لم تكن ليلة أمس، الجمعة، في بغداد، ليلة عادية، خصوصاً على المحتجين في ساحة الخلاني، ثاني ساحات التظاهر بالعاصمة، الذين واجهوا أوقاتاً غير مسبوقة بعد هجوم لمليشيات مسلّحة أسفر عن مقتل نحو 20 متظاهراً وإصابة أكثر من 100 آخرين.
وبدأت القصة عند الساعة التاسعة والنصف بتوقيت بغداد، بظهور سيارات عدة من نوع "نيسان"، مع حافلة تقل عشرات المسلحين، ومن دون سابق إنذار، باشر المسلحون بزي مدني بتفريق المتظاهرين بالرصاص الحي، فمنهم من أطلق النار فوق رؤوس المحتجين، ومنهم من استهدف أجسادهم وأرداهم قتلى، بحسب الناشط والمتظاهر أكرم علي، الذي عاش دقائق ما وصفها بـ"مجزرة السنك والخلاني"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "المحتجين لا يعرفون حتى الآن مصادر السيارات، وكيف تمكنت من اختراق كل الحواجز الأمنية في بغداد، ومن ثم الوصول إلى ساحة الخلاني من جهة سوق الغزل والطريق المؤدية إلى الشورجة".
وأضاف أن "المسلحين تركوا سياراتهم عند ساحة الخلاني، بعدما سيطروا على أجزاء منها، وتوجهوا سيراً إلى ساحة التحرير في سبيل إنهاء الاحتجاجات، إلا أن المتظاهرين ظلّوا يناورون المسلّحين المثلمين، حتى سقط نحو 20 قتيلاً منهم في سبيل منع المليشيا القاتلة من الوصول إلى التحرير. وخلال وقت إشغال المليشيات التي هاجمت المتظاهرين، تمكن عدد من حماة المتظاهرين الذين يتبعون لـ"التيار الصدري"، من اعتقال أحد المسلحين، وقد تبيَّن أنه ينتمي إلى مليشيا "كتائب حزب الله"، مشيراً إلى أن "قوات الجيش والشرطة انسحبت قبل لحظات من اقتحام المسلحين، وهو ما أفزع المحتجين وأرهقهم في ما بعد، ولكن بعد مرور أكثر من ساعتين، وصلت قطعات عسكرية من الجيش العراقي إلى ساحة الخلاني، وهرب المسلحون بسلاسة ومن دون أي تخوف، وقد وثقت كاميرات المسلحين الفيلم الكامل لما جرى".
جاء ذلك، بعد يومٍ واحد من تدفق المئات من أنصار "الحشد الشعبي" إلى ساحة التحرير، عاصمة الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من شهرين في بغداد، رافعين شعارات مؤيدة للمرجع الديني في النجف علي السيستاني، وأخرى منددة بـ"مندسين"، رافقتها تغطية إعلامية من قنوات ما تُعرف بفصائل المقاومة، وهي المليشيات الموالية لإيران، حيث انطلقوا من منطقة شارع فلسطين، وتحديداً عند مقر فصيل "كتائب حزب الله" أو مبنى "حسينية الرسول"، وصولاً إلى ساحة التحرير، وقد أمضوا قرابة الساعتين ثم تبخروا.
اقــرأ أيضاً
وقال مسؤول في قيادة عمليات بغداد، طلب عدم ذكر اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن المعلومات الحالية تؤكد وقوف "كتائب حزب الله"، بشكل أساسي وراء الهجوم، مضيفاً أن المهاجمين اجتازوا حواجز الجيش والشرطة بهويات "الحشد الشعبي"، حتى وصولهم إلى مكان تجمع المتظاهرين.
من جانبه، أشار متظاهر كان في قلب ساحة الخلاني، خلال ساعات اجتياحها من قبل المسلحين، إلى أن "المسلحين لم يكونوا جماعة خارجة عن القانون، إنما فصيل مسلح تابع لـ(الحشد الشعبي)، وقد لاحظنا أن انسحاب القوات العراقية أعقبه دخول المسلحين بفارق زمني أقلّ من دقيقة"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الملثمين، سواء كانوا من جهاز الأمن الوطني، أو مليشيا منفلتة، أو من فصيل يتبع للحشد الشعبي، أو ربما عصابة إيرانية داعمة للحكومة، فإن هدفها لم يكن قتل أكبر عدد من المحتجين، بل على العكس، فقد استمرت العصابة بالتقدم باتجاه ساحة التحرير وكان بإمكانها قتل المئات، لكن الهدف الأساسي الذي جاءت من أجله هو رسائل متعددة إلى أطراف عدة وكلّها تخويف".
إلى ذلك، قالت المسعفة في ساحة التحرير ببغداد ميراث الأحمد، لـ"العربي الجديد"، إن "المحتجين في الخلاني يشعرون بالخذلان لما تعرضوا له من انسحاب للقوات العراقية، في وقتٍ كان من المفترض أن تتواجد فيه من أجل منع أي اعتداء على المتظاهرين السلميين"، موضحة أن "المسلحين استهدفوا عبر قنابل المولوتوف أكثر من خمس خيم في ساحة الخلاني كانت خاصة بإسعاف المتظاهرين".
اقــرأ أيضاً
وتواصل "العربي الجديد" مع قيادي بمليشيا "كتائب حزب الله"، إلا أنه رفض التعليق على الحادثة واتهام جماعته بالهجوم على المتظاهرين، قائلاً إن "هذا الكلام غير مقبول ونحن لا نتحدث عن أكاذيب تنشرها صفحات في فيسبوك"، مؤكداً أن "كتائب حزب الله وكل فصائل المقاومة تدعم التظاهرات السلمية، ونحن ندفع أولادنا للمشاركة فيها من أجل نيل الحقوق ومحاسبة الفاسدين. دورنا يقتصر على المعارك مع الإرهاب وليس قتل العراقيين وترويعهم".
وقالت وزارة الداخلية العراقية، بعد ساعات من الواقعة الدامية، إنها قررت تشكيل لجنة تحقيق في الهجوم الذي استهدف المتظاهرين وسط العاصمة بغداد، وخلّف عدداً من القتلى وعشرات الجرحى.
وقال المتحدث باسم الوزارة العميد خالد المحنا، في بيان له، إن "القوات الأمنية فتحت تحقيقاً في حادثة إطلاق النار التي حصلت في محيط منطقة السنك ببغداد مساء اليوم (أمس)".
وعلى الرغم من مرور ساعات عدة على المجزرة، قالت الوزارة إن القوات الأمنية شرعت بتطويق المكان بحثاً عن العناصر التي أقدمت على هذا العمل، وكثفت من وجودها في المناطق القريبة من مكان الحادث.
اقــرأ أيضاً
في المقابل، حذر زعيم "ائتلاف الوطنية" إياد علاوي، من استمرار الانتهاكات والاعتداءات على المتظاهرين، مطالباً "الحكومة المستقيلة" والمسؤولين الأمنيين باتخاذ موقف حازمٍ وحاسم تجاه تلك العصابات، قائلاً في بيان له، إن "المجازر التي ترتكب بحق المتظاهرين السلميين لن تعفي المسؤولين الأمنيين من المساءلة ولن تسقط بالتقادم".
وبيّن علاوي أن "الحراك السلمي الذي يشهده العراق أضحى تهديداً حقيقياً لمغانم ومكاسب الجهات المستفيدة".
من جهته، أعلن رئيس كتلة "النصر" البرلمانية بزعامة حيدر العبادي، النائب عدنان الزرفي، أن حادثة الخلاني هي تطبيق لتهديدات ما بعد الاستقالة، التي لوّح بها رئيس الحكومة، في إشارة إلى عادل عبد المهدي، مؤكداً أن تجريد قوات الأمن من سلاحها يعطي الضوء الأخضر لقتل المتظاهرين.
وبيّن أن ما حدث من مجزرة في بغداد "بحق الشعب الثائر هو تطبيق لتهديدات ما بعد الاستقالة التي لوح بها المستقيل يوماً ما ونفذها قبل استقالته". وأضاف أن "تجريد القوات الأمنية من سلاحها هو إعطاء الضوء الأخضر للخارجين عن القانون بقتل المتظاهرين العزل والذين لم يردعهم إلا أصحاب القبعات الزرقاء".
وأضاف أن "المسلحين تركوا سياراتهم عند ساحة الخلاني، بعدما سيطروا على أجزاء منها، وتوجهوا سيراً إلى ساحة التحرير في سبيل إنهاء الاحتجاجات، إلا أن المتظاهرين ظلّوا يناورون المسلّحين المثلمين، حتى سقط نحو 20 قتيلاً منهم في سبيل منع المليشيا القاتلة من الوصول إلى التحرير. وخلال وقت إشغال المليشيات التي هاجمت المتظاهرين، تمكن عدد من حماة المتظاهرين الذين يتبعون لـ"التيار الصدري"، من اعتقال أحد المسلحين، وقد تبيَّن أنه ينتمي إلى مليشيا "كتائب حزب الله"، مشيراً إلى أن "قوات الجيش والشرطة انسحبت قبل لحظات من اقتحام المسلحين، وهو ما أفزع المحتجين وأرهقهم في ما بعد، ولكن بعد مرور أكثر من ساعتين، وصلت قطعات عسكرية من الجيش العراقي إلى ساحة الخلاني، وهرب المسلحون بسلاسة ومن دون أي تخوف، وقد وثقت كاميرات المسلحين الفيلم الكامل لما جرى".
