يجري نشطاء في المجتمع المدني ومحامون ومثقفون اتصالات تحضيراً لاعتصام مركزي في وسط العاصمة الجزائرية، بداية الأسبوع المقبل، رفضاً لترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة.
وقال نشطاء سابقون في حركة "بركات"، وحركة "مواطنة" المعارضة، اليوم الإثنين، إنّ هناك تحركات ميدانية لتنظيم سلسلة احتجاجات شعبية في العاصمة الجزائرية، وعدد من الولايات ضد ترشح بوتفليقة، لا سيما في مدن منطقة القبائل بسبب عجز السلطة عن السيطرة على هذه المنطقة، وتصاعد الروح الاحتجاجية فيها.
وأعلن بوتفليقة، مساء الأحد، ترشحه لولاية رئاسية خامسة، خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 إبريل/نيسان المقبل، وتعهد بـ"عقد مؤتمر توافق وطني، لإقرار إصلاحات سياسية واقتصادية وتعديل دستوري جديد"، بعد سنتين من التعديل السابق في فبراير/شباط 2016.
وتعارض أحزاب عدة وناشطون ترشح بوتفليقة (81 عاماً)، الذي يحكم الجزائر منذ 1999، لولاية رئاسية خامسة، لا سيما على خلفية وضعه الصحي الصعب، إذ يُعاني من تداعيات وعكة صحية وجلطة دماغية ألمت به في إبريل/نيسان 2013، استدعت نقله إلى مستشفى بباريس حيث مكث 81 يوماً.
ويغيب بوتفليقة عن المشهد الجزائري منذ فترة، إذ لا يشارك في الأنشطة الداخلية ولا المحافل الدولية، ونادراً ما يستقبل المسؤولين الأجانب الذين يزورون الجزائر، وكان آخرهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في مايو/أيار من السنة الماضية.
وفي آخر ظهور له في ذكرى ثورة تحرير الجزائر، في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ظهر بوتفليقة في وضع صحي صعب، وبدا شارد الذهن، وربطت أرجله إلى الكرسي المتحرك الذي يتنقّل عليه، وهو ما أثار عواطف متناقضة بين الاستياء والتعاطف لدى الجزائريين بشأن وضعه.
وأكد عبد الوكيل بلام، الناشط السابق في حركة "بركات"، لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، أنّ هناك "اتصالات ومشاورات بين النشطاء والقوى المدنية لتنظيم حراك احتجاجي ضد ترشح بوتفليقة ومحاولة اغتصاب الإرادة الشعبية"، كما قال.
وأضاف أنّ "هناك حالة من الغضب لدى فئات مختلفة من الجزائريين إزاء التطورات السياسية، وهناك إحساس بأنّ ترشّح بوتفليقة لا علاقة له بالمسار السياسي الطبيعي للجزائر، ولن يكون في ذلك خدمة الشعب والدولة، ولذلك قررنا الخروج إلى الشارع".
وقادت "حركة بركات" تحركات احتجاجية في مارس/آذار 2014، اعتراضاً على ترشح بوتفليقة، حينها، لولاية رئاسية رابعة في الانتخابات التي جرت في إبريل/نيسان من العام نفسه، بينما مارست السلطات خلال الاحتجاجات ردود فعل عنيفة ضد الناشطين.
تخوّف من عنف السلطة
وفي السياق، ذكر ناشط في حركة "مواطنة" المعارضة، لـ"العربي الجديد"، اليوم الإثنين، أنّ "الحركة والنشطاء يبحثون في الوقت الحالي أفضل الصيغ الاحتجاجية الممكنة"، متخوّفاً من أن يكون "رد فعل السلطة عنيفاً، ضد كل من يعبّر عن موقفه الرافض لترشح بوتفليقة".
وكان رئيس الحكومة الجزائرية أحمد أويحيى، قد توعّد، قبل أسبوعين، في مؤتمر صحافي، بأنّ "السلطة ستردّ بقوة على أي حراك في الشارع"، مشيراً إلى أن "السلطات العمومية أثبتت للجميع في محاولات سابقة قدرتها على التحكم في الشارع"، بحسب قوله، مضيفاً أنّه "سيكون فقط أمام المعارضين إمكانية استغلال القاعات المغلقة للتعبير عن موقفهم".
وكان أويحيى يشير إلى عمليات قمع عنيفة ضد تحركات واعتصامات شعبية نفّذتها حركة "مواطنة"، وهي تكتل سياسي يضم عدداً من الأحزاب السياسية الفتية والناشطين الحقوقيين والمدنيين.
وأقرّ بوتفليقة بوضعه الصحي، في رسالة الترشّح التي نشرها، أمس الأحد، وقال فيها إنّه لم تعد لديه القدرة البدنية التي كانت له في السنوات الأولى لحكمه.
وعقب إعلانه الترشح لولاية خامسة، نظمت في مدينة تيزي وزو بمنطقة القبائل، شرقي الجزائر، مساء الأحد، وقفة احتجاجية ضد قرار بوتفليقة.
كما نظم طلبة حي جامعي في منطقة باب الزوار التي تضم جامعة للعلوم والتكنولوجيا في الضاحية الشرقية للعاصمة الجزائرية، مسيرة ليلية داخل الحي، مساء الأحد، احتجاجاً على ترشح بوتفليقة لولاية خامسة، وردّد الطلبة المحتجون شعارات "لا توجد عهدة خامسة"، وشعارات أخرى.