أهداف وتوقيت إحكام حفتر قبضته على منطقة الموانئ والهلال النفطي

10 يونيو 2019
حفتر أرسل بعض قواته لمنطقة الهلال النفطي (حازم تركية/الأناضول)
+ الخط -
أعلن آمر القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة لقوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، اللواء ونيس بوخمادة، عن تكليفه "بمهام جديدة من القيادة العامة للجيش (قيادة قوات حفتر) في منطقة الموانئ والهلال النفطي".

وقال بوخمادة، في تصريح تلفزيوني، أمس الأحد، إن قواته التي وصلت للموانئ النفطية ومنطقة الهلال النفطي "أسندت لها هذه المهام المتمثلة في التصدي لأي هجوم محتمل على الحقول النفطية من التنظيمات الإرهابية والمليشيات المسلحة والمجموعات الخارجة عن القانون على أن يكون تمركز القوات ببلدة رأس لانوف".

وعلى الرغم من وقوع منطقة الهلال النفطي تحت سيطرة حفتر، وتواجد قواتها فيها منذ سبتمبر/أيلول 2016، فإن التكليف الجديد، بحسب مصادر فضلت عدم كشف هويتها لـ"العربي الجديد"، هو نقل قوات حفتر المهاجمة للعاصمة من مواقعها إلى مهام جديدة بمنطقة الهلال. إلا أن الخطوة أثارت تساؤلات حول هدفها وتوقيتها، فيما تكشف مصادر مقربة من لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب في طبرق (شرق)، عن مرحلة جديدة من الصراع هناك.
وتقول المصادر، التي تحدث لها "العربي الجديد"، إن المهام الجديدة تأتي لتأمين عمليات بيع النفط عبر موانئ الهلال النفطي، حيث من المنتظر أن تعلن الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب والموالية لحفتر عن بدء عمليات التصدير عبر مؤسسة نفط موازية في بنغازي.

وأكدت المصادر نفسها أن الخطوة تأتي كفرض للأمر الواقع، رغم مخالفتها لقرارات مجلس الأمن القاضية بعدم شرعية تصدير النفط وبيعه خارج نطاق مؤسسة النفط بطرابلس، مشيراً إلى أن شخصيات متنفذة في قطاع النفط تلقت رشاوى من مسؤولين في دولة الإمارات التي تسعى للسيطرة على ملف النفط في ليبيا.


وتقول المصادر إن الهدف من الخطوة إضافة إلى حصول حفتر على التمويل اللازم لقواته ومشروعه العسكري، هو إضعاف حكومة الوفاق فـ"السيطرة على إيرادات النفط تعني السيطرة على البنك المركزي الورقة الرابحة والوحيدة لدى حكومة الوفاق"، مشيرة إلى أن اتجاه حفتر لتصدير النفط "قد تقرر وانتهى ولم يبقَ سوى تفعيل قراره".

وكانت ذات المصادر قد كشفت لــ"العربي الجديد"، في وقت سابق، عن مساعٍ حثيثة تقودها الإمارات في واشنطن لإقناع الأخيرة بجدوى بيع النفط عبر مؤسسة نفط موازية في بنغازي تحت سيطرة حفتر.

وقالت المصادر، وقتها، إن أعضاء من لجنة الطاقة في مجلس النواب كانوا برفقة رئيس مجلس النواب في طبرق، عقيلة صالح، في القاهرة، الأسبوع قبل الماضي، ناقشوا مع مسؤول أميركي رفيع المستوى، لم تسمه المصادر، إمكانيات منشآت النفط الواقعة تحت سيطرة قوات حفتر لتصدير النفط، لكنها أشارت إلى أن اللقاء نسق له مسؤولون في السفارة الإماراتية في القاهرة.

