هل ينقلب "قلب تونس" على "النهضة" ويُسقط حكومة الجملي؟

09 يناير 2020
تقارب مفاجئ بين يوسف الشاهد ونبيل القروي (الأناضول)
+ الخط -
تتجه الأنظار في تونس، عشية اليوم الخميس، إلى المجلس الوطني لحزب "قلب تونس"، الذي يرأسه نبيل القروي، لمعرفة موقفه النهائي من حكومة الحبيب الجملي.

وأكد القيادي في حزب "قلب تونس"، حاتم المليكي، أن الحزب سيعقد عشية الخميس مجلسه الوطني، الذي كان مقرراً عقده الأحد الماضي لحسم موقفه من الحكومة المقترحة من قبل الحبيب الجملي، قبيل الجلسة العامة المنتظرة غداً الجمعة.
وأوضح المليكي، في تصريح لوكالة الأنباء التونسية، أن المكتب السياسي للحزب اجتمع أمس الأربعاء، وجرى التطرق إلى المستجدات في البلاد دون اتخاذ موقف من حكومة الجملي، مشيراً إلى أن مسألة تصويت كتلة قلب تونس للحكومة من عدمه ستناقش داخل المجلس الوطني قبل اتخاذ القرار النهائي.
وأفاد بأنه ستُعرَض خلال أعمال المجلس الوطني أيضاً نتائج المشاورات التي أجراها رئيس الحزب نبيل القروي مع رئيس "تحيا تونس" يوسف الشاهد ومع حزبَي التيار الديمقراطي وحركة الشعب وكتلتي الإصلاح الوطني والمستقبل.
وأكد المليكي أن اللقاءات التي أجراها القروي تندرج في إطار تقييم الوضع في البلاد وتقييم المواقف، مبيناً أن الحديث عن إمكانية تكوين جبهة سياسية وبرلمانية بين هذه الأطراف، أو إمكانية إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، بالإضافة إلى فرضيات أخرى تتعلق بحكومة الجملي، سيجري تناولها بالدرس خلال أعمال المجلس الوطني.

ويشكل هذا الموقف الجديد لـ"قلب تونس" انقلاباً على تفاهماتها مع "حركة النهضة"، وتهديداً واضحاً بإسقاط حكومة الجملي في جلسة التصويت بالبرلمان غداً الجمعة.

وجاء التقارب المفاجئ بين القروي ورئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، ليخلف أسئلة كثيرة في الشارع السياسي التونسي عمّا دار في هذا اللقاء، وأدى إلى هذا الانقلاب في موقف القروي، وما يمكن أن يكون الشاهد قد كشفه للقروي عن علاقته بالنهضة عموماً، وأسباب سجنه خلال الحملة الانتخابية الرئاسية.
وتذكر مصادر حزبية لـ"العربي الجديد" أن القروي كان مستاءً جداً من حركة النهضة ورئيسها راشد الغنوشي في الأسابيع الأخيرة، وخصوصاً بعدما صوّت حزبه للغنوشي في انتخابات رئاسة البرلمان، ولكن النهضة انقلبت عليه بعد ذلك واستبعدته من المشاورات الحكومية، ولجأت إلى التيار الديمقراطي وحركة الشعب، قبل أن تعود إليه مجدداً.
وقالت ذات المصادر إن القروي يعتبر أن الغنوشي "تمادى في إهانته وإهانة حزبه منذ الحملة الانتخابية وفي أثناء مسار تشكيل الحكومة، إرضاءً لقواعد النهضة".
من جانب آخر، اعتبر النائب عن حزب تحيا تونس وليد جلاد، في حوار تلفزيوني، أن لقاء كل من القروي والشاهد "خطوة أولى لحقتها خطوات أخرى لتوحيد الموقف إزاء حكومة الجملي".
وأضاف جلاد: "نحن متفقون على عدم التصويت لحكومة الحبيب الجملي، وسنعمل ككتلتين على التنسيق فيما بيننا لرفض منحها الثقة… ومواقفنا ستكون أكثر تقارباً في المستقبل، وذلك لمنع فرض الأمر الواقع على الشعب التونسي".

وإذا ما صحّت هذه المواقف، فإنها ستقود بالضرورة إلى إسقاط حكومة الجملي غداً الجمعة في جلسة التصويت.
ويعلق القيادي في حركة النهضة، العجمي الوريمي، على هذه التطورات السريعة، بأن على الكتل والأحزاب التونسية أن تتحمل مسؤوليتها الوطنية أمام هذه الظروف التي تمرّ بها البلاد، محلياً وإقليمياً.
وقال في تصريح لـ"العربي الجديد" إن النهضة قامت بدورها وستذهب إلى البرلمان وستصوت على هذه الحكومة كما وعدت برغم كل التحفظات عليها، مؤكداً أن مراهنة البعض على حكومة الرئيس في غير محلها، لأن الرئيس سعيد نفسه لا يرغب في الذهاب إلى ما يُسمى حكومة الرئيس (إذا فشل الحزب الأول في البرلمان في تشكيل حكومة والمصادقة عليها في غضون شهرين من التكليف يختار رئيس الجمهورية شخصية أخرى يكلفها تشكيل حكومة).
وتشير قيادات حزبية تحدثت لـ"العربي الجديد" إلى أنه إذا صحّ ما وصفته بـ"ارتماء القروي في أحضان الشاهد"، فإنه سيقود بالضرورة إلى انتحاره سياسياً أو انتحار بقية المكونات الأخرى، التيار والشعب وتحيا تونس، وكلها وصفت حزب القروي بالكيان الذي ينبغي تجنبه، وانتقدت النهضة بسبب تقاربها الخفي معه، فما بالك بالتحالف معه علناً؟".


وتشير بعض التحليلات إلى أن القروي نجح في هذا التقارب على مستويين اثنين: الأول هو الاعتراف الجماعي به وبحزبه بعد كل الاتهامات التي وجهت إليه على مدى أشهر، والثاني تحسين شروط التفاوض والتحول بين عشية وضحاها إلى الحزب الحاسم في نجاح الحكومة من فشلها، ما زاد في رصيده السياسي بامتياز، وأكد أنه لا يمكن التلاعب به كما حصل إلى حد الآن.

ويبدو أن نتائج اللقاء الذي جمع القروي برئيس الحكومة المكلف، الحبيب الجملي، ستكون محددة لموقف "قلب تونس" ورئيسها في منح الثقة من عدمه، وإذا ما استُجيب لشروطه، وخصوصاً أنه عبّر عن عدم رضاه عن التشكيلة وعن الطريقة التي عومل بها حزبه خلال المشاورات.
وذهبت تحليلات أخرى إلى أن الغنوشي قد يكون هو من يقف وراء لقاء القروي بالشاهد، لكن حركة النهضة نفت، في بيان لها ليلة أمس الأربعاء، لعب رئيسها راشد الغنوشي لدور الوساطة.

المساهمون