هل تخلص الجولاني من أبو يقظان المصري؟

03 فبراير 2019
أبو يقظان أحد أبرز قيادات "النور السلفي" بمصر (تويتر)
+ الخط -

تداولت صفحات إخبارية محليّة خبر استقالة الشرعي البارز في "هيئة تحرير الشام" (وقوامها جبهة النصرة) أبو يقظان المصري، بسبب خلافات بينه وبين قيادة الهيئة. 

واشتهر أبو يقظان، وهو شرعي الجناح العسكري في الهيئة، بفتاويه المتشددة والمثيرة للجدل.

وعزا مراقبون استقالة أو إقالة أبو يقظان إلى عدم التزامه بالتشريعات المنصوص عليها في لوائح "تحرير الشام" الداخلية، وظهوره المتكرر على الإعلام دون التقيد بالضوابط التي وضعتها الجماعة له، حيث تقدم المجلس الشرعي في "الهيئة" بشكوى ضدّه إلى زعيم التنظيم أبو محمد الجولاني، الذي دان تصرفاته، ودعاه إلى التقدم باستقالته على الفور.

وعلق الشرعي الفلسطيني في "جبهة النصرة" الزبير الغزي، عبر معرّفاته الرسمية بوسائل التواصل، على استقالة أبو اليقظان بقوله: "ما رأينا منه إلا علو الهمة، نرجو أنَّ ما بينه وبين إخوانه في الجماعة سحابة صيف سرعان ما تزول".

ويتزامن هذا التطور مع إصدار "لجنة الإشراف والمتابعة العليا" في "النصرة" تعميمًا جديدًا للتعامل مع وسائل الإعلام، منعت بموجبه وسائل الإعلام الشخصية والعامة التابعة لها من "إصدار الفتاوى والأحكام قبل اعتماد المجلس الشرعي العام لفتوى معينة"، خاصة بشأن نقد الشخصيات القيادية والعلمية، والارتجال الشخصي في التعليق على أحداث ميدانية أو سياسية داخلية أو خارجية. 

وحذر القرار أفراد الجماعة من أن أية مخالفة "تعرض صاحبها للمساءلة والمحاسبة القضائية".

ويعد محمد ناجي، المعروف بـ"أبو يقظان المصري"، أحد أبرز قيادات حزب "النور السلفي" في مصر، وقد حضر إلى سورية عام 2013، واستقر بمدينة حلب السورية التي مكث فيها مدة طويلة لم يخرج خلالها إلى جبهات القتال، متنقلا من مسجد إلى آخر، ومن مقر إلى آخر، لإعطاء الدروس وإلقاء الخطب التي تحرض الشباب على القتال.

بعد ذلك، حاول التغلغل في حركة نور الدين الزنكي، لكنه سرعان ما تركها وبدأ يهاجم قادتها ومشايخها. ومن ثم التحق بـ"حركة أحرار الشام الإسلامية" التي تركها أيضا بعد يوم واحد فقط من إصدار المجلس الشرعي في الحركة فتوى تُجيز التنسيق مع الجيش التركي، من أجل قتال تنظيم "داعش" شمالي حلب، وأعلن انشقاقه تعليقاً على عملية "درع الفرات"، في بيان له، قائلا: "لن نقاتل بالوكالة أبداً، فالجهاد الإسلامي ليس ذنباً للعلمانية"، الأمر الذي دفع عضو المكتب الإعلامي في حركة "أحرار الشام" محمود أبو العبد، إلى القول إن "بعض الأشخاص يستبِقون قرار فصلهم ويعلنون استقالتهم من الحركة، وعلى رأسهم أبو يقظان المصري، وذلك لمخالفته قرارات المجلس الشرعي لحركة أحرار الشام".

عرف أبو يقظان، وهو الشرعي البارز في الجناح العسكري لـ"هيئة تحرير الشام"، بالفتوى الشهيرة خلال الاقتتال بين "هيئة تحرير الشام" وحركة "أحرار الشام"، في يوليو/ تموز 2017، والتي أجاز فيها قتل جنود "أحرار الشام" رمياً بالرصاص على "رؤوسهم". 

وقال في تسجيل صوتي: "الشيخ أبو جابر أعلن أنه لا بد من إزالة الأحرار، حتى نستطيع أن نستمر هنا"، موجهاً رسالة لمقاتلي الهيئة قائلا: "اضرب في الرأس وسأكون المسؤول عن ذلك يوم القيامة"، وفق قوله.

وإثر ذلك، حدث خلاف شهير بينه وبين مفتى الهيئة السابق عبد الله المحيسني.  

وقالت مصادر إن خروج أبو يقظان من "تحرير الشام" الآن يأتي في سياق التحولات التي يقوم بها الجولاني داخل الهيئة من أجل التخلص من الوجوه المتشددة، استعدادا لمرحلة جديدة تتضمن إمكانية التنسيق مع تركيا، ومع بقية الفصائل، لإدارة الوضع في محافظة إدلب التي تمددت الحركة فيها أخيرا على حساب بقية الفصائل.


وقد شهدت مناطق الشمال السوري مؤخرا مشاورات بين القوى المسلحة ووجاهات محلية وعشائرية ودينية، تمحورت حول شكل التغييرات المفترض إجراؤها على السلطتين العسكرية والمدنية في إدلب، من وجهة نظر "هيئة تحرير الشام" ووفق تصوراتها للمرحلة المقبلة.

وحسب هذه التصورات، فإن "تحرير الشام" تسعى إلى تشكيل غرفة عمليات واسعة تجمع كل التشكيلات المسلحة في إدلب ومحيطها، بما فيها التنظيمات الجهادية، وتتبع جميعها لإدارة موحدة، وكذلك دعم حكومة "الإنقاذ" وتوسيعها لتشمل مجمل أطياف المعارضة، والعمل على تمكينها في مختلف المناطق، وفصل الإدارتين العسكرية والمدنية، والعمل على تطبيق اتفاق "سوتشي"، خاصة في ما يتعلق بفتح الطرق الدولية.

وخلال تواصل "تحرير الشام" مع التنظيمات "المتشددة" في إدلب لدمجها في هذه التصورات، رفض فصيل "حراس الدين" وبقية التنظيمات الجهادية الرؤية التي تقدمت بها "تحرير الشام"، وأصدرت قيادة "الحراس" قبل ثلاثة أيام بياناً أعلنت فيه رفضها القاطع للعرض المقدم، الذي اعتبرت أنه "يضمن لتركيا السيطرة الكاملة على قرار المعارضة، ويساهم في تثبيت النظام، من خلال فتح الطرق الدولية"، وتخلل ذلك اشتباكات بين الجانبين.  

وهذا الهجوم على "تحرير الشام" قد يكون أحد الأسباب التي حركت بعض الشرعيين المتشددين داخل "الهيئة"، مثل أبو يقظان المصري وأبو مالك التلي، قائد "جبهة النصرة" سابقاً في القلمون، كما أكدت المصادر.