وفي جولةٍ على بعض خيم الحراك في وسط بيروت، عَلِم "العربي الجديد"، بمساعٍ يجري التحضير لها لتشكيل ائتلافٍ يضمّ مجموعات تتشارك الرؤى الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لوضعها في إطار منظَّم يحدّد مسار المواجهات في المرحلة المقبلة.
وفي هذا السياق، تعتبر الناشطة السياسية في مبادرة "وعي" (مبادرة مدنية ولدت قبل سنتين ونصف السنة، تهتم بالشأن العام وهدفها مكافحة الفساد بكل أشكاله)، ندى أيوب، أنّ المواجهة اليوم "يجب أن تكون أكثر تنظيماً بين المجموعات، وضمن تحالفات أوسع لتحقيق أهدافِ الثورة، وكسر تعنّت السلطة التي لم يُحرِّك لها عدد الجرحى والإصابات الجسدية البليغة التي لحِقت بالثوار الأسبوع الماضي، أي شعورٍ أو ضميرٍ، لا بل واصلت مخطَّط تشكيل الحكومة وتوزيع الحصص على مسمع ومرأى ووجع الناس".
وتؤكّد أيوب أنّ الحكومة بالطريقة التي جرى تشكيلها وتأليفها فيها، "جسّدت أسوأ سيناريو يُمكن لأي سلطة أن تُمارسه بوجهِ شعبٍ منتفضٍ منذ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2019، من دون أن تأبه لصوت الناس وأبسط مطالبهم وحقوقهم المسلوبة منهم بقوّة المحاصصة والقوانين التي وضعتها القوى الحاكمة على قياسها". وتشدّد على أنّ حكومة دياب "لن تحصلَ على الثقة الشعبيّة، وقرار الثوار محسومٌ بإسقاطها في الشارعِ، والأيام المقبلة كفيلةٌ بإظهار إصرار اللبنانيين المنتفضين على إكمال المسار حتى الوصول إلى خطّ المطالب".
وترى أيوب، أنّ ردّة فعل الشارع اليوم "طبيعية بعد استخدام أساليبٍ سلمية مكلَّلة بالورود والمسيرات المدنيّة لأكثر من شهرين، غير أنّ تغيير السلوك السلمي المطلق بات مطلوباً لمواجهة المرحلة الجديدة الأشدّ والأصعب. من هنا تأتي ضرورة إحياء قيادةٍ مشتركة للتنسيق وخلق غرفة طوارئ تُدعِّم هجومنا ووصولنا إلى مرمى فريق السلطة".
من جهته، يعتبر أستاذ القانون الدولي والناشط في الحراك الدكتور علي مراد أنّ "هناك رفضاً مبدئياً من المحتجين لحكومة دياب، التي نحن على ثقة بأنّها غير قادرة على تلبية مطالب اللبنانيين، لأسباب كثيرة، منها المُحاصصة، وغياب البرنامجَين السياسي وحتى الاقتصادي اللذين لا نعرف عنهما شيئاً. كما أنها تعكس التوازنات المذهبية والطائفية والحزبية والمناطقية، بشكل لا يُشبه واقع البلد بعد 17 أكتوبر/تشرين الأول، سواء اقتصادياً أو سياسياً أو على صعيد التحديات التي يمرّ بها لبنان". ويرى، في حديثه إلى "العربي الجديد"، أنّ "رفض حكومة دياب هو المدخل الحقيقي لحل مشكلة البلد، بمعزل عن الأشخاص والأسماء، فهي حكومة الانهيار، التي لا تملك القرار السياسي في ظلّ تحكّم بعض الشخصيّات السياسيّة به، متعدية على دور المؤسسات الدستورية". ويشير إلى أنّ "هذه الحكومة ستخوض معركة العنف والقمع مع المتظاهرين، وتكريس دفع الفقراء لثمن الانهيار وتحديداً المالي منه لتأمين حماية المصارف".
في المقابل، تخشى أوساط حكومية، السيناريوهات المقبلة، ما دفعها إلى رفعِ جهوزية الأجهزة الأمنية في مختلف المناطق اللبنانية، وتكثيف حواجزها ونقاط التفتيش في شرايين البلاد الأساسيّة، وخصوصاً الطرقات التي تربط الشمال ببيروت والبقاع بالعاصمة، حيث تتوافد باصات يومية للمشاركة في التحركات الشعبية.
هذا ما يؤكّده مصدرٌ أمنيٌّ لـ"العربي الجديد"، ويضيف إليه، اللوائح التي يجري الإعداد لها بأسماءِ المطلوبين والصادرة بحقهم مذكرات توقيف، لقطع الطريق أمام عبورهم، وتفادياً لأيّ عمل أمني قد يزعزع الاستقرار ويعرِض المحتجين أيضاً لخطر "المندسين"، على حدّ قوله. ويعني هذا الأمر عملياً الدخول في لعبة "الأنفاس الطويلة"، التي يمكن أن تمهد لتغييرات جديدة في حال صمد المحتجون. أما في حال تراجعهم، فستكسب السلطة معركة إضافية قد تنتهي بالانهيار الشامل في لبنان.