عادت مسألة تشكيل لجنة تضع دستوراً سورياً جديداً إلى واجهة المشهد مجدداً، مع ظهور بوادر تخلٍ غربي عن هذا المشروع، الذي لا يزال يحاول النظام وحلفاؤه الروس تعطيله، في خطوة تصفها المعارضة السورية بـ"التكتيكية من جانب الولايات المتحدة لدفع النظام إلى تسهيل مهام المبعوث الأممي، غير بيدرسن"، الذي يحط رحاله بعد أيام في العاصمة دمشق لحسم مصير هذه اللجنة، التي تعتبرها المعارضة مدخلاً للحل السياسي الذي يحاول النظام القفز فوقه بشتى السبل. وفي خطوة لم تكن متوقعة، برزت على السطح السياسي دعوات للتخلي عن مشروع اللجنة الدستورية السورية والبحث عن بدائل أخرى، في ظل إصرار النظام على عدم إبداء أي مرونة في هذا الاتجاه يمكن أن تساعد الأمم المتحدة على تشكيل هذه اللجنة، التي من المفترض أن تكون بوابة واسعة للحل السياسي في البلاد.
ففي جلسة مجلس الأمن الدولي، يوم الخميس الماضي، طالب السفير الأميركي في مجلس الأمن، جوناثان كوهين، المبعوث بيدرسن، بالتفكير بمبادرة أخرى غير اللجنة الدستورية، بسبب عدم التقدم في تشكيلها ومماطلة النظام السوري. وأشار كوهين إلى أنه "حان الوقت بعد 17 شهراً من إعلان تشكيل اللجنة الدستورية في سوتشي، أن ندرك بأن الملف لم يتقدم ولا يزال بعيد المنال"، مضيفاً أنه "حان الوقت كي يشجع المجلس بيدرسن على تجربة طرق أخرى لتحقيق الحل السياسي، من خلال التركيز على التحضير لانتخابات وطنية تجري بإشراف الأمم المتحدة ويشارك فيها حوالي خمسة ملايين لاجئ سوري، والإفراج عن المعتقلين وإرساء وقف لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد".
من جهته، اعتبر السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، فرانسوا ديلاتر، أنه "لم يتم إحراز أي تقدم في تشكيل اللجنة الدستورية"، مضيفاً أن "النظام السوري يرفض أي حلّ وسط، ويضاعف مناورات التسويف للحؤول دون نجاح هذا المنتدى الأول للحوار".
وترى المعارضة أن اللجنة الدستورية مدخل لتحقيق انتقال سياسي جاد وفق قرارات الأمم المتحدة بدءاً من بيان جنيف1 وصولاً إلى القرار الدولي 2254، وهو ما يرفضه النظام الذي يُصرّ على أن الدستور "شأن سوري"، داعياً إلى إجراء تعديلات شكلية على دستور وضعه عام 2012 ترى المعارضة أنه فُصّل على مقاس بشار الأسد ومنح منصب الرئيس صلاحيات مطلقة.
ويعدّ مبدأ اللجنة الدستورية نتاج مؤتمر "سوتشي" أو ما سمي بـ"مؤتمر الحوار الوطني السوري" المنعقد مطلع عام 2018 بحضور وفد موسّع مثّل النظام والموالين له والبعض من قادة المعارضة متباينة المواقف. وكان المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا قد أقرّ في الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف، مطلع العام الماضي، بالاتفاق مع المعارضة والنظام، مبدأ التفاوض على أربع سلال، هي: الحكم، الدستور، الانتخابات، ومحاربة الإرهاب.
ويُفترض أن تتألّف اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور سوري جديد، من 150 عضواً، ثلثهم من المعارضة التي تمثّلها الهيئة العليا للتفاوض، وثلث آخر من النظام السوري، والثلث الأخير ممن يختارهم بيدرسن من المجتمع المدني السوري في الشارع المعارض والموالي، على أن يتم اختيار 15 عضواً منهم لصياغة دستور دائم للبلاد. وتمحور الخلاف منذ أكثر من عام على أسماء محددة في قائمة المجتمع المدني السوري، مع إصرار النظام عليهم فيما رفضت الأمم المتحدة ومعتبرة أن "الشخصيات المعنية موالية للنظام، ما يعطيه أكثرية بأصوات اللجنة".
اقــرأ أيضاً
كما توقف النظام عند بعض الأسماء التي يرى أنها موالية للمعارضة، في مسعى واضح لتعطيل تشكيل اللجنة التي يعتبرها "خطراً حقيقياً عليه"، لأنها تلزمه بتغيير الدستور وإجراء انتخابات بناء عليه. ومنذ تسلمه لمهامه مطلع العام الحالي، قام بيدرسن بجولات مكوكية إلى مختلف عواصم صنع القرار السوري، ولكنه لم ينجح في تحقيق اختراق حقيقي على صعيد تشكيل اللجنة، رغم حديثه مراراً عن قرب التوصّل لاتّفاق حولها. كما زار بيدرسن دمشق مرات عدة ولكنه لم يتوصل إلى حلول مع وزير خارجية النظام حول اللجنة الدستورية. ومن المنتظر أن يزور بيدرسن دمشق خلال الأيام القليلة المقبلة لاستكمال التباحث مع النظام. وحاول الروس تمرير تشكيل اللجنة الدستورية وفق رؤية النظام في الجولة الأخيرة من مفاوضات أستانة في شهر إبريل/ نيسان الماضي، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، بسبب الرفض التركي. وهو ما دفع الروس إلى التصعيد العسكري في محافظة إدلب ومحيطها.
من جانبه، أشار المتحدث باسم هيئة التفاوض، التابعة للمعارضة السورية، يحيى العريضي، إلى أنه "لا يمكن القول إن هناك بوادر تخلٍّ أميركي عن مسألة تشكيل اللجنة الدستورية"، مضيفاً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "هناك مبالغة في هذا القول". وأوضح العريضي أن "تشكيل لجنة دستورية هو جزء من القرارات الدولية ومن يتخلَّى عن جزء يتخلَّى عن الكل"، معرباً عن اعتقاده بأن "الدعوة الأميركية لمبادرة أخرى غير اللجنة الدستورية خطوة تكتيكية بدأت باجتماعات المجموعة المصغرة حول سورية في باريس منذ أيام، بسبب التلاعب من قبل النظام والروس للابتعاد عن الحل السياسي بعرقلة اللجنة الدستورية".
وأشار العريضي إلى أن "الروس هم أصحاب فكرة اللجنة الدستورية في مؤتمر سوتشي"، مضيفاً أن "الروس وجدوا أن اللجنة ستحشرهم في الزاوية فحاولوا القفز فوقها. الروس يحاولون اللعب في قضايا جوهرية، وهذا أمر لم يوصلهم إلى أي مكان". وذكرت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن "النظام في طريقه للموافقة على تشكيل اللجنة الدستورية وفق رؤية الأمم المتحدة"، مشيرة إلى أن "المبعوث الأممي رتّب كل شيء بخصوص اللجنة لجهة الأسماء وآليات العمل والتصويت داخل اللجنة، إضافة إلى الرئاسة المشتركة للجنة من قبل النظام والمعارضة".
