وفقا للتلفزيون الإيراني، قال الرئيس روحاني، وفي كلمة له في اجتماع الحكومة: "إننا مستعدون دائما لتفاوض عادل وقانوني، ومن منطلق العزة، لكننا لن نجلس على طاولة الاستسلام باسم التفاوض".
وقال الرئيس الإيراني "لسنا متعنتين ولا نريد الحرب والتوتر، لكننا لن نقبل بقول الزور ولن نرضخ للغطرسة".
وفي الوقت نفسه، دافع روحاني عن توقيع بلاده على الاتفاق النووي عام 2015، معتبرا أن الاتفاق "قد أوجع الصهانية والرجعية في المنطقة"، مشيرا إلى أنه بعد تشكيله حكومته الأولى عام 2013 بعد توليه منصب الرئاسة، "كسر المأزق السياسي على الساحة الدولية" لبلاده.
النفط والاتفاق النووي
وبشأن العقوبات الأميركية المفروضة على إيران، أضاف روحاني أنه "عندما كنا نستطيع بيع نفطنا بقدر حاجاتنا كنا نتعامل مع موضوع انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي بطريقة أخرى"، مشيرا إلى أنه "بعد فرضها حظرا نفطيا شاملا على إيران، ظهرت ظروف جديدة في مايو/ أيار الماضي كانت مختلفة عن مايو 2018"، الذي حصل فيه الانسحاب الأميركي من الاتفاق.
وبذلك أقرّ روحاني بأن الصادرات النفطية الإيرانية في الوقت الحاضر ليست بقدر حاجاتها، ليعزو تبني بلاده سياسة تقليص التعهدات النووية إلى "الحظر الشامل" للنفط الإيراني، بالقول إن إيران بعد الظروف الجديدة التي ظهرت بفعل هذا الحظر "اتخذت قرارات حازمة بخصوص تقليص التعهدات النووية، ومنحت مهل الستين يوما لأطراف الاتفاق النووي لتنفيذ تعهداتها".
وأوضح أن هذه الأطراف "خلال مهلة الستين يوما اتخذت خطوات، لكنها لم تكن كافية، لذلك أوقفنا تعهدين آخرين"، مشيرا إلى أنه خلال هذه المهلة "بذلت دول مختلفة جهودا، وقدمت مقترحات كثيرة لنوقف تقليص تعهداتنا، على أساس أن تقوم الأطراف الأخرى بخطوات".
وأوضح الرئيس الإيراني أن هذه المقترحات "لم تكن متوازنة ومتعادلة، ولو كانت متوازنة لقبلناها"، لافتا إلى أن "تقليص التعهدات أمر مؤقت، وفي حال نفذت بقية الأطراف تعهداتها سنعود إلى مرحلة ما قبل تخفيص التعهدات".
وتشترط طهران تمكنها من بيع نفطها وتسهيل معاملاتها المالية والمصرفية لكي تنفذ كامل تعهداتها النووية المنصوصة عليها في الاتفاق النووي.
اتصالات دون النتيجة المطلوبة
وأشار إلى "وجود اتصالات ومباحثات مع الدول الأوروبية ودول أخرى في العالم"، مضيفا أنها "لم تصل إلى نتيجة مطلوبة بعد".
وأكد أن إيران "ستواصل المسار السياسي، لكن إذا ما وصلنا إلى نتيجة خلال مهلة الستين يوما الثانية سننفذ المرحلة الثالثة" من تقليص التعهدات النووية، والتي لم تكشف طهران عن طبيعة الخطوات التي يمكن أن تتخذها فيها، لكنها هددت برفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 20 في المائة، ملوحة أيضا بالانسحاب من الاتفاق النووي.
مضيق هرمز ليس مكانا للمزاح
وبخصوص التطورات الأخيرة في الخليج، أكد روحاني على أهمية الأمن في الخليج وبحر عمان ومضيق هرمز لبلاده، قائلا إن إيران "فضلا عن الحفاظ على أمن هذه المناطق تبذل جهودا لضمان أمن بقية الممرات العالمية، مثل باب المندب والمحيط الهندي".
وأضاف أن "مضيق هرمز يتمتع بموقع حساس للغاية لنا، وليس مكانا للمزاح أو أن تتجاهل دولة المقررات الدولية فيه، وأن تدخل إلى المضيق دون مراعاة تحذيرات الحرس الثوري، الذي يتولى مسؤولية أمنه"، وذلك في إشارة إلى بريطانيا التي احتجز الحرس ناقلتها "ستينا إمبيروا" المحتجزة منذ الجمعة الماضي، والتي تقول طهران إنها ارتكبت "انتهاكات للقوانين الدولية للملاحة البحرية".
