بعد مغادرته العاصمة بغداد نهاية الأسبوع الماضي عقب رسالة وجهها إلى البرلمان عرض فيها استعداده للاستقالة، ورفضه في الوقت ذاته مرشح "تحالف البناء"، المدعوم من إيران، أسعد العيداني، لتكليفه برئاسة الحكومة الجديدة، عاد الرئيس العراقي برهم صالح إلى بغداد وفقاً لبيان صدر عن مكتبه اليوم الأحد، وذلك بالتزامن مع تقديم تحالف "البناء" المدعوم من إيران، شكوى قضائية ضده بالمحكمة الاتحادية، اتهمه فيها بخرق الدستور، في تنفيذ لتهديده، وسط تكهنات وجدل حول إمكانية المحكمة قبول الشكوى أو ردّها.
وقال بيان لمكتب صالح، إن الأخير التقى في قصر السلام في بغداد السفير الياباني لدى العراق ناوفومي هاشيموتو، مؤكداً أنه "بحث مع السفير أهمية العلاقات بين العراق واليابان، وسبل الارتقاء بها في المجالات كافة، فضلاً عن الاستفادة من الخبرات اليابانية في عملية إعادة الإعمار"، مبيناً أن "الطرفين أكدا ضرورة دعم استقرار العراق وتجاوز التحديات الحالية باحترام إرادة الشعب العراقي في الإصلاح، ورفض أي تدخل خارجي في السياسة الداخلية".
يأتي ذلك بالتزامن مع تقديم "تحالف البناء"، شكوى بالمحكمة الاتحادية ضد الرئيس العراقي بتهمة خرق الدستور.
ودعت الشكوى التي جاءت من قبل القيادي في كتلة "صادقون"، الجناح السياسي لمليشيا "العصائب"، ضمن "تحالف البناء"، النائب عدي عواد، المحكمة الاتحادية إلى "سحب يد الرئيس، وإصدار أمر ولائي بتكليف رئيس البرلمان محمد الحلبوسي بمهامه، ليكلّف بدوره رئيساً جديداً للحكومة".
ووفقاً لوثائق مسربة، فإن عواد اتّهم الرئيس بـ"مخالفة المدة الدستورية المحدّدة لتكليف رئيس جديد للحكومة، عقب استقالة عادل عبد المهدي، ومخالفة نص الدستور بمادته 76/ أولاً، وحرمانه الكتلة الكبرى (البناء) من تسمية مرشحها للمنصب"، فضلاً عن تهمة مخالفة الدستور أيضاً، من خلال عدم قيامه (الرئيس) بواجبه وتكليف أي شخصية وطنية للمنصب، بشكل متعمّد، وبذرائع غير قانونية".
ويرى مراقبون أن "تحالف البناء"، الذي يتبّع كلّ الطرق للحصول على رئاسة الحكومة، سيعاود ضغوطه على الرئيس من جهات عدّة، للابتزاز.
وقال الخبير السياسي، معد السعدون، لـ"العربي الجديد"، إن القوى السياسية المقربة من إيران باتت تتحرك على محاور سياسية وقضائية عدة، وعبر تهديدات أخرى، للضغط على الرئيس، إذ إنه بالتزامن مع تهديد زعيم مليشيا "العصائب"، قيس الخزعلي بإقالة صالح، ومع حراك رفع دعوى قضائية ضده، بدأ التحالف حراكاً داخلياً لاختيار مرشحين جدداً"، مبيناً أن "عودة صالح ستفتح الباب أمام ضغوط أقوى من الضغوط السابقة التي واجهها".
وأشار الى أن "موقف الرئيس سيكون صعباً بين تلك الضغوط والتهديدات من جهة "تحالف البناء" وميلشياته، ومن جهة الشارع العراقي الذي لا يريد صالح أن يخسره أيضاً".
وفي ظل تلك الأجواء السياسية المتشنجة، يدرس التحالف أسماء جديدة عدّة لترشيحها للمنصب، مصرَّاً على أن يخرج رئيس الحكومة الجديد من داخل تحالفه، فيما تحدث مسؤول عراقي، في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، عن سحب التحالف اسم مرشحه الثالث لرئاسة الحكومة أسعد العيداني، وعرضه أسماء جديدة يجري التفاهم حولها، أبرزها الفريق أول ركن المتقاعد عبد الغني الأسدي، الذي كان له دور لافت في معارك تحرير مدن شمال وغرب العراق من سيطرة تنظيم "داعش"، مشيراً إلى أن من بين الأسماء الأخرى قاضياً من ديالى (لم يكشف عن هويته)، إضافة إلى وزير الصحة الأسبق صالح الحسناوي، ورئيس جامعة بغداد الحالي عماد الحسيني.
وكان المتظاهرون قد شكروا الرئيس العراقي على رفضه الاستجابة للضغوط التي تمارَس عليه من أجل تمرير مرشحي "تحالف البناء"، مطالبين إياه بالثبات على موقفه.
ويشهد الشارع العراقي تصعيداً بالتظاهرات الرافضة لأي مرشح حزبي، ويعبّر المتظاهرون عن غضبهم إزاء ذلك بقطع الطرق والجسور وإحراق الإطارات فيها، فيما يستمرّ الإضراب عن الدوام في غالبية المدارس والجامعات، وعدد من دوائر الدولة في المحافظات المنتفضة.