وصول جثمان سليماني إلى إيران.. وتهديدات لواشنطن بـ"ضربات مُهلكة"

05 يناير 2020
سار آلاف المشيعين متّشحين بالسواد في الأهواز(عطا كناري/فرانس برس)
+ الخط -
وصل، صباح اليوم الأحد، جثمان قائد "فيلق القدس"، التابع لـ"الحرس الثوري الإيراني"، الجنرال قاسم سليماني، الذي قُتل بضربة عسكرية أميركية في العراق، إلى إيران. في حين تتوالى ردود الفعل الغاضبة من إيران والدعوات للثأر والانتقام، وسط تهديدات متصاعدة بالرد على اغتيال سليماني.
وأعلنت السلطات الإيرانية أن القائد الجديد لـ"فيلق القدس"، الجنرال إسماعيل قاآني، سيلقي عصر اليوم كلمة خلال مراسم تشييع جثمان سليماني في مدينة مشهد شرقي إيران.

ونُقلت جثامين سليماني ونائب رئيس "الحشد الشعبي" أبو مهدي المهندس، والقتلى الإيرانيين، وقتيل آخر من "الحشد"، من مطار النجف إلى مطار مدينة الأهواز، مركز محافظة خوزستان جنوب شرقي إيران، وسط استقبال حاشد من الإيرانيين.

وكانت هيئة "الحشد الشعبي" قد أعلنت أن جثمان المهندس بالإضافة إلى شخص آخر من التنظيم نقلا إلى إيران لإجراء فحص الحمض النووي، بسبب تشابك الأشلاء.

في الأثناء، أعلنت السلطات الإيرانية أن القائد الجديد لـ"فيلق القدس"، الجنرال إسماعيل قاآني، سيلقي عصر اليوم كلمة خلال مراسم تشييع جثمان سليماني في مدينة مشهد شرقي إيران

وبحسب إعلان إيران، فإن من المقرر أن يتم نقل جثمان سليماني إلى مدينة مشهد شرقي إيران، ليُشيع غداً الإثنين في العاصمة الإيرانية طهران، وسط تحضيرات واستعدادات ضخمة لإقامة مراسم كبيرة، على أن ينقل بعد ذلك إلى مدينة كرمان جنوبي إيران، حيث مسقط رأسه، ليوارى في الثرى هناك.

وأعلنت الحكومة غداً الإثنين عطلة في طهران، وبعد غد الثلاثاء في مدينة كرمان، حيث سيقام فيها أيضاً مراسم تشييع لسليماني قبل أن يوارى في الثرى فيها، داعية الإيرانيين إلى المشاركة بكثافة في التشييع.

وجرت، أمس السبت، مراسم تشييع المهندس وسليماني، في بغداد، وسط انتشار أمني مكثف وتحليق للمروحيات الأميركية، ومشاركة شعبية ورسمية.

وشارك رئيس حكومة تصريف الأعمال العراقية، عادل عبد المهدي، إلى جانب وزراء من حكومته، ونواب برلمان مع قادة كتل سياسية، وزعماء مليشيات عدة، في مراسم التشييع، بحضور مئات من عناصر المليشيات الموالية لإيران.

وجرت مراسم التشييع على مقربة من المنطقة الخضراء، وحضرها زعيم "مليشيات بدر"، هادي العامري، وزعيم مليشيات كتائب "سيد الشهداء" أبو ولاء الولائي، ورئيس "الحشد الشعبي" فالح الفياض، وزعماء من الأحزاب العراقية، أبرزهم نوري المالكي وعمار الحكيم، فضلاً عن زعامات دينية وشخصيات إيرانية غير معروفة.



وبحسب مسؤول أمني عراقي تحدّث لـ"العربي الجديد"، فإن "من بين الحضور عددا ليس بقليل من الشخصيات الإيرانية غير المعروفة، والتي تتحدث باللغة الفارسية، وقد كانوا جميعهم على مقربة من جثمان سليماني، وهتفوا بعض الهتافات باللغة الفارسية ضد واشنطن".

