ورصد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أمس، حجم القصف الجوي الهستيري من قبل طائرات النظام الحربية بشكل رئيسي والطائرات الروسية ومروحيات النظام، إذ تخطى عدد الغارات خلال ساعات معدودة 239 غارة، بينها 180 غارة خلال ثلاث ساعات فقط توزعت في ريفي إدلب وحلب، أي بمعدل غارة كل دقيقة. واستُهدفت بالغارات مناطق في الراشدين وكفرناها وخان العسل والمنصورة ومحيط الأتارب بريف حلب الغربي، وخلصة وبرنة وخان طومان والحميرة بريف حلب الجنوبي، ومعرة النعمان وبزابور والغدفة ومعرشورين والدير شرقي ومعردبسة وقمحانة وبينين ومعصران وحاس وسرجة وبابيلا وكرسيان والحامدية بريف إدلب. كما قصفت قوات النظام بالمدفعية بلدتي الزيارة والقرقور في ريف حماة الشمالي، بحسب مصادر محلية تحدثت مع "العربي الجديد". وإلى جانب استخدام الطائرات الحربية والمروحية رصد استهداف العديد من المناطق بالمدافع الثقيلة وراجمات الصواريخ. كذلك ارتفع إلى 66 عدد البراميل المتفجرة التي ألقتها مروحيات النظام على مناطق زيزون بريف حماة، وخان طومان وخلصة بريف حلب الجنوبي، والمنصورة وجبل شويحنة غرب حلب، ومعرة النعمان وأطرافها وكفروما والدير شرقي وخان السبل ومعصران بريف إدلب. وأدى القصف على أرياف حلب وإدلب إلى مقتل خمسة مدنيين على الأقل، فضلاً عن عشرة جرحى.
وعاش الشمال السوري، أول من أمس الثلاثاء، يوماً دامياً، قتل وأصيب خلاله العشرات من المدنيين بقصف الروس وقوات النظام. وقال مصدر من الدفاع المدني السوري، لـ"العربي الجديد"، إن قوات النظام وحليفه الروسي نفذا (أول من أمس) 28 غارة جوية، استخدمت فيها قنابل وصواريخ شديدة الانفجار، واستهدفت أكثر من 16 قرية وبلدة في ريف حلب الغربي. وأدت هذه الغارات، بحسب المصدر، إلى مقتل 27 مدنياً وإصابة أكثر من 40 آخرين على الأقل، بينهم أطفال ونساء، معظمهم قضوا في قريتي كفرتعال وكفرنونان، مشيراً إلى أن من بين القتلى أفراد عائلة بأكملها، مؤلفة من ثمانية أشخاص (أب وأم وأطفالهما الستة). من جهتها، نقلت وكالة "رويترز" عن سكان ومسعفين في المنطقة تأكيدهم أن الضربات الروسية قتلت 40 شخصاً على الأقل الثلاثاء.
في غضون ذلك، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان أكثر من 3890 ضربة جوية وبرية طاولت محافظة إدلب ومحيطها خلال الأيام السبعة الماضية، مشيراً إلى أنها تركزت بشكل رئيسي على أرياف إدلب الشرقية والجنوبية والجنوبية الشرقية، بالإضافة إلى ريفي حلب الغربي والجنوبي. وأشار المرصد إلى أن طائرات حربية روسية نفذت ما لا يقل عن 313 غارة جوية، بينما شنت طائرات النظام الحربية أكثر من 129 غارة. كما ألقت مروحيات النظام 68 برميلا متفجرا، فيما استهدفت قواته المنطقة بأكثر من 3380 قذيفة صاروخية ومدفعية.
