كشف عدد من المحامين الذين حضروا جلسات التحقيق في القضية 930 لسنة 2019 حصر أمن دولة عليا المعروفة إعلامياً بـ"تحالف الأمل"، أن "الأيام القليلة المقبلة ستشهد عرض أمر التحفّظ على أموال معظم المتهمين في القضية على دوائر عدة في محاكم الجنايات في القاهرة والإسكندرية وطنطا، على الرغم من أنه لم يتم إبلاغهم رسمياً بذلك، بشكل يخالف قانون الإجراءات الجنائية، وأن أمر التحفظ لا يشمل فقط المتهمين المحبوسين والمتواجدين خارج مصر ولكنه يتضمّن أشخاصاً لم يتم القبض عليهم ولم توجه لهم أي اتهامات حتى الآن، من بينهم 5 أشخاص من محافظة الإسكندرية". ومن الأشخاص الذين تم القبض عليهم أخيراً بعد تفجير القضية الأسبوع الماضي، شابان ناصريان من فريق عمل النائب الناصري أحمد طنطاوي، الذي تدور التحريات في جزء منها حول "تورطه" في التنسيق مع باقي المتهمين لتكوين "تحالف الأمل" السياسي توطئة للاستعداد للانتخابات البرلمانية المقبلة. وهو الكيان الناشئ الذي تحول في بيان الداخلية إلى "خلية الأمل الإرهابية التي يديرها الإخوان ونشطاء ناصريون ويساريون وليبراليون".
وأضاف المحامون الذين تحدثوا لـ"العربي الجديد"، أنه "من الواضح وجود مشكلة لدى بعض دوائر الجنايات في نظر أمر التحفظ على أشخاص بعضهم لا يملكون إلا رواتبهم الشهرية، ولا توجد أي صلات واقعية بينهم وبين الوقائع التي تتحدث عنها تحريات الشرطة مثل تمويل الإرهاب والتحريض على التظاهر، ولذلك فإنه تم عرض أمر التحفظ على بعض الدوائر، ولم ترغب في أن تصدر قراراً برفض الأمر، فتنحت عن نظره، وأعيدت الأوراق المرسلة من نيابة أمن الدولة العليا إلى محكمة الاستئناف من جديد لتحديد دائرة أو أكثر".
ورجّح المحامون من سير التحقيقات حتى الآن، أن تتحول القضية إلى ما يشبه "الثلاجة"، فتضاف إليها تباعاً أسماء العديد من النشطاء الإسلاميين والناصريين واليساريين الذين لا يجمع بينهم أي نشاط سياسي لخدمة السردية التي يروج لها النظام، ومفادها أن الإخوان استعانوا بتلك الشخصيات لتحقيق أهدافهم. وهو ما يعبّر عنه توجيه تهمة "مشاركة جماعة إرهابية في تحقيق أهدافها" والتي يندرج تحتها أي فعل أو منشور أو حديث يتفق مع اتجاهات الإخوان وأي جماعة تصنفها السلطة إرهابية، حتى إذا لم يكن ثابتاً وجود اتفاق بين الطرفين على ذلك، لتمكين المحاكم من محاسبة تلك الشخصيات من دون ارتكاب جرم واضح.
وذكر المحامون أن "مصلحة السجون والنيابة العامة تتعنتان في إدخال مأكولات ومشروبات وملابس لجميع المتهمين في القضية، وأن بعض المتهمين خضعوا داخل السجن لجلسات تحقيق مطولة بواسطة ضباط الأمن الوطني، بعد خضوعهم لتحقيقات في النيابة. وخرجت أسئلة الأمن الوطني عن إطار القضية في محاولة لمساومة بعضهم بالخروج عاجلاً مقابل الإرشاد عن شخصيات إخوانية ويسارية أخرى ضالعة في تحركات سرية، ادعى الضباط أنهم رصدوها في المحافظات المختلفة استعداداً للانتخابات البرلمانية".
وأشار المحامون إلى أنه "على الرغم من استغراق المتهمين غير الإسلاميين وقتاً طويلاً في التحقيقات في الحديث عن الخصومة السياسية بينهم وبين الإخوان للتدليل على استحالة التوافق معهم على أي حراك، إلا أنه تم تهديد بعضهم بتوجيه اتهامات جديدة خصوصاً بالانتماء لجماعة إرهابية ومن ثم إدراجهم على قائمة الإرهاب، في حالة عدم الإدلاء بمعلومات عن جميع الشخصيات التي انخرطت في الاتصالات حول (تحالف الأمل) خلال الفترة الماضية".
وتقاطعت هذه المعلومات مع معلومات أخرى أدلى بها لـ"العربي الجديد" مصدر بالأمن العام، قال إن "المشكلة التي أغضبت النظام من تدشين هذا التحالف هي رغبة بعض النشطاء في عدم التنسيق مع الأمن فيما يتعلق بالخطوات المستقبلية له، وإصرارهم على التعتيم وتسريب معلومات ضئيلة عن الأفكار المطروحة إلى الأمن الوطني. وهو ما اعتبره النظام مخالفة لقواعد اللعب التي وضعها لإدارة المشهد السياسي". وذكر المصدر أن "هناك تعليمات مشددة للأجهزة الأمنية من المخابرات العامة بقيادة اللواء عباس كامل والضابط محمود السيسي، نجل رئيس الجمهورية، باستخدام أقسى درجات التشدد مع أي حراك سياسي قبل انتخابات مجلس النواب المقبلة، معبراً عن ذلك بقوله: البلد هتتشد أكتر في الفترة الجاية، ولا حقيقة لأي كلام يتردد عن انفراجة على خلفية وفاة (الرئيس الراحل) محمد مرسي".
وربط المصدر في سياق واحد بين محاولات "تضخيم" قضية "تحالف الأمل" وبين الإجراءات الجديدة التي اتخذت في السجون المختلفة بعد وفاة مرسي، ومنها ما يعاني منه رئيس حزب "مصر القوية" عبد المنعم أبو الفتوح الذي أعلن نجله أنه تعرض لأزمتين صحيتين أخيراً، مشيراً إلى ما سبق لـ"العربي الجديد" نشره عقب وفاة مرسي "إلغاء مواعيد الزيارة الدورية في سجون طرة وأسيوط والوادي الجديد والقناطر وجمصة وعدد آخر من السجون الأصغر حجماً، وإعادة تنظيم مواعيد الفسحة والتريض للسجناء في تلك السجون خلال الأسبوع الحالي وتقليل مدتها وتواليها، بما يضمن تقليل عدد السجناء في كل حصة، مع إلغاء إجازات الضباط والأمناء والمجندين لضمان وجود عدد كاف منهم لمتابعة السجناء في جميع الحصص، وإجراء حملات تفتيش مشددة وسحب بعض الأجهزة الكهربائية التي كان مسموحاً بدخولها مع بداية شهور الصيف، وكذلك الكتب والمجلات والصحف".
وأوضح المصدر أن "هناك سبباً آخر لهذا التشديد، ترتب عليه اختيار دقيق للشخصيات المقبوض عليها في القضية دون غيرها من نشطاء تحالف الأمل. وهو قلق السلطة من أي رد فعل شعبي نتيجة موجة ارتفاع أسعار الوقود والمحروقات المقرر إجراؤها هذا الصيف، ولم يتم الإعلان رسمياً عن موعدها حتى الآن، فتم استهداف شخصيات بعينها نشطة على مواقع التواصل الاجتماعي كالخبير الاقتصادي عمر الشنيطي والناشط اليساري حسام مؤنس".
وكشف المصدر أن "الأجهزة الأمنية سبق وطلبت أكثر من مرة من دائرة السيسي إبلاغها بالموعد لاتخاذ حذرها، لكن الرد جاء بأن كل ما يخصّ الموعد في يد السيسي وحده وليس حتى في يد الحكومة أو الهيئات الفنية المختصة. وبالتالي صدرت تعليمات للشرطة برفع درجة الطوارئ تحسباً لصدور القرار في أي وقت، والتصدي لأي حالة شغب أو معارضة أو تحريض على التظاهر عبر مواقع التواصل".
وكانت مصادر سياسية معارضة قد قالت لـ"العربي الجديد" يوم الأربعاء الماضي، إن "مشروع تحالف الأمل كان يطرح فكرة خوض انتخابات البرلمان المقبلة عام 2020 بعدد من الشخصيات، منها المحامي اليساري المحبوس في القضية زياد العليمي، وأنه كان هناك اتفاق بين نشطاء التحالف على ضم شخصيات مميزة في مجالات التنظيم السياسي والاقتصاد والرياضة والإعلام بخلفيات علمانية/مدنية، وبشرط عدم ضم أي شخصية يمكن احتسابها مؤيدة لجماعة الإخوان وأن يتم العمل من داخل الإطار الدستوري والقانوني الحالي، حرصاً على حرية وحياة الشخصيات المساهمة والشباب العاملين معهم. مع الأخذ في الاعتبار تجربة القبض على شباب حملة خالد علي لرئاسة الجمهورية، ورغبة المساهمين في عدم تكرارها. ما يعكس رغبة القائمين على التحالف في طمأنة الدولة وعدم إثارة ذعرها من هذا التحرك، إلى حد تواصلهم مع عدد من الشخصيات المعروفة بعلاقتها الوطيدة بالأجهزة الأمنية، على سبيل الطمأنة ومحاولة تأمين التحركات المقبلة، مع الحرص على السرية في هذه المرحلة".