وأشار المسؤول الأمني، إلى أن "بعض المشاركين في التشييع من عناصر الحشد حاولوا الاقتراب من بوابة المنطقة الخضراء الجنوبية، لكن تم منعهم من قبل قوات مكلفة بحماية المنطقة".

وهتف المشيعون بهتافات ضد الولايات المتحدة الأميركية، منها "الموت لأميركا" وحملوا صور سليماني والمهندس، كما رفعوا رايات فصائل المليشيات، وكان جثمان سليماني مغطى بالعلم الإيراني.

التشييع جرى وسط إجراءات أمنية مشددة، إذ أغلقت قوات الأمن العراقية طرقاً رئيسية في العاصمة بغداد، بالتزامن مع انتشار أمني وتحليق للمروحيات الأميركية.

وكان من المقرر أن تنطلق مراسم التشييع من المنطقة الخضراء، غير أنه تم إلغاء الأمر بطلب من الحكومة، خوفاً من أي احتكاك مع السفارة الأميركية والقوات الأميركية المنتشرة فيها. وعدّل مسار التشييع ليكون من جسر الطابقين في حي الجادرية باتجاه مدينة الكاظمية، ومن هناك إلى كربلاء ثم النجف، في مراسم دينية أعدت مسبقاً من قبل قادة "الحشد الشعبي".

إيران تهدد بضربات مهلكة

إلى ذلك، أكد المتحدث باسم القوات المسلحة الإيرانية، الجنرال أبوالفضل شكارجي، اليوم الأحد، أن الولايات المتحدة "دخلت في معركة خطيرة للغاية"، داعياً إياها إلى "انتظار ضربات مهلكة وأكثر قوة وعمقاً".

وشدد المتحدث العسكري الإيراني على أن بلاده ستنتقم "بشكل قاس" من الأميركيين، لافتاً إلى "أننا سنثبت لهم أننا سنطبق ما نقوله"، لكنه أكد في الوقت ذاته "لن نتصرف بشكل منفعل، نفكر وندرس باقتدار ثم ننتقم".

وعن موعد وطريقة الانتقام، أوضح شكارجي أن "إيران وجبهة المقاومة هما من يحدد زمان ومكان وطريقة الانتقام"، متطرقاً إلى التهديدات الأميركية إذا ما ردت طهران، ليعتبرها "حربا نفسية"، مؤكدا أن هذه الحرب "لن تؤثر على إرادة إيران وجبهة المقاومة".

وقال شكارجي، لوكالة "تسنيم" الإيرانية، إن واشنطن "زعزعت أمن الكثير من دول العالم والمنطقة، خصوصا العراق"، معتبرا أن تواجدها في الجارة العراقية "بهدف ضرب أمنها واستقرارها، للحيلولة دون تشكيل حكومة مستقلة".

من جهته، نفى رئيس البرلمان الإيراني، علي لاريجاني، خلال كلمته بجلسة البرلمان، اليوم الأحد، صحة التصريحات الأميركية حول تخطيط سليماني لتنفيذ عمليات ضد القوات الأميركية في سورية ولبنان والعراق، معتبراً إياها "كذبة".

ودعا لاريجاني واشنطن إلى "إظهار وثائق بهذا الشأن إن كانت لديها"، مؤكداً أن اغتيال شخصيتين رفيعتين من إيران والعراق في مطار بغداد "لا ينسجم مع أي قاعدة دولية وتصرّف وفق قانون الغابة".

وخاطب لاريجاني الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، قائلا "لقد ارتكبت جريمة كبرى وضعتك في مواجهة إيران"، معتبراً أنها توازي "جريمة انقلاب 1953" ضد حكومة محمد مصدق المنتخبة في إيران، والتي دبّرتها الولايات المتحدة، مع التأكيد أن "نتائج مؤلمة ستترتب على هذه المغامرة".

واتهم لاريجاني، وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بتوريط ترامب في اغتيال سليماني، مخاطباً إياه بالقول "إن وزير خارجيتك قدم لك معلومات خاطئة ليقحمك في مستنقع لا نهاية له. انظر إلى ردة فعل الشعبين الإيراني والعراقي لتعلم المسار الخاطئ الذي سلكته".

