العراق: ملامح مواجهة مرتقبة بين رئيس الوزراء والبرلمان

24 مارس 2019
أزمة متصاعدة بين عبد المهدي والكتل البرلمانية (Getty)
+ الخط -

يبدو أن ملامح المواجهة المؤجلة بين قوى سياسية في البرلمان العراقي من جهة، وبين رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، من جهة أخرى، قد اقتربت مبكراً، رغم محاولة عبد المهدي، الإبقاء على حالة الود بينه وبين مختلف الكتل السياسية، وقد اتضح ذلك جلياً في مشاورات تمرير الموازنة المالية لعام 2019، ورفضه تقديم وزراء للداخلية والدفاع والعدل والتربية دون أن يكون هناك توافق سياسي بين القوى البرلمانية عليهم.

وأجّل ذلك كله ملفات الفساد الكبيرة، وحملات إعمار المناطق المدمرة بفعل معارك تحريرها من قبضة تنظيم "داعش" الإرهابي، كالموصل والفلوجة والرمادي وتكريت، وملف حقوق الإنسان والنازحين والسجون شمال وغرب ووسط العراق، والخدمات والبطالة والفقر المتصاعد في جنوب البلاد.

وبرغم أن التوافق السياسي بين الأحزاب، أوجد عبد المهدي رئيساً للوزراء، وهو الأمر الذي يخالف الدستور العراقي الذي ينص على أن تختاره الكتلة الكبرى في البرلمان وبتوجيه من رئيس الجمهورية، وبرغم الدعم الكبير الذي حظي به تحالف "سائرون" وهو الأكبر من حيث عدد نوابه في مجلس النواب، إلا أن لهجة التحالف مع عبد المهدي، تبدّلت وتحولت، إذ حمّل أعضاء بالتحالف رئيس الحكومة مسؤولية التأخير بعدم استكمال التشكيلة الوزارية، فيما هدد بعضهم باللجوء إلى استجواب عبد المهدي في البرلمان.


وقال النائب في البرلمان العراقي علي الغاوي، في تصريح صحافي إن "إجراءات مكافحة الفساد ما تزال حبراً على ورق، ونحن بانتظار تطبيقها على أرض الواقع، وأن تترجم الأقوال إلى أفعال، وفي حال تنصل رئيس الوزراء من مسؤولياته ومما تم الاتفاق عليه سيكون لنا حديث آخر داخل مجلس النواب".

إلا أن مصدراً مقرباً من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، بيَّن لـ"العربي الجديد"، أن "هناك توجها لدى عدد من قادة تحالف سائرون، لطلب استدعاء عادل عبد المهدي، إلى البرلمان في حال انتهت المهلة التي حددت له سابقا، وهي ستة أشهر، دون أن يقدم شيئا من برنامجه الذي وعد به".

ولفت إلى أن "كل شيء مطروح حاليا، ونراقب أداء عبد المهدي ومرحلة بقاء رئيس الوزراء أربع سنوات كاملة مع فشله، ونأمل أن يكون رئيس الوزراء عبد المهدي قادرا على النجاح، وندعو الله في ذلك، لكن حتى الآن لا شيء يبشر بخير"، وفقا لقوله.

إلى ذلك، قال النائب عن تحالف "البناء" عدي عوّاد، إن "فشل استكمال التشكيلة الوزارية، ليس مرتبطاً بجهود رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، إنما هو مرتبط بالكتل في مجلس النواب ومدى رفضها وقبولها للمرشحين الذين يطرح أسماءهم رئيس الوزراء"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "عبد المهدي كان قد عرض أكثر من اسم للوزارات الأربع الشاغرة ولكن الصراع بين الكتل هو الذي أرجأ التصويت لصالحهم وعطل استكمال الحكومة".

وتابع أن "المطالبة أو التهديد باستجواب عادل عبد المهدي، هو أمر سياسي، أي أن الأمر هذا يندرج ضمن التوجهات السياسية لا الخدمية او الإصلاحية"، موضحاً أن "هناك كثيرا من الملفات لا تقع ضمن مسؤوليات عبد المهدي ومنها الصحة والبلديات، ونحن نرى أن الحكومة محاولاتها خجولة لحل أزمات مثل البصرة وموضوع المياه الذي لولا الأمطار لما ارتفعت المناسيب، كذا الحال مع ملف الكهرباء والبطالة".

من جهته، أوضح عضو تحالف "القرار" أثيل النجيفي، أن "الكيانات السياسية العربية الشيعية هي من جاءت بعبد المهدي إلى الحكم، واليوم عليها أن تتحمل قضية السماح له بالاستمرار أو استبعاده، وعليها أيضاً أن تحسم موقفها بشأن نجاحه في إدارة الأزمات أم عدم نجاحه".

وأشار في اتصال مع "العربي الجديد" إلى أن "عبد المهدي جاء إلى منصب رئيس الوزراء بعد مخاض عسير بين الكتل السياسية، ونتج عن حوارات مطوّلة، ولا أعتقد أن من السهل أن الكيانات السياسية قادرة على إعادة تلك الحوارات مرة أخرى من أجل اختيار بديل عنه، بعد سحب الثقة منه أو تقديمه الاستقالة".

بدوره، رأى المحلل السياسي العراقي واثق الهاشمي، أن "الحديث عن فشل عبد المهدي والدعوة إلى إبعاده أو استجوابه في هذه المرحلة، قد يكون اعتباره وسيلة ضاغطة على رئيس الحكومة من أجل فتح ملفات الفساد التي تتورط بها شخصيات كبيرة في العراق، وقد تكون أيضاً محاولات جادة لاستجوابه عن أسرار التأخر بمعالجة أزمة البصرة واستكمال الكابينة الوزارية"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أن "المرحلة المقبلة ستشهد تقاطعات المشهد السياسي بين الكيانات السياسية، وأن الاتفاقات بينها ستتلاشى شيئاً فشيئاً".

وأكد أن "مشاكل وعقبات بانتظار عبد المهدي، لا سيما مع استمرار عدم تقدم عجلة استكمال الكابينة الوزارية وغياب الحلول لمعالجة ظاهرة إدارة المناصب بالوكالة، والمرحلة المقبلة ستكون صعبة، خصوصاً أن عبد المهدي قد وصل إلى طريق مسدود مع الكيانات الكردية والسنية والشيعية"، لافتاً إلى أن "لجوء عبد المهدي إلى الاستقالة أو إكراهه على ذلك، سيفتح على البلاد أزمة دستورية، وهي تلك التي أهملتها الأحزاب التي تنص على أن يوجه رئيس الجمهورية الكتلة البرلمانية الكبرى لاختيار رئيس الوزراء".