الاحتلال يمهّد لبناء حي استيطاني في الخليل بتهديد بلديتها

08 ديسمبر 2019
يعتزم الاحتلال إزالة مباني السوق كلياً (حازم بدر/فرانس برس)
+ الخط -
ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن الاحتلال الإسرائيلي، هدّد بلدية الخليل بإلغاء حقوقها كمستأجر محمي في سوق الحسبة، المغلق منذ العام 1994، إذا لم تبدِ موافقة لطلبه إزالة المتاجر القديمة في منطقة السوق. وجاء ذلك بعد أن أصدر وزير الأمن الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينت، الأسبوع الماضي أمراً لما يُسمّى بالإدارة المدنية للبدء بتخطيط حي استيطاني جديد في المدينة.

ووفقاً لما نشرته الصحف الإسرائيلية الأسبوع الماضي وأعلنه الوزير الإسرائيلي، يعتزم الاحتلال إزالة مباني السوق كلياً، لإقامة مبانٍ جديدة، يُمنح الطابق الأرضي منها لبلدية الخليل كمستأجر محمي، بينما تُستغلّ الطوابق الإضافية لإقامة 70 وحدة استيطانية جديدة. وترمي الخطة الإسرائيلية الجديدة إلى مضاعفة عدد المستوطنين في الخليل.
وبحسب صحيفة "هآرتس"، فقد طالبت الإدارة المدنية (الذراع التنفيذي للاحتلال)، عبر رسالة وجهتها الأحد الماضي، وفق أمر من وزير أمن الاحتلال، بلدية الخليل بالقبول بالمخطط الإسرائيلي وعدم الاعتراض عليه، وأنه في حال لم تردّ البلدية خلال 30 يوماً، ستشرع دولة الاحتلال بإجراءات قانونية لإلغاء مكانة بلدية الخليل كمستأجر محمي في مباني السوق.

وطالبت الإدارة، البلدية بتدمير المباني في السوق تمهيداً للشروع في بناء الحي الاستيطاني الذي سيشمل في المرحلة الأولى تدشين 70 وحدة سكنية، مدعية أن "القانون" يمنح جيش الاحتلال الحق في إجبار البلدية على إخلاء  المكان.
وادعى المسؤول عن ما يسمى "الأملاك المتروكة" في الإدارة المدنية لدولة الاحتلال، أن للأخيرة حقاً بإجبار البلدية على إخلاء مباني السوق، وإلغاء مكانة مستأجر محمي، لأنها باتت تملك موقعاً بديلاً لسوق الحسبة، وأن حكومة الاحتلال مستعدة، بموازاة موافقة البلدية على المخطط، لأن تحفظ لبلدية الخليل حقوقها في الطابق الأرضي بعد إعادة البناء.
واستذكرت الصحيفة أن حكومة الاحتلال، ومنذ مجرزة الإرهابي، باروخ غولدشتاين عام 1994، أعلنت منطقة سوق الحسبة منطقة عسكرية مغلقة، وتمّ إخلاء السوق من المحال التجارية فيه. ويتمّ تمديد أمر الإغلاق المرة تلو الأخرى.
ووفقاً للقانون الإسرائيلي، فإن دولة الاحتلال بحاجة إلى موافقة بلدية الخليل لتنفيذ المخطط، خصوصاً أن "وضعية مستأجر محمي" تسري على كامل قطعة الأرض، وليس فقط على المبنى، وأن إلغاء الوضعية الخاصة لبلدية الخليل يستوجب إصدار أمر قضائي.



ونقلت الصحيفة عن "مصادر أمنية" قولها إن حكومة الاحتلال كانت مستعدة للمحافظة على حقوق استخدام مباني السوق للتجار الفلسطينيين في الطابق الأرضي، على الرغم من أن الأرض كانت بملكية يهودية (قبل النكبة). وأضافت هذه المصادر أنه في حال أصرت بلدية الخليل على موقفها، فإن حكومة الاحتلال "ستستنفذ الإجراءات القضائية لضمان الحقوق الإسرائيلية في المكان كاملة".

لكنّ الصحيفة تنقل عن المحامي سامر شحادة، الذي يمثل بلدية الخليل أنه، حتى وفق القانون المعمول به في الضفة الغربية، ليس من حق جيش الاحتلال إجبار البلدية على تدمير السوق البلدي في المكان.
وكان بينت قد أمر بتدشين الحي الجديد الذي سيدشَّن في المدينة التي تضم أكثر من 140 ألف فلسطيني، في إطار محاولاته لتعزيز مكانته ومكانة حزبه "يمينا" عشية الانتخابات، التي من المتوقع أن يتم تحديد موعد إجرائها الخميس المقبل.



