تجدد حملة النظام شمال حماة: محاولة للسيطرة على الطرق الدولية

08 اغسطس 2019
خلّفت حملة قصف النظام دماراً كبيراً(عمر حج قدور/فرانس برس)
+ الخط -

لم تكد تمر أيام على إعلان النظام السوري تقويضه تفاهم الثلاثي، الروسي والتركي والإيراني، في جولة "أستانة 13" على هدنة في شمال غربي سورية، حتى حققت قواته، تحت غطاء جوي غير مسبوق، تقدماً في ريف حماة الشمالي، يؤكد أن النظام ماضٍ في خطته قضم مناطق المعارضة في محافظة إدلب ومحيطها، وفتح الطرق الدولية بالقوة. وسيطرت قوات النظام، أمس الأربعاء، على قريتين هامتين في ريف حماة الشمالي الذي يعد خط الدفاع الأول عن عمق محافظة إدلب، معقل المعارضة البارز، بل وتحاول التقدم باتجاه أبرز مدن هذا الريف، وهو ما يدفع المنطقة إلى صدام كبير، بهدف فرض إرادة النظام والجانب الروسي على فصائل المعارضة، التي تحاول صد محاولات النظام إحداث اختراق كبير في مناطق سيطرتها الاستراتيجية.

وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن قوات النظام سيطرت، بعد اشتباكات مع الفصائل دامت لساعات، ووسط قصف جوي ومدفعي وصاروخي مكثف، على قريتي الأربعين والزكاة في ريف حماة الشمالي، ما يجعلها على مشارف بلدتي اللطامنة وكفرزيتا الهامتين في نفس الريف. وكانت قوات النظام شنت هجوماً، الثلاثاء الماضي، على قرية الأربعين، استخدمت فيه مختلف أنواع الأسلحة المدفعية والصاروخية، بمؤازرة سلاح الجو الحربي والمروحي والطائرات الحربية الروسية.

وأشارت المصادر إلى أن قوات النظام باتت على مقربة من بلدة كفرزيتا، موضحة أنها تبعد عنها نحو 3 كيلومترات فقط "وهو ما يجعل البلدة في خطر داهم". وبيّنت المصادر أن سيطرة النظام على الزكاة "تعني تأمين طريق حماة اللاذقية بشكل كامل"، مشيرة إلى أن استخدام "القوة المفرطة" من قبل النظام والجانب الروسي كان وراء سقوط قرية الزكاة الاستراتيجية. وأشارت إلى أن قوات النظام سيطرت على الزكاة بعد 100 طلعة جوية خلال ساعات الليل فقط، إذ كان "هناك 7 طائرات تقصف دفعة واحدة"، وما يقارب 1500 صاروخ غراد وقذيفة مدفعية، موضحة أن فصائل المعارضة اضطرت إلى الانسحاب من المنطقة بسبب القصف غير المسبوق، مشيرة إلى أن مقاتلي فصائل المعارضة انسحبوا إلى لطمين وكفرزيتا واللطامنة. من جانبه، أكد المرصد السوري أن قوات النظام تمكنت من تحقيق تقدم جديد تمثل في السيطرة على بلدة الزكاة الواقعة على مقربة من اللطامنة، مشيراً إلى أن هذه القوات باتت على بعد كيلومترات قليلة من اللطامنة.


وأكد العقيد مصطفى البكور، قائد العمليات في "جيش العزة"، أبرز فصائل الجيش السوري الحر في ريف حماة الشمالي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "شدة القصف" وراء تراجع فصائل المعارضة السورية، مشيراً إلى أن الزكاة سقطت نارياً بعد سيطرة قوات النظام على قرية الأربعين. وأوضح أن قوات النظام تحاول التقدم باتجاه كفرزيتا، واصفاً ما يجري بأنه "معارك صد من قبلنا وهجوم من قبلهم"، مضيفاً أن "المناطق المحصنة صامدة حتى الآن".

