النواب المصري يختتم جلساته "الشكلية" حول تعديل الدستور

29 مارس 2019
التعديلات تهدف للتمديد للسيسي (فرانس برس)
+ الخط -

اختتم مجلس النواب المصري جلسات ما يسمى "الحوار المجتمعي" حول تعديلات الدستور، مساء يوم الخميس، وهي الجلسات التي وصفها معارضون للتعديلات بـ"بالهزلية" و"أحادية الجانب"، كونها اقتصرت على المؤيدين للتعديلات من دون الرافضين لها، ووجهت دعواتها إلى أطراف منتقاة بعناية لإبداء الرأي في جلسات سرية تفتقد الشفافية، حتى لا يستمع الشعب المصري للنقاشات حولها.


وحضر الجلسة الأخيرة لحوار البرلمان حول تعديل الدستور، مجموعة من الوزراء السابقين في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحادات العامة للصناعات والغرف التجارية والسياحية، والبنوك الحكومية، والذين أبدوا جميعاً تأييدهم للتعديلات الدستورية، والمادة الانتقالية التي تسمح باستمرار الأخير في منصبه حتى عام 2034، تحت ذريعة "الاستقرار".
وقال رئيس البرلمان، علي عبد العال، إن التعديلات لم تتعرض لهيكل ونظام الاقتصاد، أو تعديل مواد الضرائب والاستثمار في الدستور، مستطرداً "الحوار المجتمعي يدور بلا سقف في إبداء الرأي، ودعونا رجال الاقتصاد والمال للمشاركة في الحوار كأي مواطن مصري، لأن كل تحرك على المستوى السياسي يؤدى إلى الاستقرار".
وأضاف أن "الاقتصاد لن يكون قوياً من دون استقرار سياسي، والحوار المجتمعي كان مفتوحاً لجميع الأحزاب والقوى السياسية"، متسائلاً "لماذا يدعو البعض إلى وقفة احتجاجية أمام البرلمان، أو في أي مكان آخر، فليأتوا إلى هنا، ولدي رحابة صدر أن أسمع منهم بإصغاء تام... ولا يوجد مبرر للاعتراض سوى لأخذ اللقطة، واستخدامها لمواقف سياسية تحقق مآرب خاصة، بما يؤثر سلباً على الوطن، وهو أمر لن نقبله إطلاقاً".
وتابع: "المجلس (البرلمان) كان حريصاً على دعوة مجموعة من الشخصيات العامة، ورجال الفكر والرأي للمشاركة في أعمال الجلسة الأخيرة للحوار المجتمعي، لما يمثلونه من قيمة عالية في المجتمع، ولكن ظروف السفر أو المرض حالت دون حضورهم، ومنهم على سبيل المثال: نائب رئيس الوزراء السابق، زياد بهاء الدين، والدكتور مجدي يعقوب، والدكتور محمد غنيم، والفنان محمد صبحي، ومنير فخري عبد النور".
واستعرض عبد العال بعض الملاحظات الواردة من محمد غنيم (أحد أشهر جراحي الكلى) على تعديلات الدستور، وشملت الاعتراض على المادة المتعلقة بتخصيص ربع مقاعد مجلس النواب للمرأة، معتبراً أن تخصيص هذه النسبة سيؤدي إلى ارتباك الحياة السياسية، وعدم تشجيع المرأة على العمل السياسي، أو بإيجابية في الحياة الحزبية.
وطالب غنيم بالعمل على التمثيل العادل للمواطنين في مجلس النواب، من خلال إجراء الانتخابات بنظام القوائم النسبية المفتوحة، وليست القوائم المطلقة المغلقة، مع مراعاة تمثيل بعض الأماكن النائية، مثل مطروح وسيناء والنوبة. وكذلك معادلة مدة الرئاسة مع عضوية البرلمان، بحيث تكون خمس سنوات لكلتيهما.


كما اقترح غنيم تطبيق المادة الانتقالية للرئيس الحالي، اعتباراً من تاريخ الولاية الأولى له، بمعنى أن يستمر في سدة الحكم لمدة أربع أعوام إضافية، بعد انتهاء ولايته الثانية في عام 2022، وعدم استحداث مادة تتيح لرئيس الجمهورية تعيين نائب أو أكثر له، لأن نظام الحكم في دستور 2014 هو شبه رئاسي، ومنصب نائب الرئيس غير معمول به في الدول التي تأخذ بهذا النظام.
رافضون للتعديلات
في المقابل، أعلن أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة، مصطفى كامل السيد، رفضه للتعديلات الدستورية جملة وتفصيلاً، لأن النظام الدستوري والقانوني في أي دولة يهدف إلى إشاعة الطمأنينة والثقة بين المواطنين، موضحاً أن "الإقدام على تعديل نصوص دستور، لم تطبق كل مواده، بعد مرور 5 سنوات فقط من موافقة أغلبية ساحقة عليه، يُعطي إحساساً أننا لا نتعامل بجدية مع النصوص الدستورية والقوانين".
وقال السيد إن "التعديلات تستهدف في الأساس تعزيز رأس السلطة التنفيذية، وإهداء رئيس الجمهورية كل السلطات بشكل كامل، بما يتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، إضافة إلى التوسع في مهام القوات المسلحة، لتشمل التدخل في الخلافات السياسية، ما يفقد المؤسسة العسكرية صفة الحياد".
كما طالب وزير القوى العاملة السابق، كمال أبو عيطة، بسحب التعديلات الدستورية حفاظاً على السيسي، والدولة المصرية، قائلاً: "الجميع يرغب في مصلحة مصر، وهذه التعديلات تجعل منها لقمة سائغة في فم الخصوم للنيل من الدولة المصرية".
وأضاف: "أنتم تقحمون الخصوم والأعداء والإعلام المعادي، أجلوا هذه التعديلات لأنه ليس هذا هو الوقت المناسب لتمريرها"، محذراً من أن تؤدي التعديلات الدستورية إلى "توحش السلطة التنفيذية" على السلطتين القضائية والتشريعية.
وتابع: "التعديلات أعدها أشخاص قريبون من السلطة للدفاع عن مصالحهم، ولا دور للشعب المصري في هذا الموضوع... وكان ناقص نكتب اسم الرئيس في طياتها"، مستطرداً "أنا ابن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والمؤسسة العسكرية، وأرفض الزج بالجيش في الصراعات السياسية، لأن دوره هو حماية الوطن، وهذا موقع عظيم لو تعلمون... وليس التدخل في تحديد شكل الحكم!".


وزاد أبو عيطة: "نحن نرفض تصفير العداد، مش أي حد يحكم نصفر له العداد... هذه التعديلات لا علاقة لها بالديمقراطية، أو دولة حديثة" ما عقب عليه رئيس البرلمان، بالقول: "نحن نعدل هذا الدستور طبقاً للمحددات المعمول بها في كل دول العالم، ولا نبتدع شيئاً... هذه التعديلات جاءت في أضيق نطاق، كما يعلم الجميع"، وفق تعبيره.