ترحيب ليبي بإقرار البرلمان التركي مذكرة دعم "الوفاق" عسكرياً.. وتحذيرات أميركية

02 يناير 2020
توقعات بأن تحين ساعة الصفر الجمعة أو السبت (Getty)
+ الخط -
لاقت مصادقة البرلمان التركي، الخميس، على مذكرة تفويض رئاسية لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، ترحيباً من حكومة الوفاق والمجلس الأعلى للدولة الليبي، بينما حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أي "تدخل أجنبي" في ليبيا.

وعقب مصادقة البرلمان التركي على المذكرة، شكر وزير خارجية حكومة الوفاق محمد الطاهر سيالة، نظيره التركي مولود جاووش أوغلو، في اتصال هاتفي على دعم أنقرة لحكومته.

من جانبه، توعد وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا اللواء المتقاعد خليفة حفتر بـ"بالاستسلام أو الانتحار". ودعا باشاغا في بيان نشرته الصفحة الرسمية للوزارة حفتر إلى إعلان "ساعة صفر صادقة ولو لمرة واحدة، وهي ساعة الانسحاب والاستسلام لإرادة الشعب الليبي".

وأكد باشاغا حق حكومة الوفاق "في الدفاع عن شرعيتها وحماية المدنيين من عدوان غاشم تقوده ثلة من الانقلابيين مدعومة من بعض الجهات الخارجية".

وشدد على أن الاتفاقات الموقعة بين الحكومة والجانب التركي "جاءت بالطرق القانونية وبشكل معلن دون مواربة، عكس الذين يستجلبون المرتزقة من جميع الملل بتسهيلات من بعض الدول التي تعترف بحكومة الوفاق في العلن وتدعم العدوان في جنح الظلام"، بحسب البيان.

من جانبه، رحب المجلس الأعلى للدولة الليبي، الخميس، بموافقة البرلمان التركي على مذكرة التفويض.

وأوضح المجلس، أن طلب حكومة الوفاق، المعترف بها دولياً، للدعم التركي، جاء "لمواجهة العدوان الخارجي الداعم للانقلاب على السلطة الشرعية، (عبر) دول ومرتزقة، و(من خلال) قتل أبناء الشعب الليبي في سبيل السيطرة على الحكم".

وتأسف المجلس في بيان نشره على صفحته الرسمية في موقع "فيسبوك"، "لما أوصلنا إليه مجرم الحرب (خليفة) حفتر، والدول الداعمة له مثل الإمارات ومصر وروسيا وفرنسا من قتل ودمار ومعاناة، مما اضطرنا إلى الاستعانة بشكل شرعي بالأصدقاء الأتراك للدفاع عن شعبنا وحماية المدنيين".

 

دولياً، حذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أي "تدخل أجنبي" في ليبيا خلال اتصال مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان، وذلك بعد أقل من ساعة على مصادقة البرلمان التركي على دعم "الوفاق" عسكرياً.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض هوغان جيدلي، في بيان، إن ترامب أشار في اتصال هاتفي "إلى أن التدخل الأجنبي يعقد الوضع في ليبيا".

وقبل ذلك، ذكرت الرئاسة التركية إن ترامب بحث مع أردوغان الوضع في ليبيا. وتابعت أن الرئيسان شددا على "أهمية الدبلوماسية في حل القضايا الإقليمية".

إلى ذلك، أعرب مجلس الدوما الروسي عن قلقه من تصديق البرلمان التركي على المذكرة، وقال رئيس لجنة الشؤون الدولية بالمجلس ليونيد سلوتسكي، في تصريح للإعلام الروسي، إن إرسال تركيا قوات عسكرية إلى ليبيا، "قد يعمّق أزمة الأخيرة أكثر"، بحسب ما أوردته وكالة "الأناضول".
واعتبر أن قرار البرلمان التركي "مثير للقلق"، مشدداً أن روسيا تؤكد ضرورة حل أزمة ليبيا عبر الطرق السياسية والدبلوماسية.
وأضاف سلوتسكي: "التدخل العسكري ليس حلاً جيداً بالتأكيد"، حاثاً على ضرورة مواصلة البحث عن الطرق السلمية من أجل حل أزمة ليبيا، عبر وساطة الأمم المتحدة وجهود المجتمع الدولي.

من جانبها، قالت الحكومة المغربية إنها "مستعدة لبذل أي مجهود" لحل الأزمة الليبية، وذلك في مؤتمر صحافي، للمتحدث باسم الحكومة المغربية، الحسن عبيابة، عقب اجتماع للحكومة، بحسب ما أوردته وكالة "الأناضول".

وقال عبيابة إن "المغرب بذل مجهوداً مع الأشقاء الليبيين لحل مشكلتهم، وهم يعتبرون اتفاق الصخيرات اتفاقاً مرجعياً، موضحاً أن بلاده تحترم السيادة الليبية، وتحترم كل المجهودات التي بذلت من أجل تطبيق اتفاق الصخيرات، الذي يعتبر اتفاقاً تاريخياً.

واتفاق الصخيرات جرى توقيعه تحت رعاية أممية في مدينة الصخيرات المغربية، في 17 ديسمبر/ كانون الأول 2015، لإنهاء الصراع في ليبيا.

