ووجّه الرئيس بوتفليقة رسالة إلى الشعب الجزائري، أعلن فيها ترشحه لانتخابات الرئاسة، وتعهّد في حال تجديد انتخابه بالدعوة إلى مؤتمر وطني لإقرار تعديل جديد للدستور وصياغة أرضية توافق سياسي واقتصادي واجتماعي، في خطوة تستهدف الاستجابة لمطالب قوى سياسية معارضة، أبرزها حركة مجتمع السلم، والتي كانت قد دعت إلى عقد مؤتمر وفاق وطني.
ونشرت الرئاسة الجزائرية نصّ بيان مقتضب أعلنت فيه أن "بوتفليقة يعتزم في رسالته المبادرة، بدءاً من هذه السنة، وفي حالة انتخابه، بتنظيم ندوة وطنية شاملة تهدف إلى إعداد أرضية سياسية واقتصادية واجتماعية وإمكانية اقتراح إثراء الدستور".
وستنشر الرئاسة الجزائرية، مساء اليوم، النص الكامل لرسالة ترشح الرئيس بوتفليقة للشعب الجزائري على شريط وكالة الأنباء الرسمية.
وسبق لـ"العربي الجديد" أن نشر، في وقت سابق، تسريبات عن وجود نية للرئيس بوتفليقة لطرح مشروع تعديل دستوري جديد بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة، يتضمّن تعيين نائب لرئيس الجمهورية، وإعادة توزيع الصلاحيات بين السلطات المختلفة، وإمكانية منح الحزب الفائز بالانتخابات البرلمانية حق تشكيل الحكومة.
ويأتي ترشح الرئيس بوتفليقة بعد دعوة وجهتها إليه في الثاني من فبراير/ شباط الجاري أربعة أحزاب سياسية موالية، هي جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي والحركة الشعبية وتجمع أمل الجزائر، للترشح باسمها لانتخابات إبريل/ نيسان المقبل.
وأمس السبت، عقد الحزب الحاكم جبهة التحرير الوطني وتنظيمات مدنية موالية تجمّعاً شعبياً حاشداً في وسط العاصمة الجزائرية وصف بـ"الاستعراضي"، لدعوة بوتفليقة إلى الترشح لولاية رئاسية خامسة، إذ يدير الرئيس السلطة في الجزائر منذ فوزه بانتخابات إبريل/ نيسان 1999.
ولم يحدث ترشح الرئيس بوتفليقة مفاجأة سياسية محلياً، رغم وجود بعض التخمينات التي كانت تذهب باتجاه إمكانية أن يتخذ قراراً بالتنحي عن الحكم وإعلان عدم الترشح، خاصة على خلفية وضعه الصحي الصعب، إذ يُعاني من تداعيات وعكة صحية وجلطة دماغية ألمت به في إبريل/ نيسان 2013، استدعت نقله إلى مستشفى فال دوغراس بباريس حيث مكث 81 يوماً.
ويغيب الرئيس بوتفليقة عن المشهد الجزائري منذ فترة، إذ لا يشارك في الأنشطة الداخلية ولا المحافل الدولية، ونادراً ما يستقبل المسؤولين الأجانب الذين يزورون الجزائر، وكان آخرهم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في مايو/ أيار من السنة الماضية.
وكان آخر خطاب ألقاه بوتفليقة في الثامن من مايو/ أيار 2012 في مدينة سطيف شرقي الجزائر، كما كان آخر تنقل له إلى مدينة جزائرية خارج العاصمة في ديسمبر/ كانون الأول 2012، وبالضبط إلى مدينة تلمسان غربي الجزائر، عندما رافق الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند الذي كان في زيارة إلى البلاد.
وفي آخر ظهور له في ذكرى ثورة تحرير الجزائر في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، ظهر بوتفليقة في وضع صحي صعب، وبدا شارد الذهن، وربطت أرجله إلى الكرسي المتحرك الذي يتحرك عليه، وهو ما أثار عواطف متناقضة بين الاستياء والتعاطف لدى الجزائريين بشأن وضعه.
وسبق إعلان ترشح الرئيس بوتفليقة تشكيل هيئة إدارة حملته الانتخابية، والتي يقودها رئيس الحكومة الأسبق عبد المالك سلال، بمعية عدد من الوزراء السابقين، كوزير الصحة السابق عبد المالك بوضياف، ووزير التجارة السابق عمارة بن يونس، والوزير المكلف بالشباب بلقاسم ملاح، ووزير التعليم العالي السابق رشيد حراوبية.
ومن شأن إعلان الرئيس بوتفليقة الترشح لولاية خامسة أن يدفع عدة أطراف سياسية إلى مراجعة موقفها من مسألة المشاركة في الانتخابات المقبلة، خاصة بالنسبة إلى الأحزاب والشخصيات التي تعتبر أن ترشحه يغلق اللعبة الانتخابية لصالحه، ويمنع حدوث انتخابات نزيهة بسبب عدم حياد الإدارة التي تنظم الانتخابات.
وبين هذه الشخصيات المرشحة لمراجعة موقفها من المشاركة رئيسة حزب العمال لويزة حنون، ورئيس الحكومة الأسبق رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس، واللذان قرّرا جمع التوقيعات وتأخير القرار النهائي للمشاركة في انتخابات الرئاسة من عدمها حتى نهاية الشهر الجاري، إلى غاية اتضاح موقف بوتفليقة.
ومن المقرر أن يقوم الرئيس الجزائري، في 18 فبراير/ شباط الجاري، بمناسبة يوم الشهيد، بتدشين مطار الجزائر الدولي الجديد ومسجد الجزائر الأعظم في العاصمة الجزائرية كمنطلق لحملته الانتخابية.