لا يزال الغموض يلف مشهد ليبيا ومستقبل حلّ أزمتها، ففي الوقت الذي أصبح فيه اتفاق برلين مهدداً بالنسف، تحاول أطراف إقليمية احتواء الأزمة، من خلال مستويات جديدة للحلّ، قد تشير إلى عدم رضاها حتى عن مساعي الحلّ التي تقودها الأمم المتحدة.
وفي آخر مستجدات الميدان، أكدت وزارة الصحة في حكومة الوفاق ارتفاع عدد ضحايا القصف العشوائي الذي تعرض له حي الهضبة، ليل أمس الأربعاء، إلى قتيلين وثلاثة مصابين.
وتساقطت قذائف عشوائية عدة على حي الهضبة ليل أمس الأربعاء، ما أسفر عن قتيل وأربعة إصابات في صفوف المدنيين، لكن وزارة الصحة أكدت اليوم الخميس أن أحد المصابين لقي مصرعه متأثراً بجراحه.
وبينما أكد مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" التابع لحكومة الوفاق أن مدفعية قوات الحكومة "استهدفت جمعاً لمرتزقة مليشيات حفتر في محور صلاح الدين"، جنوب طرابلس مساء أمس الأربعاء، اعتبرت أوساط ليبية الأنباء حول عرقلة روسيا لمشروع قرار قدمته بريطانيا لمجلس الأمن، الأربعاء، "يطالب بسحب المرتزقة الأجانب من الحرب الدائرة في ليبيا"، بأنها تحول كبير في الموقف الروسي.
وتداولت وسائل إعلام ليبية ودولية، مساء أمس الأربعاء، أنباء حول اعتراض روسي على مصادقة مجلس الأمن على قرار اعتماد مخرجات قمة برلين، الذي يطالب بحسب المرتزقة الأجانب المشاركين في القتال الدائر في ليبيا، بحجة أن مشروع القرار لم يأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتها التي تطالب بتعديلها.
وفيما يقرأ الأكاديمي الليبي، خليفة الحداد، الموقف الروسي الذي وصفه بـ "التحول الكبير" بأنه يؤشر إلى قرب انهيار اتفاق برلين، يرى أن موقف روسيا المعارض لمشروع القرار البريطاني الذي يستهدف سحب المرتزقة، يعني ضمنياً رجوعها لدعم حفتر وتحولها عن موقفها السابق الداعي لوقف القتال.
ويوضح الحداد رأيه بالقول: "أعتقد أن التقارب الروسي التركي، وهو أحد الأركان الأساسية لنجاح اتفاق برلين، قد بدأ في التلاشي، وتؤكده الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، ولن تسمح روسيا بإنهاء وجودها في ليبيا بقرار قدمته بريطانيا، التي من الواضح أن مشروع قرارها يتضمّن اتهام روسيا ودول أخرى ضمنياً، بأنها من تقف وراء إرسال المرتزقة والأسلحة إلى ليبيا".
وهاجم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بشكل واضح مصر والإمارات، لتورطهما في تصعيد العنف في ليبيا، مؤكداً في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء الماضي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وجود تحركات مرتزقة من السودان وعناصر تتبع شركة روسية في ليبيا.
وأعرب غوتيريس عن شعوره بالإحباط الشديد إزاء ما يحدث في ليبيا، معتبراً أن "ما يحدث فضيحة"، موضحاً أن "بلدانا عدة تعهدت في برلين بعدم إرسال أسلحة إلى ليبيا، لكنها تنتهك قرار حظر نقل الأسلحة ولا تحترمه".
اقــرأ أيضاً
ويقول الحداد إنه "رجح في آراء سابقة له، بأنه لا يمكن للإمارات أن تستمرّ في إرسال أطنان من الأسلحة تحت مرأى ومسمع الجميع، من دون أن تساندها دولة كبرى، وتبين الآن أن الإمارات نجحت في تغيير الموقف الروسي لصالح أهدافها في ليبيا"، مرجحاً أن اتفاق برلين على شفا الانهيار تماماً.
