لا يرفع في الحراك الشعبي في الجزائر، إضافة إلى علم البلاد، علم آخر غير علم فلسطين، ولا تغيب الأراضي المحتلة عن بال المتظاهرين، حتى وهم في قمة اللحظة الثورية وفي معترك احتجاج صاخب ضد النظام والمطالبة برحيل عبد العزيز بوتفليقة.
لم تغب القضية الفلسطينية عن أذهان الجزائريين في كل المحطات السياسية، وبمناسبة وبغير مناسبة يرفعون العلم الفلسطيني منذ بداية الحراك الشعبي في البلاد في 22 فبراير/ شباط الماضي، احتجاجا ورفضا لتمديد العهدة الرئاسية الرابعة لبوتفليقة.
يحضر العلم الفلسطيني إلى جنب العلم الجزائري في المظاهرات، وتحضر هتافات الشباب والطلبة "فلسطين.. فلسطين الشهداء".
وتعبّر مشاهد رفع العلم الفلسطيني في مظاهرات ذات طابع ومطلب سياسي محلي في الجزائر، على الحضور الطاغي لفلسطين شعبا وقضية لدى الجزائريين، حتى في ظروف واستحقاقات قد تبدو غير متناسبة مع واجب التضامن، في صورة دالة على موجبات التلاحم الشعب الجزائري والتفافه حول القضية الفلسطينية وإيمانه بفلسطين دولة مستقلة وعاصمتها القدس.
وتبدو القضية الفلسطينية في الجزائر واحدة من بين ثلاث قضايا يتحقق عليها الإجماع الوطني في الجزائر: الوحدة الوطنية وقدسية ثورة التحرير وفلسطين.
ويقول الطالب الجامعي في كلية الطب عبد الله مسلم، لـ"العربي الجديد": "فلسطين حاضرة دوما في قلوب الجزائريين، وحتى في الحراك الشعبي.. أمر مشرف أن تحضر الراية الفلسطينية مع الراية الجزائرية. هذه عقيدة سياسية بالنسبة للجزائريين مستمدة من الشعور بالظلم الذي يتعرض له الفلسطينيون، والمماثل للذي تعرض له الجزائريون من قبل الاستعمار، ولقدسية المكان والأقصى".
ويعتقد المتخصص في التاريخ جمال يحياوي أن حضور علم فلسطين في مسيرات الحراك له دلالات كثيرة، قائلا، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن "حضور العلم الفلسطيني يحمل صورة عن وعي الجزائريين بأن التحولات في الراهن في الجزائر تتضمن أيضا البعد العربي الإسلامي، وتؤكد خالص الالتزام بالقضية الفلسطينية كرمز المقاومة ضد الاحتلال".
وأضاف أنها أيضا "رسالة لإظهار مستوى الوعي الجماهيري ، وأنه في ظل الحراك الشعبي المحلي لا ننسى القضايا الجوهرية والعادلة، ولكون القضية الفلسطينية ساكنة في وجدان الجزائري، حيث إن الجزائريين لم ينسوا فلسطين وهم تحت الاحتلال، فلن ينسوها وهم في ظروف أخرى".
يشار إلى أنه في الخامس أكتوبر/ تشرين الأول عام 1988 شهدت الجزائر انتفاضة شعبية وسياسية ضد نظام الحزب الواحد، أدت إلى التحول إلى نظام التعددية السياسية.
وسبق هذه الانتفاضة بشهر عقد مؤتمر المجلس الوطني الفلسطيني، لكن وبرغم التداعيات السياسية والاجتماعية لانتفاضة أكتوبر أصرت الجزائر على احتضان دورة المجلس الوطني الفلسطيني، والذي توّج بإعلان قيام دولة فلسطين من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات.