"رويترز" تكشف تفاصيل "صفقة القرن": استثمارات بعشرات المليارات لتصفية القضية الفلسطينية
نقلت "رويترز"، عن مسؤولين أميركيين ووثائق راجعتها، اليوم السبت، أنّ خطة إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، لتصفية القضية الفلسطينية والمعروفة بـ"صفقة القرن"، ستعرض استثمارات بقيمة 50 مليار دولار أميركي، على فلسطين والدول العربية المجاورة.
وذكرت الوكالة، عن المصادر، أنّ خطة "الاقتصاد أولاً"، "ستدعو إلى إنشاء صندوق استثمار عالمي لدعم اقتصاديات الفلسطينيين والدول العربية المجاورة، وبناء ممر يربط بين الضفة الغربية وقطاع غزة".
وبحسب الوثائق التي اطلعت عليها "رويترز"، فإنّ الخطة تشمل 179 مشروعاً للبنية الأساسية وقطاع الأعمال، وتقترح أول مرحلة منها استثمارات قدرها 50 مليار دولار بالأراضي الفلسطينية ومصر والأردن ولبنان.
ومن المقرر أن يقدم جاريد كوشنر صهر ترامب، الخطة التي عمل على إعدادها، خلال مؤتمر تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار" سيعقد في البحرين، الثلاثاء والأربعاء المقبلين، ويوصف فلسطينياً بأنه المدخل الاقتصادي لتطبيق "صفقة القرن" وتصفية القضية الفلسطينية.
ووسط مقاطعة عدة دول عربية للمؤتمر، جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، اليوم السبت، تأكيده رفض المشاركة، في حين دعت الفصائل الفلسطينية إلى تظاهرات أمام سفارة البحرين في جميع أنحاء العالم تنديداً بمؤتمر المنامة، إلى جانب التلويح بالتصعيد الميداني على نقاط التماس مع الاحتلال.
وقال عباس، في كلمة خلال ترؤسه اجتماع اللجنة المركزية لحركة "فتح"، اليوم، إن "ورشة المنامة قلنا إننا لن نحضرها، والسبب أن بحث الوضع الاقتصادي لا يجوز أن يتم قبل أن يكون هناك وضع سياسي، ما دام لا يوجد وضع سياسي فمعنى ذلك لا نتعامل مع أي وضع اقتصادي".
وتابع أن "صفقة العصر قلنا موقفنا منها، وأعتقد أننا ما زلنا على موقفنا بأنها لا يمكن أن تمر لأنها تنهي القضية الفلسطينية".
ادعاءات كوشنر
وبحسب الخطة، كما تذكر "رويترز"، سيتم إنفاق أكثر من نصف الـ50 مليار دولار في الأراضي الفلسطينية على مدى 10 سنوات، في حين سيتم تقسيم المبلغ المتبقي بين مصر ولبنان والأردن.
وسيتم إقامة بعض المشروعات في شبه جزيرة سيناء المصرية، بينما تقترح الخطة أيضاً نحو مليار دولار لبناء قطاع السياحة الفلسطيني، وهي فكرة تبدو غير عملية في الوقت الحالي.
وسوف يدير صندوق الاستثمار الجديد الذي اقترحه كوشنر للفلسطينيين والدول المجاورة "مصرف للتنمية متعدد الأطراف". وتعتزم جهات إقراض عالمية من بينها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي حضور الاجتماع.
وأحد المشروعات الرئيسية المقترحة إقامة ممر لتنقل الفلسطينيين بين الضفة الغربية وقطاع غزة يمر عبر الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويشمل ذلك طريقاً سريعاً، وربما يشمل أيضاً مد خط للسكك الحديدية.
ويصرّ كوشنر على أن الخطة ستوفر، إذا نفذت، مليون وظيفة في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة، وستقلل من الفقر بين الفلسطينيين إلى النصف فيما ستزيد الناتج الإجمالي المحلي الفلسطيني للمثلين.
وقال كوشنر، لـ"رويترز"، إنّ "إدارة ترامب تأمل بأن تغطي دول أخرى، وبشكل أساسي دول الخليج الغنية، ومستثمرو القطاع الخاص قدراً كبيراً من هذه الميزانية".
لكن خبراء يقولون إنّ أغلب المستثمرين الأجانب سيؤثرون البقاء بعيداً ليس بسبب مخاوف أمنية ومخاوف من الفساد فحسب، ولكن أيضاً بسبب العراقيل التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني بسبب الاحتلال الإسرائيلي للضفة، بما يعيق حركة الأفراد والبضائع والخدمات.
ويرى كوشنر أنّ نهجه الاقتصادي في التعامل مع المشكلة "يماثل خطة مارشال التي طرحتها واشنطن في عام 1948 لإعادة إعمار أوروبا الغربية من دمار الحرب العالمية الثانية".
لكن على خلاف تمويل الولايات المتحدة لخطة مارشال، تعتمد المبادرة المطروحة على إلقاء أغلب العبء المالي على دول أخرى.
وقال كوشنر إنّ ترامب سوف "يبحث ضخ استثمار كبير فيها" إذا توفرت آليات الحوكمة الجيدة، لكنه لم يحدد المبلغ الذي قد يساهم به الرئيس الذي يشتهر بعزوفه عن المساعدات الأجنبية.
وقال كوشنر إنّ الشق السياسي الذي لم يكشف عنه بعد، في "صفقة القرن"، لن يطرح للمناقشة في المنامة.
ولا تطرح تلك الوثائق الاقتصادية أي مشروعات للتنمية في القدس الشرقية التي يريدها الفلسطينيون عاصمة لدولتهم في المستقبل.