وفي وقت الوقت الذي أكد فيه دبلوماسي ليبي مقرب من حكومة الوفاق لـ"العربي الجديد" أن "حوار جنيف لا يزال مستمراً"، أشار إلى أن المبعوث الأممي غسان سلامة لم ينجح في إقناع ممثلي حفتر العسكريين في بدء الحوارات بشكل مباشر، فـ"لا يزال الحوار منفصلاً، وسلامة يقوم بدور الوسيط بين ممثلي الطرفين اللذين لم يلتقيا حتى الآن". ويقول الحداد إن "المسارات الأخرى على الصعيدين السياسي والاقتصادي مرتبطة بتقدم الحوار العسكري، وفشله يعني انهياراً لمشروع برلين بالكامل".
وعلى الصعيد الإقليمي، يعتبر الناشط السياسي الليبي، عقيلة الأطرش، أن لقاء وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، حفتر وحلفاءه في شرق ليبيا، مؤشر آخر على تبعثر التوافق الدولي الذي أنتجته قمة برلين، مؤكداً أن اتجاه الجزائر للتواصل مع طرف حفتر وحلفائه، جاء بعد تقارب مصري جزائري واضح خلال اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في الجزائر، وزاد بشكل أكثر بعد الزيارة المفاجئة التي أجراها ولي عهد أبوظبي عبد الله بن زايد نهاية الشهر الماضي، والتي يبدو أنها كانت تهدف للتأثير على نتائج جهود تركيا لبناء تقارب مع الجزائر، من خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وعن مضمون زيارة بوقادوم لشرق ليبيا، أمس الأربعاء، كشف أحد أعضاء مجلس النواب، الذين شاركوا في لقاء نواب من طبرق، مع الوزير الجزائري، وفضّل عدم ذكر اسمه، كشف النقاب عن طرح قدمه بوقادوم لقادة شرق البلاد، ومن بينهم حفتر، يقوم على تشكيل مسار اجتماعي يكون أساساً لمشروع حوار ليبي – ليبي، مؤكداً أن "الجزائر تعمل على تنظيم لقاء يجمع قادة القبائل في ليبيا، بالتنسيق مع تونس قريباً".
وقال البرلماني إن "بوقادوم أبلغ من التقاهم أمس، بأن الجزائر ترى أن صناعة حوار ليبي داخلي هو الطريق الأمثل لوقف التدخلات الخارجية"، لكن حفتر، بحسب البرلماني، قبِل الدعوة الجزائرية لزياتها، لأنها تمثل سبيلاً لقطع طريق التقارب الذي تحاول حكومة الوفاق إحداثه مع دول الجوار المغاربي.
اقــرأ أيضاً
وقال الأطرش في هذا السياق، متحدثاً إلى "العربي الجديد"، إن "مقاربة الحل التي تطرحها الجزائر مريبة، وخصوصاً أنها انطلقت من شرق ليبيا، بعد أن التقى بوقادوم بشكل معلن زعماء قبائل يشاركون في غلق المنشآت النفطية".
وبحسب المكتب الإعلامي لمجلس النواب المجتمع بطبرق، فقد شدد رئيس المجلس عقيلة صالح على الدور الاجتماعي، مؤكدا أن "المكونات الاجتماعية هي من نجحت في قطع تمويل المليشيات بطرابلس، من خلال غلق الحقول النفطية ووقف تصدير النفط".
ويرجح الأطرش وجود "خيط رفيع بين تغير الموقف الجزائري وزيارة بن زايد"، سائلاً: "ما الذي غير الموقف الجزائري الذي كان إلى وقت قريب يعتبر طرابلس خطاً أحمر لا ينبغي تجاوزه، والآن تتجاوز الحكومة في طرابلس من خلال الاتصال بالقبائل ومحاولة تشكيل مسار اجتماعي للحل؟".
