الانتخابات الإسرائيلية (8): نتنياهو يعود لإشراك قادة حزبه في المعركة الانتخابية

02 مارس 2019
احتكر نتنياهو الدعاية الانتخابية لفترة طويلة(أليكسي دروزينين/Getty)
+ الخط -

فيما لا يزال غير واضح تماماً كيف سيؤثر إعلان المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية، أفيحاي مندلبليت، بشأن عزمه على تقديم لائحة اتهام في ثلاثة ملفات فساد ضد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، على شعبية الأخير في الشارع الإسرائيلي، والأهم من ذلك في صناديق الاقتراع في انتخابات 9 إبريل/نيسان المقبل، يبدو أن نتنياهو، نفسه، بدأ يشعر بحالة من القلق وتراجع الثقة بقوة "اسمه" وحده للفوز في الانتخابات، وحاجته لإشراك قادة حزب "الليكود" في الحملة الانتخابية، بعد أن كان قد احتكر، حتى يوم الخميس، قيادة الحملة الانتخابية وتوجيه دفتها وتحديد رسائلها.

فقد أعلنت جهات حزبية داخل "الليكود"، أمس الجمعة، أن "الحزب سيطلق حملته الدعائية الأسبوع المقبل، ولكن ليس قبل أن يجتمع نتنياهو خلال الأيام المقبلة بقادته ورموزه السياسية، لإشراكهم في الحملة وتركيز البعد السياسي والهوية الحزبية لنتنياهو، باعتبار ذلك سلاحاً لكونه يمثّل اليمين الإسرائيلي والليكود في وجه الوسط واليسار بقيادة بني غانتس ويئير لبيد".

ووفقاً لما ذكره موقع "معاريف"، أمس الجمعة، فإن "الليكود يعتزم تحويل حفل إطلاق الحملة الدعائية الانتخابية إلى تظاهرة تأييد جماهيري واسع لنتنياهو، مع مشاركة كافة مرشحي الحزب في المعركة الانتخابية. ويعكس هذا القرار على ما يبدو قلقاً في "الليكود"، من أن إبقاء الأضواء مركّزة على نتنياهو، في ظل إعلان المستشار القضائي للحكومة، من شأنه أن يكلّف الحزب مقاعد عدة في الكنيست، فيتراجع إلى ما دون 29 ـ 30 مقعداً التي يحافظ "الليكود" عليها في الاستطلاعات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة. وهو قلق يتغذى أيضاً من بدء محللين في الشؤون الحزبية في إسرائيل، الحديث عن اليوم الذي يلي الانتخابات، والذي يحرر أحزاب اليمين التي تتأرجح وقد لا تعبر نسبة الحسم، مثل حزبي "كولانو" بقيادة موشيه كاحلون، و"يسرائيل بيتينو" بقيادة أفيغدور ليبرمان، من براثن نتنياهو، وبالتالي قد تتجه هذه الأحزاب نحو تأييد تكليف غانتس بتشكيل الحكومة المقبلة.

في هذا السياق، سبق أن أعلن ليبرمان في الأسابيع الماضية، أنه يعتقد بأن الحكومة الحالية هي آخر حكومة يتولى رئاستها نتنياهو، وأن الأخير قد يخسر بعد الانتخابات، حتى لو فاز "الليكود" بعدد أكبر من مقاعد حزب غانتس، وأن نتنياهو لن يتمكّن من إدارة دفة حكومةٍ وفي الوقت ذاته إدارة محاكمته.



وتعني هذه التغييرات المتوقّعة في دعاية "الليكود"، محاولة من نتنياهو لجرّ وزراء حزبه وقادته إلى المعركة الانتخابية، حتى لا يكون في حال خسارته المسؤول الرئيسي عن خسارة اليمين الذي يمثّله نتنياهو للحكم، وثانياً لتكريس الاعتقاد عند الناخب اليميني المتوسط والتقليدي، الذي قد يرفض ممارسات نتنياهو وما هو منسوب إليه، بأن المعركة ليست ضد شخص نتنياهو بل ضد المعسكر الذي يمثّله، معسكر اليمين المتشدد والقوي، بحسب ما يصفه رئيس الحكومة، مقابل معسكر وسط يسار يقوده غانتس، لكنه معسكر لن يتردد في تقديم تنازلات إقليمية والقبول بحل الدولتين وتفكيك المستوطنات.

يعني هذا التوجّه مزيداً من التحريض المنفلت من نتنياهو، ليس فقط ضد العرب في الداخل وشرعية إشراكهم حتى ولَو في كتلة من خارج الحكومة، ولا ضد اليسار والإعلام فقط، بل الأخطر من ذلك ضد الجهاز القضائي والنيابة العامة، ومن بينهما أشخاص محددون مثل المدعي العام شاي نيتسان، ومدعية لواء تل أبيب، ليئات بن اريه، اللذين خضعا لليسار وضغوطه ودفعا المستشار القضائي للحكومة باتجاه تقديم لوائح اتهام ضد نتنياهو.
إذاً، ستحمل المعركة الانتخابية في إسرائيل في الأسابيع المقبلة مزيداً من مظاهر ضرب سلطة القانون وسلطات القضاء، مع تحريض شعبوي ضد خصوم نتنياهو، كما حدث في حالة الشريط الدعائي الأخير، الذي بث مقاطع من مقبرة عسكرية للجنود القتلى، مع تهجّم متواصل على غانتس، في إيحاء بأن الأخير، كرئيس للأركان، هو من أرسل الجنود إلى حيث يُقتلون. وقد اضطر نتنياهو إلى إزالة الشريط وحظره والإعلان عن التحقيق مع المسؤولين عن نشره، بعد أن نفى أن يكون هو المسؤول عن إنتاجه.

وفي موازاة هذا الجانب التحريضي ضد اليسار والقضاء والشرطة والعرب، فإنه سيكون من باب المفارقة، أن يعتمد نتنياهو في الدعاية الرسمية المقرر إطلاقها الأسبوع المقبل، على صور توثّق زياراته ولقاءاته مع زعماء دول عربية، لا تقيم علاقات رسمية مع إسرائيل، مثل البحرين والإمارات والسعودية، كدليل على قدراته الدبلوماسية كزعيم إسرائيلي له مكانة دولية وتقدير حتى لدى الدول العربية، التي بدأت فقط تحت زعامته، تجهر بتعاونها مع إسرائيل وتحالفها معها ضد "العدو المشترك" إيران. وسيخصص نتنياهو على ما يبدو هذا البُعد في التحالف والتطبيع مع الدول العربية، دليلاً على أن صحة سياسته الرافضة لحل الدولتين، وصحة القول بإمكانية الوصول لسلام إقليمي مع دول عربية من دون شرط التوصل، هما بداية الحل للقضية الفلسطينية.