ووثق "المرصد السوري" على خلفية القصف المكثف خلال هذه الأيام، مقتل 77 مدنياً، بينهم 28 طفلاً، بالإضافة إلى إصابة 182 آخرين بجراح متفاوتة، مشيراً إلى أن 43 مدنياً، بينهم 23 طفلاً وسبع نساء، قتلوا بقصف جوي روسي على كل من بالا وكفرتعال وكفرجوم والجينة وعويجل وكفرنوران وجداريا وأرحاب وكفرناها ومحيط الأتارب غرب حلب، والبارة جنوب إدلب، و21 مدنياً بينهم ثلاثة أطفال وعنصر في فرق الدفاع المدني قتلوا بقصف لطائرات النظام الحربية على مدينة إدلب وبلدة حاس بريفها، و13 مدنياً، بينهم طفلان وثلاث نساء قتلوا جراء قصف لـ"مجموعات جهادية"على أحياء في مدينة حلب الخاضعة لسيطرة قوات النظام.
من جهتها، ذكرت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، أمس، أن قواته استهدفت معاقل ومستودعات ذخيرة وأسلحة على امتداد الريفين الغربي والجنوبي الغربي لحلب، وخصوصاً الواقعة في محاذاة الطريق الدولية من حلب إلى سراقب. ونقلت عن مصدر في هذه القوات، قوله إن طائرات النظام استهدفت العديد من مقرات وتحركات فصائل سورية وخطوط دفاعها الخلفية في ريفي حلب الغربي والجنوبي الغربي. وطاول القصف محور منطقة الراشدين 4، محيط خان العسل، جمعية الصحافيين، وبلدات المنصورة وعينجارة وكفرتعال في الريف الغربي، والزربة وخان طومان وايكاردا وريف المهندسين الأول، على ضفتي طريق عام حلب - سراقب المؤدي إلى حماة بريف حلب الجنوبي الغربي.
وفي السياق، ذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن ريف حلب الغربي يشهد حركة نزوح كبرى كتلك التي حدثت في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي، نتيجة القصف الجوي والمدفعي، وخشية من تقدم قوات النظام بأي لحظة في عمق المنطقة، كما تتوعد هذه القوات منذ أيام. وذكر موقع "بلدي نيوز" الإخباري المعارض أن أهالي ريف حلب الغربي من مناطق خان العسل وكفرناها وكفرحمرة وعينجارة وكفرجوم يواصلون نزوحهم إلى ريف حلب الشمالي نحو منطقتي درع الفرات وغصن الزيتون، خوفاً من القصف المكثف على المنطقة.
سياسياً، تبذل تركيا جهوداً من أجل تهدئة دائمة في الشمال الغربي من سورية، بعد انهيار هدنة اتفقت عليها مع الجانب الروسي في العاشر من شهر يناير/ كانون الثاني الحالي.
ونقلت وكالة "الأناضول" التركية للأنباء، أمس الأربعاء، دعوة وزير الخارجية التركي، على هامش مشاركته في منتدى دافوس، روسيا إلى الالتزام بتعهداتها حيال وقف إطلاق النار في إدلب، باعتبارها الطرف الضامن لنظام الأسد. ولفت إلى أن الرئيس رجب طيب أردوغان، أكّد على هذا الموضوع مرة أخرى خلال اللقاء مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، على هامش مؤتمر ليبيا في برلين. وشدّد على أن الوضع في إدلب لا يزال خطيراً، وأنه لا يمكن قبول الهجمات التي يشنها النظام على المدنيين بطريقة عشوائية في هذه المنطقة.
وكان وزير الخارجية التركي أكد أول من أمس الثلاثاء عدم رغبة بلاده "في حدوث موجة لجوء جديدة"، مضيفاً أن "العمل جارٍ على إنشاء منازل مؤقتة داخل إدلب لتوفير ظروف معيشية أفضل للنازحين السوريين"، ومطالباً المجتمع الدولي بـ"تقديم الدعم لنا في هذا الخصوص".
وكان الجانبان التركي والروسي عقدا بداية الشهر الحالي سلسلة اجتماعات في العاصمة الروسية حول ملف محافظة إدلب، من دون الخروج كما هو واضح باتفاق، في ظلّ إصرار الروس على عودة النظام إلى الشمال الغربي من سورية، على غرار ما حدث في جنوب سورية منتصف العام 2018، وهو ما يرفضه الأتراك حتى اللحظة.