وأكدت المصادر أن المساعي الإماراتية تجتهد في الاستفادة من بحث واشنطن عن مصادر لتزويد الأسواق العالمية بالنفط بدلاً من الخام الإيراني الذي تضغط واشنطن لوقف تدفقه حفاظاً على أسعار النفط، لا سيما وأن دولاً مثل الإمارات والسعودية لن تتمكن من زيادة إنتاجها لتعويض الأسواق، بسبب التزاماتها تجاه منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك).

وتتوافق المعلومات مع حديث أدلى به عقيلة صالح لصحيفة إماراتية في 28 من مايو/أيار الماضي، عن "وجود ترتيبات للأمور المالية في ليبيا"، مستنكراً أن تقوم قوات حفتر بحماية مصادر الثروة، ثم تذهب عوائد تلك المصادر إلى حكومة الوفاق، كما أنها تتوافق مع تحذيرات رئيس البعثة الأممية لدى ليبيا، غسان سلامة، خلال لقاء تلفزيوني الجمعة الماضية، من "إمكانية وقوع صراع على الثروة في ليبيا"، داعياً إلى مقاربة سياسية جديدة تتضمن "تقسيم الثروة" بين الليبيين.

وطبقاً لرأي إبراهيم بن غلبون، المسؤول في إدارة الموارد بشركة سرت لإنتاج النفط، فإنها قد تكون محاولة فاشلة أيضاً كسلسلة المحاولات السابقة، مشيراً، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن حفتر حاول عديد المرات بيع النفط خارج شرعية مؤسسة النفط في طرابلس، من بينها "محاولة فتح حساب لمؤسسة النفط الموازية بمساعدة إماراتية في بنوك دبي عام 2015، وفتح مكاتب لتلك المؤسسة في عدة دول من بينها الولايات المتحدة"، مضيفاً أنها "حاولت أيضاً في العام ذاته بيع نفط عبر شركة إماراتية شريكة في استثمار مصفاة رأس لانوف، ولكنها فشلت أيضاً".


ومع أن بن غلبون أكد أن "تصدير النفط عملية قانونية تجري وفق لوائح وقوانين دولية متعارف عليها بين مؤسسة النفط والشركات التي تملك حصصاً في النفط الليبي وبشروط جزائية معروفة لدى منظمة أوبك"، إلا أن عبد الرحيم بشير، مدير المركز الليبي للبحوث والتنمية السياسية (أهلي)، ذهب في اتجاه مخالف.

وقال بشير، متحدثاً لــ"العربي الجديد"، إن "معلوماتكم تؤكد أن حفتر يتجه لفرض أمر واقع، لكن لا أعتقد أنه في ظل الفوضى الليبية يمكن للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ضبط الأمور"، مشيراً إلى أن تقارير خبراء الأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول الماضي أثبتت وجود بيع غير قانوني للنفط الليبي دون أن تتمكن من إنهائها.

وقال: "الغريق يتعلق بقشة، وحفتر خياراته محدودة، وما يعيشه الآن فوضى الغريق المتخبط، وتنفيذ قراره بات قريباً"، لافتاً إلى أنه "تحدى الأعراف الدولية عديد المرات دون أن يُعاقب"، متسائلًا: "ما الذي يمنعه الآن، وهو يعرف أن إيرادات النفط هي شريان الحياة الوحيد لخصومه، وهو الذي يسيطر عليه؟".

ويعتقد بشير أن استفادة حفتر من خطوة بيع النفط مزدوجة؛ من جهة، سيضعف من قوة حكومة الوفاق، ويفقدها جزءاً كبيراً من تمويلها، إضافة لتراجع ثقة ومواقف الشركات الدولية المتعاقدة معها من جانب. ومن جهة ثانية، سيضطر المجتمع الدولي لإعادة النظر في أمر إيرادات النفط وإمكانية تقسيمها، مؤكداً أن "حفتر نقل الحرب إلى المكان الذي سيضمن له موقعه ويعوض خسارته في أي خطة تسوية جديدة سيعجل بها بكل تأكيد، لحساسية ملف النفط بالنسبة للمجتمع الدولي وظروف الأوضاع في المنطقة أجمع".​