وتعرّض علاوي أخيراً لتهديد مباشر من قبل التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر، على لسان المستشار الأمني للأخير، كاظم العيساوي، بعدم التصويت له وإسقاط حكومته في غضون ثلاثة أيام في حال ترشيحه شخصيات للمناصب الوزارية من داخل الكتل السياسية والحزبية، إضافة إلى تلويح كتل أخرى بأنها لن تصوت للحكومة إذا رضخ علاوي لإملاءات القوى السياسية السنّية والكردية، بشأن حصصها، معتبرة أنّ الجميع يجب أن يتخلى عن حصصه أو تكون حكومة ترشيحات.
وفي السياق، قال مصدر مقرّب من رئيس الوزراء المكلف لـ"العربي الجديد"، أمس الاثنين، إنّ الأخير لوّح لأطراف سياسية عدة بأنه "على استعداد لأخذ أول طائرة متجهة إلى بيروت"، في إشارة إلى اعتذاره عن التكليف إذا استمرّت عملية الابتزاز والإملاءات الحالية عليه.
وبحسب المصدر ذاته الذي تحدّث من مقرّ إقامة علاوي، فإنّ القوى العربية الشيعية، أبلغت رئيس الوزراء المكلف، بأنها "ستتنازل عن وزاراتها في الحكومة الجديدة، مقابل تنازل القوى السياسية السنية والكردية عن وزاراتها أيضاً". وقد اعتبرت هذه القوى، وفق المصدر، أنّ "تنازلها عن استحقاقها مع استمرار السنّة والأكراد بالتمسك في وزاراتهم، لن يكون مجدياً، ولا حتى عادلاً، فيما ترفض القوى السنّية والكردية إلى الآن التنازل، وبدت أكثر تشبّثاً بحصولها على وزارات وتطرح أفكاراً مثل أن تقدّم لكل حقيبة ثلاثة أو أربعة مرشحين، على أن يختار علاوي من بينهم من يرغب فيه".
وأوضح المصدر أنّ "علاوي يحاول منذ أيام إقناع القوى السياسية بالتنازل عن الوزارات لمصلحته، من أجل أن يختار وزراء جدداً، مستقلين، بعيدين عن الكتل والأحزاب، كما وعد الشعب العراقي في أول خطاب له عقب تكليفه، لكن بعض القوى السياسية مصرّة على الاحتفاظ بوزاراتها الحالية في الحكومة الجديدة المرتقبة". ولفت إلى أنّ "علاوي، يعمل أيضاً على ترطيب الجو مع الصدريين بسبب امتعاضهم من لقاءاته مع المتظاهرين أخيراً، وهو الأمر الذي أزعج الصدر نفسه، ودفعه إلى إرسال إشارات إلى علاوي بأنّ الدعم له لن يكون مفتوحاً إلى النهاية".
وأكد المصدر أنّ "علاوي، لغاية الآن، لم يتمكّن من الحصول على دعم أغلبية برلمانية، تمنحه الثقة في مجلس النواب"، مشيراً إلى أنّ "الحصول على هذا الدعم يتوقف على إعطاء القوى السياسية ما تريده من وزارات ومناصب في الدرجات الخاصة الأخرى، وخلاف ذلك، فتلك الكتل لن تصوت له، وستُسقطه".
وكشف عن أنّ "علاوي لوّح بأمور عدة، من بينها توجيه خطاب يكشف فيه للعراقيين الكتل التي تبتزّه بالتصويت له في البرلمان مقابل مناصب وامتيازات بحكومته، ومن تلك التي ترفض التخلي عن المحاصصة، وطرح أيضاً خيار الاعتذار عن تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة، إذا أصرّت القوى السياسية على فرض إرادتها عليه مقابل التصويت له". كما كشف أنّ "الصدر أوصل إلى علاوي رسالة، بأنّه سيكون ضده، في حال القبول بأي مرشح حزبي أو مدعوم من أي جهة سياسية، وسيزيد من الضغط الجماهيري عليه من قبل أنصاره".
