بومبيو يصل إلى بغداد في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً

08 مايو 2019
ألغى بومبيو زيارة إلى ألمانيا (Getty)
+ الخط -
وصل وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، يوم الثلاثاء، إلى العاصمة العراقية، في زيارة لم يعلن عنها مسبقاً، وتأتي وسط تصعيد في المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران. والتقى بومبيو خلال زيارته رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي.

ووصل وزير الخارجية الأميركي إلى بغداد آتياً من فنلندا، بعدما ألغى زيارة كان مقرراً أن يقوم بها إلى ألمانيا، بسبب "مسائل ملحّة" وفق ما أعلنت المتحدثة باسمه.

وأعلن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أنّ المسؤولين العراقيين الذين التقاهم خلال زيارته  إلى بغداد التي كان دافعها "التصعيد" الإيراني تعهّدوا أمامه توفير "الحماية المناسبة" لمصالح الولايات المتحدة في بلدهم.

والتقى بومبيو مع الرئيس برهم صالح ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي. وقال بومبيو للصحافيين الذين رافقوه في رحلته إلى العاصمة العراقية "لقد تحدّثنا عن أهميّة أن يضمن العراق قدرته على توفير الحماية المناسبة للأميركيين في بلدهم"، مشيراً إلى أنّ المسؤولين العراقيين "أظهروا لي أنّهم يدركون أن هذه مسؤوليتهم".

وأضاف أنّه قام بهذه الزيارة إلى العراق لأنّ إيران "تصعّد نشاطها" على الرغم من رفضه مناقشة المعلومات الاستخبارية بالتفصيل.وقال بومبيو "أردنا أن نطلعهم على سيل التهديدات المتزايد الذي رأيناه وإعطاءهم خلفية أكثر قليلاً حول ذلك حتى يتمكّنوا من تأكيد أن يقوموا بكل ما بوسعهم لتأمين الحماية لفريقنا".


ومن المتوقع أن يتوجه بومبيو بعد ذلك إلى لندن. وتأتي هذه الزيارة، وهي الثانية لبومبيو إلى بغداد منذ بداية العام، وسط ازدياد التوتر في المنطقة بين الولايات المتحدة وخصمها اللدود إيران، بعد عام من انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران.

وكانت الولايات المتحدة قد أرسلت قبل يومين حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط في مناورة مصحوبة بتحذير "واضح لا لبس فيه" من البيت الأبيض إلى إيران.

وقال وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، باتريك شاناهان، إنّه أمر يوم الأحد بنشر مجموعة لينكولن البحرية الضاربة المكوّنة من حاملة الطائرات "يو إس إس أبراهام لينكولن" وقطع بحرية مرافقة لها إضافة إلى مجموعة قاذفات "ردّاً على مؤشّرات حول وجود تهديد جدّي من قبل قوات النظام الإيراني".

وكان بومبيو قد قال لصحافيين يوم الإثنين "كوزير للخارجية، لدي مسؤولية الحفاظ على سلامة الضباط الذين يعملون معي في كل يوم في جميع أنحاء العالم. ويشمل ذلك أربيل وبغداد، وفي منشآتنا في عمّان، في كلّ أنحاء الشرق الأوسط".

وأضاف "في أي وقت نتلقى فيه تقارير عن تهديدات، أشياء تثير المخاوف، نفعل كل ما في وسعنا للتأكد من أن تلك الهجمات المخطط لها لن تحدث". وسارعت طهران إلى التنديد بالخطوة الأميركية، معتبرة إرسال حاملة طائرات أميركية إلى الشرق الأوسط خبراً قديماً "فقد أهميته"، وفق الوكالة الرسمية الإيرانية.

وكان الرئيس دونالد ترامب قد قرر في الثامن من أيار/ مايو 2018 الانسحاب من الاتفاق الدولي لعام 2015 الذي اعتبره متساهلاً للغاية. ومذاك، وخلافاً لرغبات حلفائه الأوروبيين الذين ما زالوا متمسكين بهذا الاتفاق، واصل رئيس الولايات المتحدة تعزيز "حملته لممارسة ضغوط قصوى" على النظام الإيراني.

واتخذت واشنطن قراراً غير مسبوق في نيسان/ إبريل الماضي بإدراج الحرس الثوري الإيراني على لائحتها السوداء لـ"المنظمات الإرهابية الأجنبية". وسارعت إيران الى الرد على القرار الأميركي "غير الشرعي والطائش" بتأكيدها أنها تعتبر منذ الآن "نظام الولايات المتحدة نظاماً راعياً للإرهاب، والقوات الأميركية في الشرق الأوسط مجموعات إرهابية".

ويشكّل العراق ملتقى استثنائياً لهاتين الدولتين، المتعاديتين في ما بينهما والمتحالفتين مع بغداد. فالحرس الثوري من الداعمين لبغداد في سنوات الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية، مع تنسيق قائد فيلق القدس قاسم سليماني للمعارك في مناطق عدة.

وبعيد دحر الجهاديين في نهاية عام 2017، واصل سليماني عمله التنسيقي، لكن هذه المرة على الصعيد السياسي بلقائه قادة مختلف الأحزاب لتشكيل تحالفات سياسية، بالإضافة إلى وجود فصائل عراقية مسلّحة مقربة من إيران، وهو ما يثير قلق واشنطن.

لكن على الرّغم من ذلك، فلا وجود للحرس الثوري رسمياً في العراق، وما زال غير واضح ما إذا كانت العقوبات على إيران ستطاول شخصيات عراقية أو مؤسسات أو تنظيمات عسكرية.

أما واشنطن، فقادت قوات التحالف الدولي الذي كانت ضرباته الجوية عاملاً حاسماً في القضاء على التنظيم المتطرّف على مدى السنوات الماضية.

لكنّ الأحزاب المقرّبة من إيران، إضافة إلى تلك المناهضة للولايات المتحدة والتي تسيطر على البرلمان العراقي، طالبت في الآونة الأخيرة بخروج القوات الأميركية من العراق. وحذرت بعض الأطراف من أنّ المقار الأميركية قد تصبح هدفاً لها.

وقال عبد المهدي خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي يوم الثلاثاء إنّ للعراق "التزاماً سيحترمه (...) ولا يقبل أي هجوم على أي شخص، سواء أكان عراقياً أم أجنبياً، سواء أكان سفارة أم شركة أم بعثة عسكرية". وشدّدت بغداد مراراً على أنّها تسعى إلى علاقات طيّبة مع طهران وواشنطن، خصوصاً أنّ العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة العام الماضي على إيران قد تؤثّر سلباً على الاقتصاد العراقي.

وكان العراق قد استحصل من واشنطن على استثناء من العقوبات التي طاولت مؤسسات الطاقة والمال الإيرانية العام الماضي، ما أتاح لبغداد مواصلة استيراد الغاز والكهرباء من طهران.


(فرانس برس)