وفي الإطار ذاته، أشار روحاني إلى حادث إسقاط القوات الجوفضائية للحرس الثوري طائرة مسيرة أميركية في العشرين من الشهر الماضي، قائلا إن ذلك "كان ردا دقيقا ومهنيا"، قبل أن يقول إنه في حال تكرر اختراق الأجواء الإيرانية من قبل الطائرات المسيرة الإيرانية "سنكرر ردنا".
من جهته، نفى القائد العام للحرس الثوري الإيراني، حسين سلامي، في تصريحات من محافظة لورستان، غربي البلاد، أن تكون القوات الأميركية في المنطقة قد أسقطت "أي طائرة مسيرة إيرانية"، داعيا واشنطن إلى "إظهار مستندات وتسجيلات حول المزاعم بإسقاط طائرات مسيرة إيرانية".
وعن حديث الرئيس الأميركي حول إسقاط طائرة مسيرة إيرانية، الخميس الماضي، قال سلامي إن هذه الطائرة كانت تقوم بعمليات مراقبة ورصد "لسفن إقليمية ودولية" من سماء الخليج لمدة ثلاث ساعات وأربعين دقيقة، واصفا حديث ترامب بأنه "كذبة كبرى"، قال إن بلاده "أثبتتها للرأي العام العالمي" من خلال نشر صور وتسجيلات.
وشدد القائد العام للحرس الإيراني على أنه "أعلن رسميا أنه لم تسقط أي طائرة مسيرة تابعة للجمهورية الإسلامية".
يأتي ذلك في وقت صرّح فيه قائد القيادة الأميركية الوسطى "سنتكوم" الجنرال كينيث ماكنزي، أمس الثلاثاء، بأنّ سفينة عسكرية أميركية ربما أسقطت طائرتين إيرانيتين مسيرتين في منطقة الخليج الأسبوع الماضي.
شمخاني: المقاومة الفعّالة ولا تفاوض
ومن جهته، وفي تصريحات له في لقاء مع أعضاء اللجنة الاقتصادية للبرلمان الإيراني، جدد أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، رفض بلاده التفاوض مع الإدارة الأميركية، قائلا إن "التفاوض مع شخص مثل ترامب، الذي لا يلتزم بأي تعهد، هو حماقة ودليل ضعف وعجز".
وفيما أشار شمخاني إلى "مكاسب استراتيجية المقاومة الفعالة"، رآى أن الولايات المتحدة الأميركية "أدركت عدم نجاحها وعجزها في ممارسة سياسة الضغط ـ التفاوض".
وشدد على أن واشنطن "لا خيار أمامها إلا تنفيذ كامل تعهداتها وتأمين حقوق الشعب الإيراني بالكامل"، وذلك في دعوة غير مباشرة للولايات المتحدة إلى العودة للاتفاق النووي.
وأكد شمخاني أن "أعداءنا وصلوا إلى القناعة بأنه لا يمكن من خلال تضخيم شبح الحرب الخيالي، إخضاع الشعب الإيراني لقبول المذلة والهوان".
وأشار إلى أن بلاده تمارس استراتيجية "المقاومة الفعالة" في مواجهة استراتيجية "الضغوط القصوى" الأميركية، معتبرا أن الهدف من الأخيرة هو "تقليل التحمل المجتمعي في إيران، وخلق فوضى داخلية واحتجاجات لإخضاع النظام في نهاية المطاف".
لكن شمخاني أكد في الوقت ذاته أن "الشعب الإيراني يفهم جيدا أهداف الأعداء لزعزعة استقرار البلاد، فوقف خلال العامين الأخيرين إلى جانب النظام أكثر من قبل، وبمقاومته منقطعة النظير في جميع الأبعاد أحبط العدو".
وأوضح أن بلاده من خلال تبنيها استراتيجية "المقاومة الفعالة منذ مايو/ أيار الماضي غيرت معادلات القوة في المنطقة بشكل كامل".
وقال إن "الاستقرار النسبي في اقتصاد البلاد وفقدان التطورات السياسية والأمنية تأثيراتها على الأسواق الرئيسية، وخاصة سوق العملات، دليل على نجاح الاستراتيجيات السياسية والاقتصادية والمجتمعية" لبلاده في مواجهة الضغوط الأميركية، على حد قوله.