سيناريوهات مفتوحة أمام علاوي: بين الرضوخ للمحاصصة والاعتذار

14 فبراير 2020
يحاول علاوي كسب ود المتظاهرين العراقيين (أسعد نيازي/فرانس برس)
+ الخط -

18 يوماً قبل انتهاء المهلة الدستورية المحددة أمام رئيس الوزراء العراقي المكلف محمد توفيق علاوي لتشكيل حكومته الجديدة، التي يراد لها أن تكون مؤقتة، ومن أولى مهامها إجراء انتخابات مبكرة، استجابة لمطالب المتظاهرين العراقيين.

وتبدو البلاد أمام سيناريوهات مفتوحة، في ظل مفاوضات غير سهلة يخوضها علاوي مع كتل سياسية، مختلفة المصالح والاتجاهات، بطاقم مستشارين، بعضهم نواب سابقون وحاليون، أمثال محمد الخالدي وعزت الشابندر، وباحثين ومختصين بالشأن العراقي يُعتبرون مقربين منه، وذلك بهدف إقناع الكتل السياسية بحكومة يصفها بالمستقلة والتخصصية، لا التحاصصية. وكشف مسؤول عراقي رفيع المستوى في بغداد، لـ"العربي الجديد"، أن رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي أبلغ، في ساعة متأخرة من ليلة الأربعاء الماضي، عدة قوى سياسية بأنه قد لا يبقى في حكومة تصريف الأعمال يوماً إضافياً إذا ما رُفضت حكومة علاوي ولم تحصل على الثقة، في ورقة ضغط جديدة يكسبها رئيس الوزراء المكلف بتعامله مع القوى والكتل السياسية المختلفة.

ووسط ضجيج المفاوضات الحاصلة في بغداد وأربيل، تبرز أيضاً خلافات داخل الكتل السياسية ذاتها، سرعان ما أظهرتها تغريدات زعامات عربية سنّية، عبر تراشق اتهامات فيما بينها، اعتبرها مراقبون طبيعية ومكررة مع كل عملية تشكيل حكومة، بسبب حصة كل كتلة والمناصب التي تتنافس للحصول عليها. وتضع هذه الخلافات والصراعات حكومة العراق السابعة منذ 2003 أمام سيناريوهات عديدة، من بينها اعتذار علاوي عن تكليفه بحال فشلت المفاوضات، وتيقن من عدم حصوله على العدد الكافي لتمرير حكومته، أو ذهابه للبرلمان بتشكيلة يريدها هو، وبالتالي لا يحصل على ثقة البرلمان، أو الرضوخ للمحاصصة وأخذ الثقة. هذا الوضع أعاد الحديث، وعلى مستوى ضيق داخل قوى سياسية عدة، حول البديل عن علاوي في حال أخفق بالمهمة، مع طرح فكرة استمرار عبد المهدي بحكومة تصريف الأعمال لقيادة المرحلة الانتقالية، إلى حين إجراء انتخابات مبكرة.

وقال قيادي عراقي وأحد المفاوضين عن تحالف "البناء" البرلماني، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن علاوي انتهى من تسمية أكثر من نصف وزراء حكومته، وتم اختيارهم من دون تدخّل أي جهة سياسية، وركز اختياره على شخصيات لها مقبولية لدى الشارع العراقي، محاولاً كسب ود المتظاهرين. وأوضح أن "علاوي، بسبب ذلك، يتعرض إلى ضغوط وابتزاز سياسي، من جهات عدة، من أجل حصولها على حقائب وزارية ودرجات خاصة في الحكومة الجديدة. لكن علاوي لغاية اللحظة صامد أمام تلك الضغوط والتهديدات، بدعم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، ورئيس الجمهورية برهم صالح". وأضاف أن "علاوي أمام سيناريوهات عديدة، خصوصاً أن هناك صعوبة كبيرة في حصوله على الأغلبية البرلمانية من أجل منحه الثقة. وهنا قد يقدّم اعتذاره عن التكليف، أو يتحدى القوى السياسية ويذهب إلى البرلمان ويسقط في التصويت، ثم يكشف الجهات التي ضغطت عليه وهددته طيلة الفترة الماضية، لتكون في مواجهة الشعب العراقي المنتفض".