ومن المتوقع في حال التئام هذه اللجنة حدوث خلافات جوهرية ما بين النظام والمعارضة الباحثة عن دستور جديد يقلّل من صلاحيات الرئيس، ويحدّد الجهات المخولة بالسيطرة على الجيش والأجهزة الأمنية التي هي اليوم أدوات قمع بيد رئيس الجمهورية، في ظلّ غياب أي صلاحية للحكومة والبرلمان في ذلك. في المقابل يدفع النظام نحو إجراءات طفيفة على دستور عام 2012 الذي يتيح للأسد الترشح مرة أخرى للرئاسة في عام 2021، وهو ما ترفضه المعارضة جملة وتفصيلاً بل تطالب بدفع الأسد لمحاكم جنائية دولية بسبب ما شهدته البلاد منذ عام 2011 من عمليات إجرامية أدت إلى مقتل وتشريد ملايين السوريين، وخلق أزمات إنسانية كبرى لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945). وتطالب المعارضة بطرح مشروع الدستور للاستفتاء العام يشارك به ملايين السوريين اللاجئين في بلدان أوروبية ودول الجوار السوري، وأن تجري مفاوضات حول الانتقال السياسي بالتوازي مع أعمال اللجنة الدستورية. وكانت سلال التفاوض التي أقرتها الأمم المتحدة تنص على بدء التفاوض حول الحكم ومن ثم الدستور والانتخابات والإرهاب، ولكن ضغوطاً مورست على المعارضة السورية للشروع في التفاوض حول الدستور أولاً بسبب رفض النظام الاقتراب من مسألة الانتقال السياسي الذي من المفترض أن يتناول مصير بشار الأسد.
ففي جلسة مجلس الأمن الدولي، يوم الخميس الماضي، طالب السفير الأميركي في مجلس الأمن، جوناثان كوهين، المبعوث بيدرسن، بالتفكير بمبادرة أخرى غير اللجنة الدستورية، بسبب عدم التقدم في تشكيلها ومماطلة النظام السوري. وأشار كوهين إلى أنه "حان الوقت بعد 17 شهراً من إعلان تشكيل اللجنة الدستورية في سوتشي، أن ندرك بأن الملف لم يتقدم ولا يزال بعيد المنال"، مضيفاً أنه "حان الوقت كي يشجع المجلس بيدرسن على تجربة طرق أخرى لتحقيق الحل السياسي، من خلال التركيز على التحضير لانتخابات وطنية تجري بإشراف الأمم المتحدة ويشارك فيها حوالي خمسة ملايين لاجئ سوري، والإفراج عن المعتقلين وإرساء وقف لإطلاق النار في جميع أنحاء البلاد".
وترى المعارضة أن اللجنة الدستورية مدخل لتحقيق انتقال سياسي جاد وفق قرارات الأمم المتحدة بدءاً من بيان جنيف1 وصولاً إلى القرار الدولي 2254، وهو ما يرفضه النظام الذي يُصرّ على أن الدستور "شأن سوري"، داعياً إلى إجراء تعديلات شكلية على دستور وضعه عام 2012 ترى المعارضة أنه فُصّل على مقاس بشار الأسد ومنح منصب الرئيس صلاحيات مطلقة.
ويعدّ مبدأ اللجنة الدستورية نتاج مؤتمر "سوتشي" أو ما سمي بـ"مؤتمر الحوار الوطني السوري" المنعقد مطلع عام 2018 بحضور وفد موسّع مثّل النظام والموالين له والبعض من قادة المعارضة متباينة المواقف. وكان المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا قد أقرّ في الجولة الرابعة من مفاوضات جنيف، مطلع العام الماضي، بالاتفاق مع المعارضة والنظام، مبدأ التفاوض على أربع سلال، هي: الحكم، الدستور، الانتخابات، ومحاربة الإرهاب.
ويُفترض أن تتألّف اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور سوري جديد، من 150 عضواً، ثلثهم من المعارضة التي تمثّلها الهيئة العليا للتفاوض، وثلث آخر من النظام السوري، والثلث الأخير ممن يختارهم بيدرسن من المجتمع المدني السوري في الشارع المعارض والموالي، على أن يتم اختيار 15 عضواً منهم لصياغة دستور دائم للبلاد. وتمحور الخلاف منذ أكثر من عام على أسماء محددة في قائمة المجتمع المدني السوري، مع إصرار النظام عليهم فيما رفضت الأمم المتحدة ومعتبرة أن "الشخصيات المعنية موالية للنظام، ما يعطيه أكثرية بأصوات اللجنة".
