهد الرئيس الحالي عبد المجيد تبون قد غيّرت من سياستها السابقة بشأن ليبيا، وفضلت الاقتراب من كل الأطراف الليبية، لا سيما طرفَي الصراع، من خلال زيارات عدة أجراها رئيس الدبلوماسية الجزائري، صبري بوقادوم، لليبيا، الشهر الماضي، منها زيارة لشرق ليبيا التقى خلالها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وقادة مجلس النواب والحكومة الموازية المنبثقة منه، بالإضافة للقائه بعدد من زعماء القبائل الليبية في شرق البلاد.
وعلى الرغم من التوتر الحاصل بين الجزائر وطرابلس بعد مقاطعة حكومة الوفاق لاجتماع وزراء دول الجوار الليبي في الجزائر، في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، احتجاجاً على دعوة الجزائر لوزير خارجية الحكومة الموازية شرق ليبيا، إلا أن بوقادوم أجرى زيارة لطرابلس في 22 فبراير/شباط الماضي، التقى خلالها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج ووزير خارجيته محمد سيالة.
وعلى الرغم من أن الرؤية الجزائرية تلخصها تصريحات رئيس مجلس الأمة الجزائري بالنيابة، صالح قوجيل، أمس الأربعاء خلال استقباله رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الذي يزور العاصمة الجزائر، في أن بلاده تسعى لـ "تمكين الشعب الليبي من تخطي الصعوبات الراهنة بالاعتماد على قدرات أبنائه من دون أي تدخل أجنبي"، إلا أن الباحث الليبي بلقاسم كشادة يبدي مخاوفه من سعي إقليمي لصالح معسكر حفتر لاختراق التوجه الأممي الجديد في ليبيا، مستشهداً بما قاله موقع "مغرب انتليجنس" الفرنسي، عن أن باريس وأبوظبي هما من ضغطتا على سلامة لتقديم استقالته، مشيراً إلى أن العاصمتين الباحثتين عن دعم جديد لتعزيز الجبهة المؤيدة لحفتر، تدعمان اختيار لعمامرة بديلاً عن سلامة.
اقــرأ أيضاً
وتشير تصريحات جديدة للمتحدث باسم قيادة قوات حفتر، أحمد المسماري، إلى سعي حفتر وحلفائه إلى التأثير على شكل المقاربة الجزائرية الساعية إلى البحث عن حلول للأزمة الليبية من خلال مسار القبائل، حيث طالب أي مبعوث أممي جديد بضرورة اعتبار الأزمة في ليبيا أمنية بالدرجة الأولى، معتبراً أن "اجتماع ترهونة الأخير دليل على ذلك، حيث اجتمع 5 آلاف شخص من كل مدن ومناطق ليبيا للتأكيد على ذلك"، وتابع: "أي مبعوث أممي سيأتي سيكون عليه احترام قرارات 5 آلاف قيادة ليبية اجتمعت في ترهونة".
كما رحّب المسماري بمطالبة الاتحاد الأفريقي بمشاركة مندوب أفريقي في مهمة المندوب الأممي إلى ليبيا، وهي مساعٍ يراها كشادة في حديثه لـ"العربي الجديد"، استباقية لتوجيه المقاربة الجزائرية واستثمارها لصالح حفتر سياسياً، بعد أن فشل في السيطرة على الأوضاع عسكرياً.
وتعقد مجموعة الاتصال التابعة للاتحاد الأفريقي حول ليبيا، اليوم الخميس، اجتماعاً بالكونغو برازافيل، لـ"وضع أسس لحوار ليبي ليبي"، وللتأسيس لـ"المنتدى الليبي للمصالحة الوطنية الشاملة".
وأشارت الرئاسة الجزائرية في بيان لها إلى أن هذه الخطوة تتوج "الجهود الجزائرية لتنسيق المواقف الدولية، من أجل استئناف المسار السلمي التفاوضي بين أطراف الأزمة الليبية، بعيداً عن التدخلات العسكرية الأجنبية، وبما يضمن وحدة وسيادة الدولة الليبية الشقيقة".
وقبل أسبوعين، أعلن عدد من زعماء القبائل الليبية الموالية لحفتر عقد لقاء في مدينة ترهونة المتاخمة لطرابلس، والتي تشارك مليشياتها في القتال في صفوف قوات حفتر ضد قوات حكومة الوفاق، داعين "المجتمع الدولي إلى دعم" قوات حفتر بوصفه بـ"الجيش الوطني الشرعي"، كما طالب الاجتماع القبلي في بيانه الختامي "الأمم المتحدة، بسحب اعترافها بما يسمى المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة".
لكن الناشط الاجتماعي، الشيخ فرج الفيتوري، عضو المجلس الأعلى للمصالحة في ليبيا، قال إن حلفاء حفتر القبليين اتجهوا إلى خطوة أكثر تقدماً، من خلال عقد لقاء قبلي واسع بمنطقة هرواة، شرق سرت، الأسبوع الماضي، للإعلان عن تأسيس "المجلس الأعلى للقبائل الليبية"، وعين صالح الفاندي، زعيم قبائل ترهونة، رئيساً له.
ويقول الفيتوري في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الاجتماع الأول للمجلس في هرواة قرّر تأسيس مجلس شباب ليبيا، ليشكّل إطاراً للمقاتلين الشباب في صفوف حفتر، كمحاولة لتوفير غطاء شرعي لقوات حفتر في حال انتهى مجلس النواب في طبرق سياسياً".
ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي، سعى حفتر للزج بالقبائل الليبية في أتون مشاريعه للوصول إلى السلطة، فتمكّن، عبر مليشيات قبلية عدة، من غلق المنشآت النفطية لوقف وصول إيرادات النفط إلى البنك المركزي في طرابلس، والذي تسيطر عليه حكومة الوفاق كورقة للضغط.
وأمام كل هذه المساعي، لا يرجح كشادة أن يقع لعمامرة، كمبعوث أممي محتمل، في شرك مساعي حلفاء حفتر سواء الداخليون أو الخارجون، مرجحاً أن تذهب الخطة الأممية المرتقبة في ذات المسارات الثلاثة، تضاف إليها المقاربة الجزائرية، كمسار اجتماعي رابع، والتي تحظى بتأييد أفريقي واسع.
ويوضح كشادة أن "الجزائر تمتلك سياسة متوازنة بشأن ليبيا، وتغيرها في اتجاه التقارب مع معسكر حفتر لا يلغي تصريحاتها السابقة بأن طرابلس خط أحمر". ويضيف أن المجتمع الدولي لن يسمح بأن تنساق الجهود الأممية ضمن سياسات أي من الدول، ولكن لعمامرة يوفر للأمم المتحدة شيئين، أولهما انتماؤه لبلد يمتلك رؤية متوازنة، وثانيهما أنه يلبي المطالب الأفريقية بشأن ضرورة مشاركتها في جهود الحلّ في ليبيا.
وعلى الرغم من اعتقاد قطاع من المراقبين أن تعيين ويليامز بشكل مؤقت يعني رغبة الأمم المتحدة في الاستمرار في تقديم الدعم لخارطة الطريق التي طرحها مبعوثها السابق، غسان سلامة، بمساراتها الثلاثة (السياسي والاقتصادي والعسكري)، إلا أن محللين ومراقبين آخرين يرون أن المداولات القائمة بين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس وأعضاء مجلس الأمن بشأن تعيين لعمامرة خلفاً لسلامة، كأحد أبرز المرشحين لهذا المنصب، مؤشر آخر يدفع إلى الاعتقاد بأن الأمم المتحدة ترى في المقاربة الجزائرية للحلّ في ليبيا، والتي تبنت مساراً اجتماعياً يتمثل في جمع القبائل الليبية في منتدى للمصالحة، خياراً أفضل، خصوصاً أن لعمامرة يتولى حالياً مهمة الممثل السامي لرئيس الاتحاد الأفريقي لمشروع "إسكات البنادق" الذي طرحه الاتحاد الأفريقي في قمته الثامنة الماضية.
وعلى الرغم من التوتر الحاصل بين الجزائر وطرابلس بعد مقاطعة حكومة الوفاق لاجتماع وزراء دول الجوار الليبي في الجزائر، في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، احتجاجاً على دعوة الجزائر لوزير خارجية الحكومة الموازية شرق ليبيا، إلا أن بوقادوم أجرى زيارة لطرابلس في 22 فبراير/شباط الماضي، التقى خلالها رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فايز السراج ووزير خارجيته محمد سيالة.
وعلى الرغم من أن الرؤية الجزائرية تلخصها تصريحات رئيس مجلس الأمة الجزائري بالنيابة، صالح قوجيل، أمس الأربعاء خلال استقباله رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الذي يزور العاصمة الجزائر، في أن بلاده تسعى لـ "تمكين الشعب الليبي من تخطي الصعوبات الراهنة بالاعتماد على قدرات أبنائه من دون أي تدخل أجنبي"، إلا أن الباحث الليبي بلقاسم كشادة يبدي مخاوفه من سعي إقليمي لصالح معسكر حفتر لاختراق التوجه الأممي الجديد في ليبيا، مستشهداً بما قاله موقع "مغرب انتليجنس" الفرنسي، عن أن باريس وأبوظبي هما من ضغطتا على سلامة لتقديم استقالته، مشيراً إلى أن العاصمتين الباحثتين عن دعم جديد لتعزيز الجبهة المؤيدة لحفتر، تدعمان اختيار لعمامرة بديلاً عن سلامة.
