تونس: احتدام التوتر بين "الدستوري الحر" و"النهضة" ودعوات حزبية إلى التعقل

19 يناير 2020
مطالبات بإيقاف التجاوزات داخل البرلمان التونسي (الأناضول)
+ الخط -
دعت أحزاب سياسية تونسية كلاً من حركة النهضة والحزب الدستوري الحر، إلى التعقل بعد أن ازدادت حدة التوتر والتلاسن بينهما تحت قبة البرلمان. 

ويطالب نواب بقرارات عاجلة لإيقاف التجاوزات وتطبيق العقوبات لمن يعطل سير العمل في ظل الأجواء الراهنة التي يرى النواب أنها تسيء إليهم وإلى المشهد السياسي عموماً.

ويبدو الصراع بين الحزب الحر الدستوري (سليل التجمع الذي حُلّ إبان الثورة) وحركة النهضة، قديماً متجدّداً. فمنذ تأسيس الحزب الدستوري، أعلن أنه ضد حركة النهضة، معتبراً إياها مسؤولة عن الفشل الذي تعانيه تونس، ومسؤولة عن تسفير الشباب إلى بؤر التوتر، وأعلنت رئيسة الحزب، عبير موسي، التي سبق لها أن اعتصمت في مقر البرلمان، تكوين عريضة لسحب الثقة من رئيس المجلس راشد الغنوشي.

وأكدت موسي أن "الغنوشي شخصية لا يمكن التعامل معها"، مشيرة إلى أن زيارته لتركيا خرق لنواميس الدولة، فيما تعتبر حركة النهضة أن الدستوري الحر ينتمي إلى المنظومة السابقة وأنه ضد الثورة والمسار الديمقراطي، ولذلك يسعى إلى التهجم على الحركة بسبب ودون سبب.

وأكد النائب في البرلمان عن حزب قلب تونس حاتم المليكي، لـ"العربي الجديد"، أنّ العمل في البرلمان عُطِّل للمرة الثانية، وذلك بسبب استمرار المناوشات بين النهضة والدستوري الحر، داعياً إلى ضرورة المسارعة إلى تنقيح النظام الداخلي للمجلس وعدم تعطيل سير الجلسات العامة.

وأوضح أن "النقاش السياسي والأيديولوجي أمر طبيعي، لكن مكانه ليس في الجلسات العامة، بل في وسائل الإعلام وفي فضاءات أخرى"، مضيفاً أنه "بعد الفشل في ضبط مدونة سلوك البرلمانيين، على اللجنة التي تهتم بالنظام الداخلي اقتراح تعديلات جديدة لتنظيم سير الجلسات العامة في ظروف طبيعية وعادية".
وأكد أنه لا يمكن الاستمرار في العمل داخل مجلس نواب الشعب بهذه الطريقة المشحونة، خاصة أن هناك إساءة إلى النواب ومؤسسات الدولة.

وأفاد بأنه لا بد من التسريع بالتعديلات المطلوبة، مشدداً على ضرورة تحمّل جميع النواب  المسؤولية للنأي بالعمل البرلماني عن دائرة الجدل السياسي.

ويشير الأمين العام للحزب الاشتراكي محمد الكيلاني لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ الصراع بين الدستوري الحر وحركة النهضة صراع قديم متجدد، ويحتوي في جزء منه على الكثير من صراعات الماضي، مبيناً أن المشاحنات الحالية لا تخلو من استفزازات وتوترات، وأن من شأن هذه الصراعات أن تزيد من النقمة على مؤسسات الدولة وعلى البرلمان، وفي ذلك ضرر لها.

وأشار إلى أن الخصومات السياسية مشروعة، ولكن يجب أن تكون حول البرامج والأفكار، لا أن تكون معارك ضيقة ومواجهات لا تفيد، مطالباً القوى المحايدة داخل البرلمان بفرض الحياد وفرض حد أدنى من الهدوء لإيقاف الصراع غير المسبوق. 

بدورها، ترى النائبة عن حركة الشعب، ليلى حداد، أنّ صراع الحزب الحر الدستوري ليس مع حركة النهضة فقط، بل مع أغلب الكتل البرلمانية، وعائلات شهداء الثورة وجرحاها، مشددة على أن مثل هذ الأجواء المشحونة تقلص من هيبة البرلمان وتعطي صورة عن أن النظام الديمقراطي فاشل، وهو ما يسعى إليه الدستوري الحر، بحسب حداد.

وأضافت حداد لـ"العربي الجديد" أنه رغم اختلافهم كحركة شعب مع حركة النهضة، إلا أنه لم يسبق لهم أن استفزوا نوابها، ومواقفهم دائماً سياسية لإيمانهم بالاختلاف، في حين أنهم لاحظوا عدم إيمان الدستوري الحر بالتعددية وبالديمقراطية.  

ولفتت إلى أنه لا بد من إعادة هيبة البرلمان بعيداً عن التراخي في اتخاذ القرارات الردعية، مشيرة إلى أن الصراع يكون خارج البرلمان، وهناك عقوبات لكل نائب يعطّل سير العمل داخل البرلمان.

وأكّد النائب عن التيار الديمقراطي غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن خطاب الدستوري الحر استئصالي ولا يمتّ إلى الديمقراطية بشيء، لافتاً إلى أنّ خطابه يتضمن نكراناً للثورة وللمسار الدستوري.

وأضاف أنه يجري تسجيل محاولات لتعطيل أعمال المجلس والإساءة إلى الديمقراطية التونسية يومياً، مطالباً رئاسة المجلس بفرض سلطة القانون.

المساهمون