من جهته، قال سعد المطلبي، القيادي في ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إنّ علاوي "لم يجمع تأييد أكثر من 60 نائباً من أصل 329 نائباً في البرلمان". وأضاف أنّ "الكتلة التي تدعمه حالياً، وهي تحالف سائرون، لديها 56 مقعداً فقط، فيما هناك نحو 170 نائباً يرون أن لا جدوى من حكومة يقودها علاوي، فيما يفرض آخرون شروطاً، وهذه في النهاية مواقف كتل رئيسة، وليست مواقف نواب فقط".
وأوضح المطلبي أنّ "النواب الـ56 الذين وقّعوا على ترشيح علاوي، لا يمثلون أغلبية برلمانية، خصوصاً أنّ التصويت على منح الثقة لرئيس الوزراء، بحاجة إلى توافق سياسي بين القوى الشيعية والسنّية والكردية، وهذا يضع علاوي أمام خيارين لا أكثر: إما أن يرضي القوى السياسية ويعطيها وزارات ويحصل على ثقة البرلمان، أو يرفض طلباتها ويقدم اعتذاره عن التكليف". وتابع بأنه "إذا وافق على طلبات القوى السياسية، فهنا لا يحصل على موافقة المتظاهرين ورضاهم، الذين سيبقون في ساحات الاحتجاج، وسيكونون عاملاً معرقلاً لتنفيذ البرنامج الحكومي".
ورأى المطلبي أنه "وفق المعطيات، وطلبات القوى السياسية السنّية والكردية، من الأفضل لعلاوي الانسحاب، فهي مصرة على عدم التصويت لحكومته، إلا بعد حصولها على الوزارات التي هي بحوزتها الآن في حكومة عادل عبد المهدي".
بدوره، قال القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني"، النائب شيروان دوبرداني، في حديث مع "العربي الجديد": "إننا أبلغنا رئيس الوزراء المكلف بشكل واضح وصريح، أن القوى السياسية لها استحقاقات انتخابية، وهي لها الحقّ في ترشيح شخصيات للحقائب الوزارية وفق هذا الاستحقاق". وتابع دوبرداني: "أبلغنا علاوي أيضاً أننا سنرشّح له لكل وزارة من حصة المكوّن الكردي، 10 شخصيات، على أن يختار هو إحداها، وإذا رفضها جميعها، نقدّم له مرشحين آخرين، وهذا الأمر ستعمل عليه القوى السياسية الأخرى من كل المكونات".
وأوضح أنّ زيارة علاوي المرتقبة لإقليم كردستان "هدفها البحث مع القوى الكردية، في الاستحقاقات الانتخابية، وكيفية تقديم المرشحين الأكراد إليه، لغرض اختيار وزراء منهم"، معتبراً أنه "لا يحقّ لعلاوي اختيار أي شخصية من دون الرجوع إلى القوى السياسية والتنسيق معها". وأكد أنّ "عدم الحوار مع الكتل، يعني أنها لن تصوّت له ولن تمنحه الثقة في البرلمان، وهذا الأمر متفق عليه".
في المقابل، قال رئيس "المجموعة العراقية للدراسات"، واثق الهاشمي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ علاوي "سيأخذ تهديدات الصدر على محمل الجدّ، فهو يدرك أن لا نجاح له من دون دعم زعيم التيار الصدري له".
ورأى الهاشمي أنّ "علاوي في موقف لا يحسد عليه، فهو حالياً بين نار الكتل السياسية ونار المتظاهرين، وهو لا يريد خسارة طرف على حساب طرف آخر، وهذا الأمر قد يدفعه إلى تقديم الاعتذار عن تكليف الحكومة، في حال عدم تمكنه من الحصول على تأكيدات بتصويت أغلبية الكتل البرلمانية له". وأكد الهاشمي أنّ "تشكيل حكومة من قبل علاوي بعيداً عن الكتل السياسية، ليس أمراً صعباً فقط، بل هو مستحيل. وإرضاء الكتل يعني خسارة الشارع بشكل أكبر، وقد يكون الصدر مجدداً مع الشارع ضدّ علاوي".