في المقابل، اعتبرت جامعة الدول العربية الخطوة التركية "إذكاءً للصراع الدائر هناك، وأنها تتجاهل ما تضمنه القرار العربي الصادر عن مجلس الجامعة يوم31 ديسمبر الماضي من التشديد على رفض، وضرورة منْع التدخلات الخارجية التي قد ينتج عنها تسهيل انتقال العناصر الإرهابية والقوات المقاتلة إلى ليبيا، بما يسهم في استمرار حالة عدم الاستقرار والمواجهات العسكرية في ليبيا، ويهدد أمن دول الجوار الليبي".

وذكر مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة العربية في بيان له اليوم، "تأكيد المجلس على دعم العملية السياسية من خلال التنفيذ الكامل لاتفاق الصخيرات (ديسمبر 2015)، باعتباره المرجعية الوحيدة للتسوية في ليبيا، وإعراب المجلس عن القلق من التصعيد العسكري الذي يفاقم الوضع المتأزم في ليبيا ويهدد أمن واستقرار دول الجوار الليبي والمنطقة ككل بما فيها المتوسط. وأن التسوية السياسية تظل من المنظور العربي هي الحل الوحيد لعودة الأمن والاستقرار إلى ليبيا".

كما ذكّر المصدر بما تضمنه القرار "من خطورة مخالفة نص وروح الاتفاق السياسي الليبي والقرارات الدولية ذات الصلة، على نحو يسمح بالتدخلات العسكرية الخارجية، وبما يُسهم في تصعيد وإطالة أمد الصراع في ليبيا والمنطقة".

وأوضح المصدر أنه تنفيذاً لقرار مجلس الجامعة فقد أجرى أحمد أبو الغيط اتصالاً هاتفياً، اليوم 2 يناير الجاري، مع السكرتير العام للأمم المتحدة "أنطونيو غوتيرس" تناول خلاله آخر تطورات الموقف في ليبيا، كما أطلع "غوتيرس" على فحوى قرار مجلس الجامعة الأخير في هذا الخصوص، ونقل له قلق الدول الأعضاء من تداعيات تصعيد الموقف على النحو الجاري حالياً.

إقليمياً أيضاً، أكدت الخارجية المصرية إدانة القاهرة "بأشد العبارات" لقرار البرلمان التركي الموافقة على إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا.

كما أعلنت الرئاسة المصرية أن الرئيس عبد الفتاح السيسي اجتمع بمجلس الأمن القومي اليوم الخميس. وغاب عن البيان إعلان اتخاذ قرارات في الشأن الليبي، مع إشارة مقتضبة إلى أنه "تم تحديد مجموعة من الإجراءات على مختلف الأصعدة للتصدي لأي تهديد للأمن القومي المصري".

يُذكر أن البرلمان التركي، صادق اليوم على مذكرة تفويض رئاسية لإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، بأغلبية 325 صوتاً مقابل رفض 184 نائباً لها، في وقت يُتوقع أن تكون ساعة الصفر يوم غد الجمعة أو بعد غد السبت.

وعُقدت الجلسة الطارئة للبرلمان بناءً على دعوة رئيسه مصطفى شنتوب للأعضاء البالغ عددهم 600، لمناقشة المذكرة التي أرسلت بتوقيع من الرئيس رجب طيب أردوغان، بناء على طلب من حكومة "الوفاق" الليبية المعترف بها دولياً.

وكان وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قد أكد الثلاثاء، أن "مسألة إرسال قوات عسكرية إلى ليبيا بدأت في إطار الاستعدادات التي قمنا بها"، مضيفاً أن "المهمة ستوكل إلى القوات التركية ووزارة الدفاع بعد تصديق البرلمان على مذكرة التفاهم الأمني" مع حكومة الوفاق.

يأتي هذا في وقت كشف مصدر سياسي ليبي مطّلع لـ"العربي الجديد" الثلاثاء، عن أن قرار تقديم موعد جلسة مجلس النواب التركي، أتى لتحقيق عدة أهداف بالنسبة لحكومتي أنقرة والوفاق؛ أولها استباق زيارة كل من وزير خارجية فرنسا وإيطاليا وألمانيا إلى طرابلس والمفترض أن تحصل في 7 يناير/كانون الثاني، وقد وصل بالفعل إخطار رسمي لبعض الشخصيات الليبية الرفيعة المستوى بهذه الزيارة، ثم محاولة تحقيق تقدم ميداني مؤثر قبلها لتفويت الفرصة على الدول الثلاث باتجاه ممارسة ضغط على المجلس الرئاسي الليبي والقوى المنضوية تحته لانتزاع موقف ما أو تنازل منه قد يربك تطبيق الخطة التركية في ليبيا.

ومن المتوقع أن تكون ساعة الصفر غداً الجمعة أو بعد غد السبت، وعلى هذا الأساس يمكن فهم تصريحات المبعوث الدولي إلى ليبيا، غسان سلامة، والذي قال إن "الاتفاق التركي الليبي يسرع بتدويل النزاع ويؤدي إلى توسيعه"، وكذلك انتقاد وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف لمقترح رئيس الحكومة الإيطالي جوسيبي كونتي بفرض حظر جوي فوق ليبيا.