واليوم الخميس، نزلت قوة جديدة من القوات الأميركية الخاصة "المارينز"، إلى سطح السفارة تم نقلها جواً، وفقاً لمسؤول عسكري عراقي، قال لـ"العربي الجديد"، إنّ الأميركيين أبلغوا رئيس الحكومة المستقيل عادل عبد المهدي، بأنهم "لن يسمحوا بتكرار سيناريو بنغازي (ليبيا) في بغداد".
وتقدر القوة الجديدة ببضع عشرات من قوات "المارينز"، مجهزين بأسلحة خفيفة ومتوسطة للتعامل مع أي اعتداء آخر.
ووفقاً للمسؤول ذاته، وهو ضابط في اللواء 56 بالجيش العراقي المسؤول عن تأمين المنطقة الخضراء في بغداد، فإنّ الأميركيين "لم تعد لديهم ثقة بقدرة القوات العراقية الموجودة في منع أي اعتداء على السفارة، لذا سيتولون ذلك بأنفسهم"، مؤكداً أنّ الحكومة العراقية "وافقت على دخول القوات الجديدة قادمة من الكويت".
في المقابل، تؤكد مصادر بالخارجية العراقية، لـ"العربي الجديد"، أنّ السفير الأميركي ماثيو تولر لا يزال خارج بغداد، إضافة إلى كبار المسؤولين في طاقم السفارة الأميركية التي بات قسم منها حالياً في أربيل داخل القنصلية الأميركية هناك.
وعقب اقتحام السفارة، ظهر الثلاثاء، أعلن وزير الدفاع الأميركي مارك إسبر، أنّ 750 جندياً أميركياً سيتوجهون إلى العراق رداً على اعتداء المليشيات على السفارة، كما نشر حساب "القيادة المركزية الأميركية" على "تويتر" صوراً لوصول قوة خاصة من 100 عنصر من "المارينز" إلى بغداد، لحماية السفارة.
Twitter Post
|
من جهته، رأى عضو لجنة الأمن في البرلمان السابق حامد المطلك، اليوم الخميس، أنّ "التصرفات غير المسؤولة وغير المنضبطة وغير المنسجمة مع القانون العراقي ولا حتى مع العرف الدولي، التي أقدمت عليها المليشيا، ستكون لها نتائج سلبية ليس على المليشيات فحسب بل حتى على العراق والشعب".
وأكد المطلك، لـ"العربي الجديد"، أنّ "انضمام قادة الحشد للاعتصام، مع أنهم يتبوؤون مسؤوليات حكومية، يعني أن الحكومة ليست لديها سيطرة على هؤلاء، أو أنهم منشقون عن الدولة، وأن ذلك أمر بالغ الخطورة".
وأضاف أن "حراك المليشيات أعطى واشنطن مبررا لإدخال قوات قتالية بأعداد كبيرة إلى العراق، وأن الإجراء الأميركي جاء على اعتبار أنها تريد حماية سفارتها، بعد أن أدركت عجز الحكومة العراقية عن ذلك".
وحذّر من "خطورة دخول تلك الأعداد الكبيرة إلى العراق، تحت ذريعة حماية السفارة، وقد تكون هناك دوافع أميركية أخرى غير حماية السفارة. وقد تكلّف تلك القوات بتأمين السفارة أو المنشآت الأميركية وغير ذلك من المهام غير المعلومة، الأمر الذي ستكون تأثيراته على العراق وعلى المنطقة بشكل عام".
وأشار إلى أنّ "المليشيات والحكومة هما الجهتان المسؤولتان عن دخول تلك القوات، وأن تلك التصرفات غير المسؤولة ستجر العراق إلى المجهول"، لافتا إلى أن "البرلمان العراقي هو الآخر يعاني وضعا هشا ومربكا وهو متشرذم وغير قادر على أن يتحرك إزاء دخول تلك القوات، ولا حتى أن يستجوب الحكومة عن خطواتها اللاحقة تجاه ذلك، وكيف ستتصرف معها".
ساحة تصفية حسابات بين واشنطن وطهران
ومع تعقيد المشهد العراقي الذي يعاني أزمات سياسية وأمنية وصراعاً على رئاسة الحكومة، يعد دخول تلك القوات عامل تأزيم إضافياً في البلاد، وفقاً لمختصين في الشأن السياسي.
ووصف الخبير السياسي عباس المحمداوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، المشهد العراقي بأنّه "يزداد تعقيداً"، وتابع: "هو بالأحرى غير واضح كون العراق تحول إلى ساحة لتصفية حسابات بين واشنطن وطهران والحكومة والقوى السياسية تتقاسم الولاء للجانبين".
وبيّن المحمداوي أن "تلك المليشيات التي تتحدث للإعلام أنها تسعى لإخراج القوات الأميركية من العراق عبر التصويت على قانون إخراجها في البرلمان، وأنها حركت نوابها لجمع تواقيع لأجل ذلك، بينما أعادت هي بتصرفاتها القوات القتالية الأميركية للبلاد، ولن تستطيع إخراجها".
وأشار إلى أن وضع الحكومة العراقية "سيكون محرجاً جداً، لا سيما وأنها كانت تدعي أن الوجود الأميركي (قبل دخول هذه القوات) هو لغرض تقديم المشورة والتدريب للقوات العراقية، وأن لا نشاط قتاليا لها على الأرض"، معتبرا أن "القرار الأميركي السريع ووصول القوات إلى العراق، يؤشران إلى أننا سنشهد تصعيداً آخر غير متوقع من قبل واشنطن، لا سيما وأن أعداد القوات كبير جداً، وأن حماية السفارة لا تتطلب كل تلك القوات".
وتعد القوة التي أرسلت إلى بغداد، والتي تدعى "قوة الاستجابة للأزمات" قوة ذات تدريب عال، وتم انتقاء عناصرها بعناية من الكتيبتين الثانية والسابعة من "المارينز".
وقد وصفها الرئيس الأميركي دونال ترامب في تغريدة له، بأنها "القوة الأفضل"، وأن برفقتها المعدات العسكرية الأكثر فتكا في العالم".
Twitter Post
|
ويأتي ذلك في ظل دعوات يوجهها قادة إيرانيون إلى مليشيا "الحشد الشعبي" لمهاجمة المصالح الأميركية بالعراق، كان آخرها دعوة المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني حسين تقوي حسيني، الذي حرّض الحشد على الانتقام من الأميركيين رداً على ضربهم معسكراً للحشد.
يشار إلى أنّ واشنطن سبق وأن أعلنت أنّ لديها أكثر من 5 آلاف جندي في العراق، وهم يواصلون العمل بالشراكة مع قوات الأمن العراقية في قواعدهم لتقديم المشورة والتدريب.