وقال البيت الأبيض إنّه قرر عدم دعوة الحكومة الإسرائيلية إلى المؤتمر الذي تقاطعه السلطة الفلسطينية، ليشارك بدلاً من ذلك وفد صغير من قطاع الأعمال الإسرائيلي.
رسالة كوشنر للسعودية ودول أخرى
وما يأمله كوشنر، وفق ما تذكره "رويترز"، هو أن تروق الخطة لوفود السعودية ودول أخرى في الخليج، بما يكفي لحث عباس على دراسة الخطة.
والرسالة التي يريد كوشنر منهم نقلها إلى رام الله هي "نود أن نراكم تذهبون للطاولة وتتفاوضون لمحاولة التوصل لاتفاق من أجل تحسين حياة الشعب الفلسطيني".
ورغم كل الوعود الباهظة التكلفة، يخشى مسؤولون فلسطينيون من أنّ الصيغة الاقتصادية التي يطرحها كوشنر ما هي إلا مقدمة لخطة سياسية ستقضي على "حل الدولتين" وهو حجر الزاوية منذ فترة طويلة لجهود السلام الأميركية والدولية.
وسبق أن دعت دولة قطر، القوى الدولية بما فيها الولايات المتحدة إلى أن تكون "أكثر شمولاً في مقاربتها للمنطقة".
وأكدت قطر أنّها "غير مهتمة" بـ"صفقة القرن"، ما دامت لا تمثل حدود عام 1967، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، فضلا عن تسمية مدينة القدس عاصمة لفلسطين.
وأعلنت دولة قطر، في شهر مايو/أيار المنصرم، عن تخصيص 300 مليون دولار على شكل منح وقروض لدعم موازنة قطاعي الصحة والتعليم لدى السلطة الفلسطينية، ومبلغ 180 مليون دولار لتقديم الدعم الإغاثي والإنساني العاجل، بالإضافة إلى دعم برامج الأمم المتحدة في فلسطين ودعم خدمات الكهرباء لضمان وصولها إلى قطاعات الشعب الفلسطيني المختلفة.
حقائق حول الخطة
وفي ما يلي بعض الحقائق التي تتعلّق "بالرؤية الاقتصادية" في الخطة، مستخلصة من وثائق البيت الأبيض التي اطلعت عليها "رويترز".
- تسهم الدول المانحة والمستثمرون بنحو 50 مليار، من بينها 28 ملياراً تذهب للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة وغزة، و7.5 مليارات للأردن، وتسعة مليارات لمصر وستة مليارات للبنان.
- تودع المبالغ التي تجمع من خلال هذا المسعى الدولي في صندوق يؤسس حديثاً لدعم اقتصادات الأراضي الفلسطينية والدول الثلاث ويديره بنك تنمية متعدد الجنسيات. ويدير الأموال مجلس محافظين يحدد المخصصات بناء على مقترحات المشروعات.
- تأتي 15 مليار دولار من المنح، و25 مليار دولار من قروض مدعومة، ونحو 11 ملياراً من رأس المال الخاص.
- سيجري تمويل 179 مشروعاً للتنمية الاقتصادية؛ من بينها 147 مشروعاً في الضفة الغربية المحتلة وغزة، و15 في الأردن، و12 في مصر، وخمسة مشاريع في لبنان.
- المشروعات تشمل البنية التحتية والمياه والكهرباء والاتصالات ومنشآت سياحية وطبية وغيرها.
- ستخصص عشرات الملايين من الدولارات لعدة مشروعات تهدف لتحقيق اتصالات أوثق بين قطاع غزة وسيناء في مصر من خلال الخدمات والبنية التحتية والتجارة.
- سيجري تحديث خطوط الكهرباء بين مصر وغزة وإصلاحها لزيادة إمدادات الكهرباء. كما تقترح الخطة بحث سبل استغلال أفضل للمناطق الصناعية القائمة في مصر لتعزيز التجارة بين مصر وغزة والضفة الغربية المحتلة وإسرائيل، ولكنها لم تحدد هذه المناطق.
- المقترحات الإضافية لمصر تشمل "دعم توسعة موانئ وحوافز تجارية لمركز التجارة المصري قرب قناة السويس" فضلاً عن تطوير المنشآت السياحية في سيناء القريبة من البحر الأحمر.
- الخطة تروج لمناطق فلسطينية "يحتمل تحويلها إلى وجهة سياحية عالمية ناجحة" وتقترح منحاً وقروضاً تبلغ 950 مليون دولار لتطوير صناعة السياحة الفلسطينية. كما تسعى "لإجراء إصلاحات وترميم مواقع سياحية ودينية ومناطق شاطئية".
- في حال تنفيذها؛ ستضاعف الخطة الناتج المحلي الإجمالي للفلسطينيين خلال عشرة أعوام، وتوفر أكثر من مليون وظيفة في الضفة الغربية المحتلة وغزة، وتخفض معدل البطالة لرقم في خانة الآحاد ومعدل الفقر بنسبة 50 في المئة، بحسب الوثائق والمسؤولين.
- يتبنى كوشنر توجهاً على مرحلتين لخطة ترامب. وستكون المرحلة التالية الجزء السياسي وهو أكثر حساسية إلى حد بعيد ويتناول بعض القضايا الأساسية في قضايا الصراع. ولا يزال التوقيت الخاص بهذه المرحلة غير واضح.
- يريد كوشنر معرفة ردود الفعل على الخطة من مختلف وزراء المالية وممثلي مؤسسات الاستثمار الذين سيشاركون في الورشة، ومعرفة التعديلات التي قد تكون لازمة لحشد التأييد.