فرص محدودة لإسرائيل لمواجهة البرنامج النووي الإيراني

06 يناير 2020
قرار طهران العودة لتخصيب اليورانيوم بـ20% يمثل رعباً لإسرائيل(Getty)
+ الخط -
يمثل إعلان إيران، أمس، عن المرحلة الخامسة والنهائية من تقليص تعهداتها النووية، والتي شملت وقف الالتزام بكافة القيود الواردة في الاتفاق النووي تحديا كبيرا لإسرائيل، في ظل التوتر المتصاعد جراء اغتيال قائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري قاسم سليماني.

وعلى الرغم من أن إيران قد شرعت قبل نحو شهرين في تجاوز التزاماتها في الاتفاق، كرد على العقوبات الأميركية، وباتت تخصب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 3.6% كما يسمح لها الاتفاق، فإنها أقدمت على ذلك بحذر شديد، حيث إنها حاليا تخصب اليورانيوم بنسبة 4.5% فقط، علاوة على أن معظم أجهزة الطرد المركزي التي كانت تستخدم في التخصيب قبل الاتفاق ما زالت متوقفة عن العمل.

وإن كان قرار طهران بالأمس يعني العودة إلى تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، كما كانت عليه الأمور قبل التوقيع على الاتفاق أو حتى بنسبة أكبر من ذلك، فإن هذا يمثل سيناريو الرعب الذي تخشاه إسرائيل، على اعتبار أن نجاح طهران في تثبيت هذا التجاوز دون ممانعة أميركية ودولية يمثل لإسرائيل خطرا وجوديا يفوق بكثير كل العوائد التي راهنت على تحقيقها بعد تصفية سليماني.

فدوائر صنع القرار وأوساط التقدير الاستراتيجي في تل أبيب توقعت قبل تصفية سليماني ألا تحطم طهران قواعد اللعبة القائمة، بحيث تحاول شراء الوقت وتحمل تبعات العقوبات الاقتصادية حتى إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، بحيث إنه في حال فاز مرشح الحزب الديمقراطي فإن فرص عودة الولايات المتحدة للاتفاق ستكون كبيرة، وفي حال فاز الرئيس دونالد ترامب مجددا، فإن طهران حينها فقط ستتجاوز بنود الاتفاق بشكل فج، وتقوم بتخصيب اليورانيوم بشكل يمكنها من تأمين الكمية اللازمة لصناعة قنبلة نووية بشكل سريع.

وفي حال استغلت إيران اغتيال سليماني لتقوم بتخصيب اليورانيوم بنسبة تتجاوز 20% إلى جانب تشغيل كل ما لديها من أجهزة طرد مركزي وتفعيل المفاعل "بوردو" المخصص لإنتاج البلوتونيوم من خلال استخدام الماء الثقيل، فإن هذا ينسف كل الرهانات على استراتيجية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي وضع على رأس أولوياته نزع الشرعية عن الاتفاق بين إيران والقوى العظمى. وهذه الاستراتيجية سجلت نجاحا كبيرا مع صعود الرئيس دونالد ترامب، الذي انسحب من الاتفاق النووي تحت تأثير الضغوط التي مارسها عليه نتنياهو، وشرع في سياسة "الضغط الأقصى" على طهران من خلال تكثيف فرض العقوبات الاقتصادية عليها.


شبكة أمان

وكما كتب الباحث الإسرائيلي عامي دومبو، اليوم، في مجلة "ISRAE DEFENSE"، فإنه مع غياب سليماني، الذي كان مسؤولا عن تنفيذ استراتيجية تهدف إلى الحفاظ على بقاء نظام الحكم في طهران، سيكون النظام محتاجا إلى "شبكة أمان" عسكرية تتمثل في الحصول على سلاح نووي، وهذا ما يعزز من فرص حرص إيران على استغلال اغتيال سليماني لمواصلة برنامجها النووي حتى الحصول على السلاح النووي.

وفي حال أقدمت إيران على ذلك، فإن المعضلة التي ستواجه إسرائيل حينها تتمثل في أن فرص تدخل الولايات المتحدة عسكريا لمنعها من تجاوز الاتفاق النووي ستكون محدودة، على اعتبار أن كل ما يعني ترامب حاليا هو ضمان عدم إقدام طهران على تنفيذ ردود عسكرية قاسية ومحرجة له ردّاً على اغتيال سليماني.

وفي الوقت ذاته، فإن نتنياهو الذي حاول في عامي 2010 و2012 الدفع نحو اتخاذ قرار بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية وفشل في ذلك بسبب معارضة قيادة الجيش والمؤسسة الاستخبارية الإسرائيلية، غير قادر على تمرير مثل هذا القرار حاليا بسبب حالة الشلل السياسي الذي تعيشها إسرائيل، ناهيك عن أنه في حال الدفع نحو ذلك فسيتم النظر إلى هذا السلوك كمحاولة لإنقاذ مستقبله الشخصي والسياسي بعد قرار توجيه لوائح الاتهام ضده في قضايا الفساد.

ونظرا لأنه لا يوجد ما يدلل على أن الانتخابات القادمة ستسفر عن نتائج تمكن من تشكيل حكومة متجانسة ومستقرة في تل أبيب، فإن هذا يعني أن حالة عدم الاستقرار ستطول، وهو ما يقلص من فرص تدخل إسرائيل عسكريا لمواجهة البرنامج النووي الإيراني.

المساهمون