ويقرّ الأطرش بأن المسار الجديد الذي تحاول الجزائر إطلاقه يعكس شعورها بأن الحلول التي أُعلن عنها في برلين باتت مهلهلة، خصوصاً أن الخروقات مستمرة في الميدان، فيما الحوار بين ضباط الطرفين مستمر في جنيف، ولذا فعليها الاقتراب أكثر من الأطراف الليبية لتطويق خطر الفوضى الذي بات يقترب من حدودها مع ليبيا، لكنه يرى في الوقت نفسه، في عدم زيارة الوزير الجزائري لطرابلس بعد انتهاء زيارته لشرق ليبيا، ما يشير إلى توتر خفي في العلاقة بينهما، ما يعني، بحسب رأيه "فشلاً جزائرياً من الخطوة الأولى".
وفي آخر مستجدات الميدان، أكدت وزارة الصحة في حكومة الوفاق ارتفاع عدد ضحايا القصف العشوائي الذي تعرض له حي الهضبة، ليل أمس الأربعاء، إلى قتيلين وثلاثة مصابين.
وتساقطت قذائف عشوائية عدة على حي الهضبة ليل أمس الأربعاء، ما أسفر عن قتيل وأربعة إصابات في صفوف المدنيين، لكن وزارة الصحة أكدت اليوم الخميس أن أحد المصابين لقي مصرعه متأثراً بجراحه.
وبينما أكد مكتب الإعلام الحربي لعملية "بركان الغضب" التابع لحكومة الوفاق أن مدفعية قوات الحكومة "استهدفت جمعاً لمرتزقة مليشيات حفتر في محور صلاح الدين"، جنوب طرابلس مساء أمس الأربعاء، اعتبرت أوساط ليبية الأنباء حول عرقلة روسيا لمشروع قرار قدمته بريطانيا لمجلس الأمن، الأربعاء، "يطالب بسحب المرتزقة الأجانب من الحرب الدائرة في ليبيا"، بأنها تحول كبير في الموقف الروسي.
وفيما يقرأ الأكاديمي الليبي، خليفة الحداد، الموقف الروسي الذي وصفه بـ "التحول الكبير" بأنه يؤشر إلى قرب انهيار اتفاق برلين، يرى أن موقف روسيا المعارض لمشروع القرار البريطاني الذي يستهدف سحب المرتزقة، يعني ضمنياً رجوعها لدعم حفتر وتحولها عن موقفها السابق الداعي لوقف القتال.
ويوضح الحداد رأيه بالقول: "أعتقد أن التقارب الروسي التركي، وهو أحد الأركان الأساسية لنجاح اتفاق برلين، قد بدأ في التلاشي، وتؤكده الاتهامات المتبادلة بين الطرفين، ولن تسمح روسيا بإنهاء وجودها في ليبيا بقرار قدمته بريطانيا، التي من الواضح أن مشروع قرارها يتضمّن اتهام روسيا ودول أخرى ضمنياً، بأنها من تقف وراء إرسال المرتزقة والأسلحة إلى ليبيا".
وهاجم الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، بشكل واضح مصر والإمارات، لتورطهما في تصعيد العنف في ليبيا، مؤكداً في مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء الماضي في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، وجود تحركات مرتزقة من السودان وعناصر تتبع شركة روسية في ليبيا.
وأعرب غوتيريس عن شعوره بالإحباط الشديد إزاء ما يحدث في ليبيا، معتبراً أن "ما يحدث فضيحة"، موضحاً أن "بلدانا عدة تعهدت في برلين بعدم إرسال أسلحة إلى ليبيا، لكنها تنتهك قرار حظر نقل الأسلحة ولا تحترمه".
ويقول الحداد إنه "رجح في آراء سابقة له، بأنه لا يمكن للإمارات أن تستمرّ في إرسال أطنان من الأسلحة تحت مرأى ومسمع الجميع، من دون أن تساندها دولة كبرى، وتبين الآن أن الإمارات نجحت في تغيير الموقف الروسي لصالح أهدافها في ليبيا"، مرجحاً أن اتفاق برلين على شفا الانهيار تماماً.