من جهته، قال القيادي في تحالف "الفتح"، النائب في البرلمان العراقي، محمد البلداوي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "جهات سياسية ما زالت تتمسك بالمحاصصة، حتى الساعة، وتضغط على رئيس الوزراء المكلف، ومنها تحالف القوى العراقية برئاسة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني. أما حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، فقد أوصل رسائل لعلاوي بأنه تنازل عن حصته له". وأكد أن "على علاوي، الجلوس مع القوى السياسية، وعرض برنامجه الحكومي، وكذلك الشخصيات المرشحة للحقائب الوزارية، والتوافق معها من الآن. وعدم جلوسه مع الكتل وذهابه إلى البرلمان، بشكل مباشر، قد يمنع منحه الثقة".

من جهته، قال النائب محمد الخالدي، رئيس كتلة "بيارق الخير" النيابية، المقرب من علاوي، في تصريحات صحافية، إنه "تم إكمال التشكيلة الحكومية لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، وسوف يعلن عنها رسمياً الأحد المقبل". وبين الخالدي أن "رئيس الوزراء المكلف سيبلغ رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء المستقيل بهذا الأمر، ويطلب من البرلمان عقد جلسة طارئة للتصويت على التشكيلة الوزارية". وأكد أن "هناك ضغوطاً من قبل بعض الكتل، إلّا أنها لن تؤثر على تمرير التشكيلة الحكومية داخل مجلس النواب".

وأكد "تحالف القوى العراقية"، بزعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، أنه لن يصوّت لصالح حكومة علاوي ويمنحها الثقة، في حال لم يعطِهم حصتهم وفق الاستحقاق الانتخابي للتحالف. وقال المتحدث باسم التحالف النائب يحيى المحمدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "لغاية الآن لا نعرف الآلية التي يعتمدها علاوي في تشكيل حكومته الجديدة، فهو لم يُطلع الكتل عليها. هناك استحقاقات انتخابية للقوى السياسية، كما أن هناك حصصا للمكونات، لا يمكن التنازل عنها". وأكد المحمدي أن "تحالف القوى العراقية، لم يتنازل عن استحقاقه الانتخابي وحقوق المكوّن السني، وعدم إعطائنا هذا الاستحقاق سيدفعنا لعدم التصويت لعلاوي. فلا دعم من دون مشاركة حقيقية في الحكومة".

من جهته، قال مقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "الصدر أوصل رسائل إلى رئيس الوزراء المكلف والقوى السياسية الداعمة له، بأنه سوف يضغط من خلال جمهوره على البرلمان، لإجباره على منح الثقة لعلاوي، مقابل عدم قبول علاوي بأي ضغوط سياسية تفرض عليه". وبيّن أن "أنصار التيار الصدري، ربما يحاصرون مبنى البرلمان، خلال جلسة التصويت على منح الثقة لحكومة علاوي، وسط تهديد مباشر باقتحام المبنى في حال لم يمنح الثقة، وغيرها من الخطوات التصعيدية يدرسها الصدر مع مقربين منه، بمشاركة قوى سياسية فاعلة، بالإضافة إلى رئيس الجمهورية برهم صالح".

في المقابل، قال رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك رسالة إيرانية، بأن علاوي سيحظى بثقة البرلمان العراقي، وهذه الرسالة اعتبرها البعض تدخلاً إيرانياً مباشراً"، مضيفاً أن "المشهد العراقي صعب جداً، في ظل ضغوط الكتل السياسية الحالية على علاوي". ورجح "ثلاثة سيناريوهات، الأول أن علاوي قد يعتذر عن إكمال المهمة ويخرج ببيان يشخص الكتل السياسية التي ضغطت عليه، والثاني أن يشكل علاوي حكومة جديدة من الأحزاب السياسية، وهنا يصوت البرلمان عليها، لكنه سوف يخسر المرجعية والشارع العراقي، نهائيا، وفي السيناريو الثالث يشكل حكومة من التكنوقراط، لكنها لن تمرر في البرلمان".