كما توقف النظام عند بعض الأسماء التي يرى أنها موالية للمعارضة، في مسعى واضح لتعطيل تشكيل اللجنة التي يعتبرها "خطراً حقيقياً عليه"، لأنها تلزمه بتغيير الدستور وإجراء انتخابات بناء عليه. ومنذ تسلمه لمهامه مطلع العام الحالي، قام بيدرسن بجولات مكوكية إلى مختلف عواصم صنع القرار السوري، ولكنه لم ينجح في تحقيق اختراق حقيقي على صعيد تشكيل اللجنة، رغم حديثه مراراً عن قرب التوصّل لاتّفاق حولها. كما زار بيدرسن دمشق مرات عدة ولكنه لم يتوصل إلى حلول مع وزير خارجية النظام حول اللجنة الدستورية. ومن المنتظر أن يزور بيدرسن دمشق خلال الأيام القليلة المقبلة لاستكمال التباحث مع النظام. وحاول الروس تمرير تشكيل اللجنة الدستورية وفق رؤية النظام في الجولة الأخيرة من مفاوضات أستانة في شهر إبريل/ نيسان الماضي، ولكنهم لم ينجحوا في ذلك، بسبب الرفض التركي. وهو ما دفع الروس إلى التصعيد العسكري في محافظة إدلب ومحيطها.
وأشار العريضي إلى أن "الروس هم أصحاب فكرة اللجنة الدستورية في مؤتمر سوتشي"، مضيفاً أن "الروس وجدوا أن اللجنة ستحشرهم في الزاوية فحاولوا القفز فوقها. الروس يحاولون اللعب في قضايا جوهرية، وهذا أمر لم يوصلهم إلى أي مكان". وذكرت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد"، أن "النظام في طريقه للموافقة على تشكيل اللجنة الدستورية وفق رؤية الأمم المتحدة"، مشيرة إلى أن "المبعوث الأممي رتّب كل شيء بخصوص اللجنة لجهة الأسماء وآليات العمل والتصويت داخل اللجنة، إضافة إلى الرئاسة المشتركة للجنة من قبل النظام والمعارضة".
ومن المتوقع في حال التئام هذه اللجنة حدوث خلافات جوهرية ما بين النظام والمعارضة الباحثة عن دستور جديد يقلّل من صلاحيات الرئيس، ويحدّد الجهات المخولة بالسيطرة على الجيش والأجهزة الأمنية التي هي اليوم أدوات قمع بيد رئيس الجمهورية، في ظلّ غياب أي صلاحية للحكومة والبرلمان في ذلك. في المقابل يدفع النظام نحو إجراءات طفيفة على دستور عام 2012 الذي يتيح للأسد الترشح مرة أخرى للرئاسة في عام 2021، وهو ما ترفضه المعارضة جملة وتفصيلاً بل تطالب بدفع الأسد لمحاكم جنائية دولية بسبب ما شهدته البلاد منذ عام 2011 من عمليات إجرامية أدت إلى مقتل وتشريد ملايين السوريين، وخلق أزمات إنسانية كبرى لم يشهد لها العالم مثيلاً منذ الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945). وتطالب المعارضة بطرح مشروع الدستور للاستفتاء العام يشارك به ملايين السوريين اللاجئين في بلدان أوروبية ودول الجوار السوري، وأن تجري مفاوضات حول الانتقال السياسي بالتوازي مع أعمال اللجنة الدستورية. وكانت سلال التفاوض التي أقرتها الأمم المتحدة تنص على بدء التفاوض حول الحكم ومن ثم الدستور والانتخابات والإرهاب، ولكن ضغوطاً مورست على المعارضة السورية للشروع في التفاوض حول الدستور أولاً بسبب رفض النظام الاقتراب من مسألة الانتقال السياسي الذي من المفترض أن يتناول مصير بشار الأسد.