بعد أن نفى سابقاً صحة الأنباء عن نيته الاستقالة، قدم وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، استقالته المفاجئة من منصبه، مساء أمس الإثنين، عبر رسالة نشرها على صفحته على "إنستغرام" دون أن يوضح أسباب وظروف اتخاذه هذا القرار.
ونقلت وكالات أنباء إيرانية عن مصادر في الخارجية الإيرانية، وصفتها بـ"المطلعة" تأكيدها صحة الاستقالة. كما أن مساعد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، عباس موسوي، أكد في تصريح لوكالة "إرنا" الرسمية أن "نبأ استقالة وزير الخارجية صحيح وأن حسابه على إنستغرام يعود له وليس مزيفاً".
بيد أنه بقدر ما كانت استقالة "الدبلوماسي الضاحك" كما يسميه البعض في إيران، مفاجئة، كانت الطريقة التي استخدمها أيضاً للإعلان عنها غريبة ولافتة للنظر في الوقت نفسه، إذ كانت عبر شبكات التواصل الاجتماعي، كما أنها جاءت في وقت متأخر من مساء الإثنين، لتعلن وكالة "إيسنا" المقربة من الحكومة الإيرانية، نقلاً عن "مصادر عليمة"، أن ظريف كان معنياً باتباعه هذا النهج والحديث عن استقالته أمام عامة الناس، ليؤكد أنه جاد في قراره ومصر عليه.
بدوره، قال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإسلامي الإيراني (البرلمان)، حشمت الله فلاحت بيشة، إن "الوزير ظريف أراد من خلال الإعلان عن استقالته للناس أن يدفع الرئيس الإيراني حسن روحاني للموافقة عليها"، لافتاً إلى أنه قدم استقالته خلال الفترة الماضية أكثر من مرة.
ومن اللافت أيضاً أن ظريف قدم استقالته هذه، بينما تستضيف بلاده رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الذي وصل إلى العاصمة طهران، فجر الإثنين، في أول زيارة له منذ 8 سنوات بعد اندلاع الأزمة السورية، والتقى بالمرشد الإيراني، علي خامنئي، والرئيس الإيراني، حسن روحاني.
ولم ينتظر ظريف الذي غاب عن اللقاءين، أن يغادر الحليف السوري طهران، ليعلن عن استقالته بعد ذلك، مما أوحى بظروف طارئة، دفعته إلى اتخاذ مثل هذا القرار.
في السياق، ذكر موقع "انتخاب" الإصلاحي الإخباري أن مراسله استفسر من ظريف نفسه، عن نبأ استقالته عبر رسالة نصية، أرسلت إلى هاتفه النقال، فرد الوزير برسالة نصية، قائلاً: "بعد انتشار صور لقاءات، اليوم، ليست لجواد ظريف مصداقية كوزير خارجية في العالم"، وذلك في إشارة إلى لقاءات بشار الأسد مع المرشد والرئيس الإيرانيَين.
ويحمل رد ظريف نوعاً من العتاب على الطريقة التي جرى من خلالها تنظيم لقاءات الضيف السوري، بشار الأسد، بحسب تأكيد تصريح مسؤول إيراني، لموقع "انتخاب"، دون أن يذكر اسمه، قائلاً إن "وزير الخارجية تضايق مما حدث حول لقاءات أمس الإثنين، وأن ذلك كان ناتجاً من سوء التنسيق، فهو يعتبر رمزاً لاقتدار إيران وعظمتها".
الكرة عند روحاني
ولم تمض ساعة على إعلان ظريف استقالته، حتى ذكرت وسائل إعلام محلية، أن روحاني قد وافق عليها، لكن سرعان ما نفى رئيس مكتب رئاسة الجمهورية الإيرانية، محمود واعظي، هذه الأنباء، قائلاً إن "ينفي بشدة موافقة الرئيس روحاني على استقالة ظريف".
وليس واضحاً بعد، ما إذا كان سيوافق روحاني على استقالة وزير خارجيته، الذي وصفه واعظي قبل شهر تقريباً، عندما شاعت أنباء عن نيته الاستقالة، بـ"المقرب من رئيس الجمهورية وأحد وزراء الخارجية الناجحين للجمهورية الإسلامية"، خاصة أن استقالة رجل "الدبلوماسية العلنية" تعتبر ضربة قوية لسياسة روحاني الخارجية، الداعية إلى الانفتاح مع العالم، في وقت تتعرض إيران لضغوط أميركية على مختلف الأصعدة، اقتصادياً، وسياسياً، وإقليمياً ودولياً.
والكرة الآن في ملعب الرئيس الإيراني، ليقرر الموافقة على قرار ظريف بالاستقالة أو يرفضه، ويبقي على "ماركة حكومته"، كما وصفه بذلك روحاني خلال إحدى جلسات مجلس الشورى الإسلامي الإيراني، العام الماضي، قائلاً: "بعض وزرائنا تُعتبر أسماؤهم ماركة جذابة في العالم، فظريف شخصية معروفة في عالم السياسة، والجميع يفتخر بأن يجلس معه ويتحدث إليه."
وتتحدث بعض وسائل الإعلام الإيرانية أن اتصالات قد بدأت بالفعل وجهوداً تبذل منذ الليلة الماضية، لثني ظريف عن قراره، لا سيما أن "طريقة استقالة وزير الخارجية لم تكن رسمية، ولم تقدم بعد ورقة الاستقالة بشكل قانوني إلى روحاني"، وفقاً لموقع "انتخاب".