كما رحّب المسماري بمطالبة الاتحاد الأفريقي بمشاركة مندوب أفريقي في مهمة المندوب الأممي إلى ليبيا، وهي مساعٍ يراها كشادة في حديثه لـ"العربي الجديد"، استباقية لتوجيه المقاربة الجزائرية واستثمارها لصالح حفتر سياسياً، بعد أن فشل في السيطرة على الأوضاع عسكرياً.
وتعقد مجموعة الاتصال التابعة للاتحاد الأفريقي حول ليبيا، اليوم الخميس، اجتماعاً بالكونغو برازافيل، لـ"وضع أسس لحوار ليبي ليبي"، وللتأسيس لـ"المنتدى الليبي للمصالحة الوطنية الشاملة".
وأشارت الرئاسة الجزائرية في بيان لها إلى أن هذه الخطوة تتوج "الجهود الجزائرية لتنسيق المواقف الدولية، من أجل استئناف المسار السلمي التفاوضي بين أطراف الأزمة الليبية، بعيداً عن التدخلات العسكرية الأجنبية، وبما يضمن وحدة وسيادة الدولة الليبية الشقيقة".
وقبل أسبوعين، أعلن عدد من زعماء القبائل الليبية الموالية لحفتر عقد لقاء في مدينة ترهونة المتاخمة لطرابلس، والتي تشارك مليشياتها في القتال في صفوف قوات حفتر ضد قوات حكومة الوفاق، داعين "المجتمع الدولي إلى دعم" قوات حفتر بوصفه بـ"الجيش الوطني الشرعي"، كما طالب الاجتماع القبلي في بيانه الختامي "الأمم المتحدة، بسحب اعترافها بما يسمى المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة".
لكن الناشط الاجتماعي، الشيخ فرج الفيتوري، عضو المجلس الأعلى للمصالحة في ليبيا، قال إن حلفاء حفتر القبليين اتجهوا إلى خطوة أكثر تقدماً، من خلال عقد لقاء قبلي واسع بمنطقة هرواة، شرق سرت، الأسبوع الماضي، للإعلان عن تأسيس "المجلس الأعلى للقبائل الليبية"، وعين صالح الفاندي، زعيم قبائل ترهونة، رئيساً له.
ويقول الفيتوري في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الاجتماع الأول للمجلس في هرواة قرّر تأسيس مجلس شباب ليبيا، ليشكّل إطاراً للمقاتلين الشباب في صفوف حفتر، كمحاولة لتوفير غطاء شرعي لقوات حفتر في حال انتهى مجلس النواب في طبرق سياسياً".
ومنذ يناير/كانون الثاني الماضي، سعى حفتر للزج بالقبائل الليبية في أتون مشاريعه للوصول إلى السلطة، فتمكّن، عبر مليشيات قبلية عدة، من غلق المنشآت النفطية لوقف وصول إيرادات النفط إلى البنك المركزي في طرابلس، والذي تسيطر عليه حكومة الوفاق كورقة للضغط.
وأمام كل هذه المساعي، لا يرجح كشادة أن يقع لعمامرة، كمبعوث أممي محتمل، في شرك مساعي حلفاء حفتر سواء الداخليون أو الخارجون، مرجحاً أن تذهب الخطة الأممية المرتقبة في ذات المسارات الثلاثة، تضاف إليها المقاربة الجزائرية، كمسار اجتماعي رابع، والتي تحظى بتأييد أفريقي واسع.
ويوضح كشادة أن "الجزائر تمتلك سياسة متوازنة بشأن ليبيا، وتغيرها في اتجاه التقارب مع معسكر حفتر لا يلغي تصريحاتها السابقة بأن طرابلس خط أحمر". ويضيف أن المجتمع الدولي لن يسمح بأن تنساق الجهود الأممية ضمن سياسات أي من الدول، ولكن لعمامرة يوفر للأمم المتحدة شيئين، أولهما انتماؤه لبلد يمتلك رؤية متوازنة، وثانيهما أنه يلبي المطالب الأفريقية بشأن ضرورة مشاركتها في جهود الحلّ في ليبيا.