وقال لاريجاني لترامب "لجهلك، عرّضت أرواح الجنود الأميركيين لخطر في المنطقة وعليكم الهروب منها"، داعياً إياه إلى عدم تهديد إيران، وقال "أنتم اليوم وقعتم في مستنقع كبير مقابل إيران، مساحته أضعاف مساحة أوروبا".

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد حذر، أمس السبت، من أنّ الولايات المتّحدة حدّدت 52 موقعاً في إيران ستضربها "بسرعة كبيرة وبقوّة كبيرة" إذا هاجمت طهران أهدافاً أو أفراداً أميركيّين.

وأضاف ترامب في تغريدة أن بعض تلك المواقع هي "على مستوى عال جدّاً ومهمّة بالنّسبة إلى إيران والثقافة الإيرانيّة"، مشيراً إلى أنّ "تلك الأهداف، وإيران نفسها، سيتمّ ضربها بشكل سريع جدّاً وقويّ جدّاً. الولايات المتحدة لا تريد مزيداً من التهديدات".

ظريف: تهديدات ترامب "جريمة حرب"

في المقابل، رد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، في تغريدة على تهديدات ترامب الأخيرة، معتبراً أن تهديده بضرب مواقع ثقافية إيرانية "جريمة حرب"، مؤكداً أن "نهاية التواجد الأميركي في الشرق الأوسط قد بدأت بالفعل".


وتعليقاً على تهديدات ترامب أيضاً، أكد القائد العام للجيش الإيراني، عبدالرحيم موسوي، أن "الهدف منها هو الحفاظ على ماء الوجه أمام الرأي العام الدولي والتستر على تصرفهم اللاإنساني والوقح" في اغتيال سليماني.

وأضاف موسوي "في أي مواجهة محتملة سنرى في نهاية المطاف، الطرف الذي ستضرب مواقعه الـ 52"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة الأميركية "لا تتجرأ" على مهاجمة إيران. ​

أما رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، مجتبى ذوالنور، فأكد في مقابلة مع نادي "المراسلين الشباب" أن رد بلاده على الولايات المتحدة سيكون "له أبعاد عسكرية واقتصادية وقانونية مختلفة"، مشيراً إلى أن البرلمان يعمل على حظر استيراد وشراء السلع الأميركية، منها منتجات "أبل"، قائلاً إن ذلك سيحمل واشنطن مليار دولار خسارة سنوية.

كما أكد أن طهران سترفع شكوى ضد واشنطن في الأوساط الدولية، معتبراً أن الرد على اغتيال سليماني "سيكون قاسياً يبعث على الندم"، إلا أنه أشار في الوقت ذاته إلى أن "ردنا العسكري لن يتأخر ولن يكون سريعاً أيضاً على حساب الدقة".

وأضاف أن "إيران هي من يحدد زمان ومكان ونطاق وطبيعة الرد"، داعياً إلى أن يحقق "أكثر مصلحة للشعب الإيراني ويلحق أكثر خسائر بالعدو".

بدوره، قال نائب الأمين العام لـ"حزب الله" اللبناني، نعيم قاسم، اليوم الأحد، بعد زيارته بيت سليماني في طهران، إن اغتياله "ليس نهاية الطريق بل انطلاقة جديدة للمقاومة"، مؤكداً أن هذا الاغتيال "يحمل محور المقاومة مسؤولية لمواصلة دربه بكل عزم وجدية".

وأضاف أن "المحور" بعد غياب سليماني "سيصبح أقوى مما كان وسنمضي حتى القضاء على إسرائيل"، مشيراً إلى أنه "سنبذل جهوداً لمنع وصول أميركا إلى أهدافها".

وشدد قاسم على أن الولايات المتحدة بعد اغتيال سليماني "ستعلم أنها ارتكبت حماقة كبيرة وأن حساباتها كانت خاطئة". ​