وعلى الصعيد الإقليمي، يعتبر الناشط السياسي الليبي، عقيلة الأطرش، أن لقاء وزير الخارجية الجزائري صبري بوقادوم، حفتر وحلفاءه في شرق ليبيا، مؤشر آخر على تبعثر التوافق الدولي الذي أنتجته قمة برلين، مؤكداً أن اتجاه الجزائر للتواصل مع طرف حفتر وحلفائه، جاء بعد تقارب مصري جزائري واضح خلال اجتماع وزراء خارجية دول الجوار الليبي في الجزائر، وزاد بشكل أكثر بعد الزيارة المفاجئة التي أجراها ولي عهد أبوظبي عبد الله بن زايد نهاية الشهر الماضي، والتي يبدو أنها كانت تهدف للتأثير على نتائج جهود تركيا لبناء تقارب مع الجزائر، من خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وعن مضمون زيارة بوقادوم لشرق ليبيا، أمس الأربعاء، كشف أحد أعضاء مجلس النواب، الذين شاركوا في لقاء نواب من طبرق، مع الوزير الجزائري، وفضّل عدم ذكر اسمه، كشف النقاب عن طرح قدمه بوقادوم لقادة شرق البلاد، ومن بينهم حفتر، يقوم على تشكيل مسار اجتماعي يكون أساساً لمشروع حوار ليبي – ليبي، مؤكداً أن "الجزائر تعمل على تنظيم لقاء يجمع قادة القبائل في ليبيا، بالتنسيق مع تونس قريباً".
وقال البرلماني إن "بوقادوم أبلغ من التقاهم أمس، بأن الجزائر ترى أن صناعة حوار ليبي داخلي هو الطريق الأمثل لوقف التدخلات الخارجية"، لكن حفتر، بحسب البرلماني، قبِل الدعوة الجزائرية لزياتها، لأنها تمثل سبيلاً لقطع طريق التقارب الذي تحاول حكومة الوفاق إحداثه مع دول الجوار المغاربي.
وقال الأطرش في هذا السياق، متحدثاً إلى "العربي الجديد"، إن "مقاربة الحل التي تطرحها الجزائر مريبة، وخصوصاً أنها انطلقت من شرق ليبيا، بعد أن التقى بوقادوم بشكل معلن زعماء قبائل يشاركون في غلق المنشآت النفطية".
وبحسب المكتب الإعلامي لمجلس النواب المجتمع بطبرق، فقد شدد رئيس المجلس عقيلة صالح على الدور الاجتماعي، مؤكدا أن "المكونات الاجتماعية هي من نجحت في قطع تمويل المليشيات بطرابلس، من خلال غلق الحقول النفطية ووقف تصدير النفط".
ويرجح الأطرش وجود "خيط رفيع بين تغير الموقف الجزائري وزيارة بن زايد"، سائلاً: "ما الذي غير الموقف الجزائري الذي كان إلى وقت قريب يعتبر طرابلس خطاً أحمر لا ينبغي تجاوزه، والآن تتجاوز الحكومة في طرابلس من خلال الاتصال بالقبائل ومحاولة تشكيل مسار اجتماعي للحل؟".
ويقرّ الأطرش بأن المسار الجديد الذي تحاول الجزائر إطلاقه يعكس شعورها بأن الحلول التي أُعلن عنها في برلين باتت مهلهلة، خصوصاً أن الخروقات مستمرة في الميدان، فيما الحوار بين ضباط الطرفين مستمر في جنيف، ولذا فعليها الاقتراب أكثر من الأطراف الليبية لتطويق خطر الفوضى الذي بات يقترب من حدودها مع ليبيا، لكنه يرى في الوقت نفسه، في عدم زيارة الوزير الجزائري لطرابلس بعد انتهاء زيارته لشرق ليبيا، ما يشير إلى توتر خفي في العلاقة بينهما، ما يعني، بحسب رأيه "فشلاً جزائرياً من الخطوة الأولى".