جاء ذلك، بعد يومٍ واحد من تدفق المئات من أنصار "الحشد الشعبي" إلى ساحة التحرير، عاصمة الاحتجاجات المستمرة منذ أكثر من شهرين في بغداد، رافعين شعارات مؤيدة للمرجع الديني في النجف علي السيستاني، وأخرى منددة بـ"مندسين"، رافقتها تغطية إعلامية من قنوات ما تُعرف بفصائل المقاومة، وهي المليشيات الموالية لإيران، حيث انطلقوا من منطقة شارع فلسطين، وتحديداً عند مقر فصيل "كتائب حزب الله" أو مبنى "حسينية الرسول"، وصولاً إلى ساحة التحرير، وقد أمضوا قرابة الساعتين ثم تبخروا.
من جانبه، أشار متظاهر كان في قلب ساحة الخلاني، خلال ساعات اجتياحها من قبل المسلحين، إلى أن "المسلحين لم يكونوا جماعة خارجة عن القانون، إنما فصيل مسلح تابع لـ(الحشد الشعبي)، وقد لاحظنا أن انسحاب القوات العراقية أعقبه دخول المسلحين بفارق زمني أقلّ من دقيقة"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الملثمين، سواء كانوا من جهاز الأمن الوطني، أو مليشيا منفلتة، أو من فصيل يتبع للحشد الشعبي، أو ربما عصابة إيرانية داعمة للحكومة، فإن هدفها لم يكن قتل أكبر عدد من المحتجين، بل على العكس، فقد استمرت العصابة بالتقدم باتجاه ساحة التحرير وكان بإمكانها قتل المئات، لكن الهدف الأساسي الذي جاءت من أجله هو رسائل متعددة إلى أطراف عدة وكلّها تخويف".
إلى ذلك، قالت المسعفة في ساحة التحرير ببغداد ميراث الأحمد، لـ"العربي الجديد"، إن "المحتجين في الخلاني يشعرون بالخذلان لما تعرضوا له من انسحاب للقوات العراقية، في وقتٍ كان من المفترض أن تتواجد فيه من أجل منع أي اعتداء على المتظاهرين السلميين"، موضحة أن "المسلحين استهدفوا عبر قنابل المولوتوف أكثر من خمس خيم في ساحة الخلاني كانت خاصة بإسعاف المتظاهرين".
وقالت وزارة الداخلية العراقية، بعد ساعات من الواقعة الدامية، إنها قررت تشكيل لجنة تحقيق في الهجوم الذي استهدف المتظاهرين وسط العاصمة بغداد، وخلّف عدداً من القتلى وعشرات الجرحى.
وقال المتحدث باسم الوزارة العميد خالد المحنا، في بيان له، إن "القوات الأمنية فتحت تحقيقاً في حادثة إطلاق النار التي حصلت في محيط منطقة السنك ببغداد مساء اليوم (أمس)".
وعلى الرغم من مرور ساعات عدة على المجزرة، قالت الوزارة إن القوات الأمنية شرعت بتطويق المكان بحثاً عن العناصر التي أقدمت على هذا العمل، وكثفت من وجودها في المناطق القريبة من مكان الحادث.
وبيّن علاوي أن "الحراك السلمي الذي يشهده العراق أضحى تهديداً حقيقياً لمغانم ومكاسب الجهات المستفيدة".
من جهته، أعلن رئيس كتلة "النصر" البرلمانية بزعامة حيدر العبادي، النائب عدنان الزرفي، أن حادثة الخلاني هي تطبيق لتهديدات ما بعد الاستقالة، التي لوّح بها رئيس الحكومة، في إشارة إلى عادل عبد المهدي، مؤكداً أن تجريد قوات الأمن من سلاحها يعطي الضوء الأخضر لقتل المتظاهرين.
وبيّن أن ما حدث من مجزرة في بغداد "بحق الشعب الثائر هو تطبيق لتهديدات ما بعد الاستقالة التي لوح بها المستقيل يوماً ما ونفذها قبل استقالته". وأضاف أن "تجريد القوات الأمنية من سلاحها هو إعطاء الضوء الأخضر للخارجين عن القانون بقتل المتظاهرين العزل والذين لم يردعهم إلا أصحاب القبعات الزرقاء".