وقال مصدر قبلي لـ"العربي الجديد"، إنّ "ولاية سيناء" نفّذ خلال الأيام القليلة الماضية اعتداءات عدة ضدّ قوات الأمن والمتعاونين معها، في مدينة العريش، عقب هدوء ساد مركز المدينة والأحياء التابعة له خلال الأشهر الماضية، بعد سنوات من الفلتان الأمني الذي تسبب به التنظيم من خلال هجمات متكررة، في مناطق المدينة كافة، أدت لمقتل عشرات العسكريين والمدنيين، والمتعاونين مع الأمن. وبلغ الأمر بالتنظيم حدّ إقامة حواجز داخل العريش، وسط غياب واضح لقوات الجيش والشرطة، التي أعادت السيطرة على المدينة بالتزامن مع بدء العملية العسكرية الشاملة في فبراير 2018.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أنّ التنظيم قتل قبل أيام شخصاً يُدعى كريم البيك بدعوى تعاونه مع قوات الأمن المصرية، وذلك في حي المسامير بمدينة العريش، وهي الحادثة الأولى منذ أكثر من ستة أشهر، بعدما كان التنظيم يستهدف كل من يظن أنه يعمل لصالح الأمن، ما أدى لمقتل عشرات المدنيين، دون إثبات التهمة ضدهم. كما استهدف "ولاية سيناء" مجدداً العاملين في الجدار الأمني الذي تقيمه قوات الأمن المصرية، جنوب العريش، في إطار حماية المدينة، ومنع تسلل المجموعات العسكرية التابعة للتنظيم إلى داخلها، قبل الفصل التام بينها وبين مدينتي رفح والشيخ زويد في مرحلة لاحقة.
يشار إلى أنّ مدينة العريش لا تزال تعيش في ظروف استثنائية منذ بدء العملية العسكرية الشاملة، بحجة فرض السيطرة الأمنية عليها. ولا يزال آلاف المواطنين يتجهون إلى محطة واحدة لتعبئة الغاز والمحروقات، مع إغلاق بقية المحطات حتى إشعار آخر بقرار من قيادة عمليات الجيش المصري. كما يستمر الحظر على عمل الصيادين في البحر، إلا في نطاق محدود في بحيرة البردويل القريبة من مدينة بئر العبد، بالإضافة إلى استمرار انتشار القوات الأمنية والكمائن العسكرية في شتى أرجاء المدينة، مع فرض إجراءات تدقيق وتفتيش للمواطنين بشكل دائم.
وفي التعقيب على ذلك، قال باحث في شؤون سيناء لـ"العربي الجديد"، إنّ "تنظيم ولاية سيناء لن يسأم من محاولاته للانتشار الجغرافي في كافة مدن محافظة شمال سيناء وخارجها"، مضيفاً أنّ "الطمع في التوسّع الميداني لمجموعاته العسكرية ظهر واضحاً طيلة فترة الصراع الممتدة منذ الانقلاب العسكري في صيف عام 2013".
وبحسب الباحث نفسه، فإنّ "للتنظيم قدرة على التحرّك في مناطق سيناء كافة، على الرغم من السيطرة الأمنية لقوات الجيش والشرطة في أعقاب العملية العسكرية الشاملة، وذلك في ظلّ وجود مجموعات عسكرية نشطة وأخرى خاملة في المناطق كافة، وهذا ما كان واضحاً من خلال هجمات التنظيم المتنوعة في مدن رفح والشيخ زويد والعريش وبئر العبد، وكذلك مناطق وسط سيناء، مع توافر الإمكانات المادية للتنظيم في المناطق سابقة الذكر".
وأشار الباحث، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لتواجده في سيناء، إلى أنّ "عودة التنظيم للنشاط مجدداً في قلب مدينة العريش، تمثّل ضربة قاصمة لإنجازات العملية العسكرية الشاملة، تضاف إلى سلسلة الضربات التي سددها ولاية سيناء لهذه العملية بهجماته في مدن رفح والشيخ زويد ومحيط مدينة العريش خلال الأشهر الماضية، والتي أظهرت استمراراً لقوته، ولو بشكل أقلّ مما كان عليه قبل العملية الشاملة". ورأى أن ذلك يمثّل "خبراً سيئاً لقيادة عمليات الجيش المصري"، موضحاً أنّ قوات الأمن "ستسعى خلال الأيام المقبلة لوأد أي محاولات لإعادة النشاط لخلايا ولاية سيناء داخل العريش".
وأكّد الباحث أنّ عودة التنظيم للعريش "لها حساسية لدى المؤسسة العسكرية والأمنية في سيناء وخارجها، بالنظر إلى أنّ الهجمات التي تتعرّض لها قوات الأمن داخل المدينة لا يمكن إخفاء خسائرها، كما هو الحال في هجمات مدينتي رفح والشيخ زويد، بسبب وجود السكان في مناطق العريش كافة، على عكس بقية المدن التي يندر فيها الوجود السكاني". كما تتواجد المؤسسات الرئيسية كافة للمحافظة في العريش، ما يمثّل ثقلاً حكومياً وأمنياً، يحتّم على الأجهزة الأمنية إبقاء حالة الأمن قائمة من دون أي تشويش عليها، مهما بلغ صغره من قبل التنظيم. كذلك، فإنّ مؤسسات النظام والإعلام التابع له تتباهى في إعادة الأمن للعريش، كإشارة لنجاح العملية الشاملة، وبالتالي ستحرص قوات الأمن على استمرارية السيطرة التامة على المدينة.
يشار إلى أنّ الجيش المصري بدأ عملية عسكرية واسعة النطاق في فبراير/شباط 2018، بهدف إحكام السيطرة على محافظة شمال سيناء، في أعقاب انتشار تنظيم "ولاية سيناء" الواسع في مدن المحافظة كافة، وشنه لمئات الهجمات ضدّ قوات الجيش والشرطة، من دون القدرة على كبح جماح هذه الهجمات. إلا أنّ القوات العسكرية الكبيرة التي جرى حشدها في المحافظة، بالإضافة إلى القصف الجوي الدائم، كان لهما الأثر الكبير في إعادة السيطرة الأمنية نسبياً على المحافظة، والتقليل من حجم الخسائر في صفوف قوات الجيش والشرطة، بعد انخفاض عدد هجمات التنظيم.