وكانت قوات النظام السوري سيطرت الخميس الماضي على قريتي حصرايا وأبو رعيدة، بعد اشتباكات مع الفصائل المسلحة، بعد أن كانت استعادت نهاية الشهر الماضي السيطرة على قريتي تل ملح والجبين بريف حماة الشمالي. وجاءت سيطرة النظام على قريتي الأربعين والزكاة بعد يومين من انهيار الهدنة التي اتفق عليها المشاركون في جولة "أستانة 13"، حيث شنّ النظام، الإثنين الماضي، حملة قصف على مدينة خان شيخون وكفرسجنة والتمانعة وحيش والشيخ ودامس والتح ومدايا وبسيدا وأطراف معرة النعمان في ريف إدلب الجنوبي، ما خلّف دماراً كبيراً. ومن الواضح أن النظام وداعميه الروس يحاولون تطبيق ما اتفق عليه المشاركون في "أستانة 13" بالقوة، خصوصاً لجهة دفع فصائل المعارضة السورية و"هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، 20 كيلومتراً داخل محافظة إدلب للسيطرة على طريقي حلب - الساحل، وحلب - حماة، اللذين يمران في ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي. وكان اتفاق سوتشي المبرم بين تركيا وروسيا، والذي أكد عليه بيان جولة "أستانة 13"، نص على إنشاء منطقة آمنة في محيط إدلب بين مناطق النظام والمعارضة، بحدود تتراوح بين 15 و20 كيلومتراً، خالية من السلاح الثقيل. كما نص اتفاق سوتشي على "استعادة طرق نقل الترانزيت عبر الطريقين إم 4 (حلب - اللاذقية) وإم 5 (حلب - حماة) بحلول نهاية عام 2018". وتسيطر المعارضة السورية على أوتوستراد حلب ـ اللاذقية من منطقة الراشدين في ريف حلب الغربي، والتي تعتبر منطقة اشتباك، مروراً بمدينتي سراقب وأريحا ثمّ ريف جسر الشغور في ريف إدلب، إلى ريف اللاذقية الشمالي عند منطقة الناجية. كما تسيطر فصائل المعارضة على جانب من طريق حلب - حماة المفضي إلى مدينة حمص وسط البلاد، وبعد ذلك إلى العاصمة دمشق، والذي يعد أهم الطرق التي تربط شمال البلاد بجنوبه. وهذا ما يفسر الحملة العسكرية الكبيرة التي يقوم بها النظام والروس للسيطرة على ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي اللذين يتعرضان لقصف جوي كثيف منذ أكثر من 3 أشهر، ما أدى إلى تهجير أكثر من نصف مليون مدني.

ويعد ريف حماة الشمالي خط الدفاع الأول عن عمق محافظة إدلب، ومن هنا تنبع أهميته لفصائل المعارضة التي خسرت أكثر من 20 مدينة وبلدة وقرية، وموقعاً في هذا الريف منذ مايو/أيار الماضي وحتى الآن. وأبرز المواقع التي خسرتها المعارضة، هي جنابرة، وتل عثمان، وجابرية، وتل هواش، وتويه، وشيخ إدريس، وكفرنبودة، وقلعة المضيق، والتوينة، والشريعة، وباب طاقة، والحمرة، والحويز، والمهاجرين، والكركات، والمستريحة، والخالدي، والحرداني، والأربعين والزكاة. وكانت قوات النظام غيرت استراتيجية قتالها في ريف حماة الشمالي منتصف الشهر الماضي، إذ استقدمت تعزيزات ضخمة من الفرقة السابعة والحرس الجمهوري والأمن العسكري والفرقة الرابعة والثامنة والحادية عشرة والرابعة عشرة والثامنة عشرة. وتترافق العمليات العسكرية في ريف حماة الشمالي مع قصف جوي ومدفعي وصاروخي عنيف على مجمل الشمال الغربي من سورية، إذ شنت طائرات النظام الحربية، أمس الأربعاء، أكثر من 20 غارة، استهدفت مدايا وعابدين والهبيط بالقطاع الجنوبي من ريف إدلب وبلدتي مورك واللطامنة بريف حماة الشمالي. فيما ألقى الطيران المروحي 10 براميل متفجرة على حيش والركايا والنقير جنوب إدلب، وكفرزيتا شمال حماة. كما استهدفت طائرات روسية بأكثر من 12 غارة جبل الأربعين وبسيدا ومدايا بريف إدلب الجنوبي، وكفرزيتا شمال حماة، ومحور كبانة في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، فضلاً عن قصف مدفعي وصاروخي مكثف على هذه المناطق.