ونقلت "هارتس" عن حركة "السلام الآن" الإسرائيلية قولها إن بينت يستغلّ موقعه كوزير حرب في حكومة موقتة، بهدف تكريس وقائع على الأرض، مشيرة إلى أن هذا الإجراء يدلّ على أن الوزير الإسرائيلي مستعدّ "للدوس على كل الاعتبارات الأخلاقية، فقط من أجل استرضاء أقلية متطرفة، كلّ ما يعنيها تكريس السيطرة على الأرض على قاعدة الفصل العنصري، السائد في مدينة الخليل، وهذا يجسد مثالاً حياً يكشف سمة الطابع المفسد للاحتلال"، على حدّ تعبيرها.

من ناحيتها، قالت عميرة هاس معلقة الشؤون الفلسطينية في "هارتس"، إن تدشين الحي الاستيطاني الجديد في الخليل يمثّل مقدمة لطفرة غير مسبوقة في الأنشطة الاستيطانية داخل المدينة.
وفي تعليق نشرته الصحيفة، أشارت هاس إلى أن خارطة نشرها قادة المستوطنين اليهود في الخليل دلّت على أن لديهم مخططات كبيرة للتوسع داخل المدينة، مشيرة إلى أن الخارطة تشير إلى أن المستوطنين يخططون لبناء ثلاثة أحياء استيطانية جديدة، أحدها في المنطقة التي تحوز فيها السلطة الفلسطينية على الصلاحيات المدنية والأمنية.
وأشارت هاس إلى أن كلاً من الجيش والمستوطنين أثبت قدرة "فائقة" على تفريغ مركز مدينة الخليل من المواطنين الفلسطينيين، عبر إصدار قرارات عسكرية من قيادة الجيش، حيث إنه يحظر على الفلسطينيين استخدام سياراتهم في الشوارع القريبة من الجيوب الاستيطانية في قلب المدينة.



ولفتت إلى أنه يحظر على الفلسطينيين مجرد المرور في بعض الشوارع داخل المدينة، سيما شارع "الشهداء"، الذي لا يمكن للفلسطينيين أن يسيروا فيه على أقدامهم. وأشارت إلى أن القيود التي فرضتها إسرائيل على حرية الحركة للفلسطينيين في الخليل أدت إلى نزوح الكثير منهم من قلب المدينة إلى الأطراف، مشيرة إلى أن هناك 3400 شقة سكنية غير مأهولة حالياً، بعد أن غادرها ملاكها، إلى جانب أن 1500 منشأة تجارية وصناعية فلسطينية قد أغلقت في المنطقة بسبب قيود جيش الاحتلال وممارسات المستوطنين الاستفزازية.

تحذير من كارثة خطيرة
إلى ذلك، حذّر رئيس لجنة إعمار الخليل جنوب الضفة الغربية، عماد حمدان، في حديث لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية اليوم الأحد، من كارثة إنسانية واجتماعية خطيرة، إذا ما شرعت سلطات الاحتلال بتنفيذ مشروعها الاستيطاني بإقامة بؤرة استيطانية جديدة على أرض الحسبة بقلب مدينة الخليل، فيما من المفترض أن يعمّ الإضراب الشامل يوم غد الاثنين محافظة الخليل، احتجاجاً ورفضاً لتهويد المدينة.

وأشار حمدان إلى أن هذا المشروع الاستيطاني سيكون بمثابة أكبر مستوطنة في قلب مدينة الخليل على مساحة 5 دونمات، مؤكداً أهمية الحراك الشعبي والقانوني للتصدي لهذا المشروع ومنع إقامته على أرض الخليل.

من جانب آخر، قال رئيس وحدة العلاقات الدولية بهيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية يونس عرار، إن الخليل ستشهد غداً الاثنين، إضراباً شاملاً احتجاجاً على الهجمة الاستيطانية المتجددة التي تستهدف البلدة القديمة منها، وإن إقليم فتح في الخليل بدأ بتنظيم زيارات للبلدة القديمة من الخليل والاستمرار بتأدية صلاة الفجر في الحرم الإبراهيمي.