حذرت الرئاسة الفلسطينية اليوم السبت، من خطورة التوجهات الإسرائيلية التوسعية لتمكين المستوطنين من تسجيل الأراضي الفلسطينية في المناطق المصنفة "ج" في سجل الأراضي بوزارة "القضاء" الإسرائيلية، حيث أوعز وزير أمن الاحتلال الإسرائيلي نفتالي بينيت، للمسؤولين في وزارة العمل تغيير النظام القانوني القائم، معتبرة أن هذا التوجه هو بمثابة تحدٍ لقرار المحكمة الجنائية الدولية.
وأعربت الرئاسة الفلسطينية في بيان لها، عن رفضها المطلق وإدانتها لمثل هذه التوصيات، معتبرة أن ذلك "يشكل محاولة لضم أجزاء كبيرة من أراضي الفلسطينيين في المناطق المذكورة، الأمر الذي يعتبر مخالفا لقرار مجلس الأمن "2334"، الذي يعتبر الاستيطان كله غير شرعي في الأراضي الفلسطينية كافة".
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية أن هذا القرار الإسرائيلي "يستغل معاداة الإدارة الأميركية لطموحات وآمال الشعب الفلسطيني بمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية".
وأشارت الرئاسة الفلسطينية إلى أن "هذه فرصة جديدة لجميع دول العالم لترفض وتدين مرة أخرى كل ما يخالف القانون الدولي، خاصة المستوطنات وسياسة الضم التي يجري الحديث عنها، سواء من قبل إسرائيل أو من خلال صفقة القرن المرفوضة، والتي لن يسمح الشعب الفلسطيني بمرورها".
واعتبرت الرئاسة الفلسطينية أن هذا التوجه "هو بمثابة تحدٍ لقرار المحكمة الجنائية الدولية التي شرعت باتخاذ خطوات للتحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية"، واعتبرت أن الخطوات الإسرائيلية هذه "تشكل انتهاكاً لكافة الاتفاقيات الموقعة"، مجددة رفضها لأن تكون الأرض الفلسطينية وقودا للدعاية الانتخابية الإسرائيلية.
من جانبه، أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات في تصريحات لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، أن تصريحات بينيت تؤكد المنهجية الصحيحة التي اتخذتها المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل، معتبرا أن ما تحدث به بينيت هو بداية الضم لهذه الأراضي المحتلة التي لا يحق لما يسمى الإدارة المدنية أو وزارة القضاء الإسرائيلية التصرف بها.
وقال عريقات: "إن المحكمة الجنائية الدولية اعتمدت على وجود أدلة كبيرة لارتكاب جرائم حرب في الأرض الفلسطينية للشروع بإجراء تحقيق"، معربا عن أمله في أن تأخذ المحكمة إجراء فيما يخص تصريحات بينيت، مبينا أن هذا الملف سيكون أمام الدائرة التنفيذية للمحكمة يوم الإثنين المقبل.
ورحب عريقات بقرار تشكيل لجنة من اتحاد المحامين العرب لمساعدة الدبلوماسية الفلسطينية في فتح تحقيق رسمي ضد جرائم الاحتلال، وأن اللجنة الوطنية للمتابعة مع الجنائية الدولية ستجتمع مطلع الشهر المقبل، ولن تترك أي جهد في هذا الملف، مؤكدا أن بينيت ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو سيدفعان ثمن تماديهما.
أما رئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" وليد عساف فأكد في تصريحات لإذاعة صوت فلسطين الرسمية، أن تصريحات بينيت حال تم تنفيذها فهو ضم فعلي للأراضي الفلسطينية ومخالفة صريحة لكل الاتفاقيات الدولية.
وقال عساف: "إن ما يجري الآن هو محاولة لتسريع إجراءات نقل الأراضي وتسجيلها لصالح المستوطنين والانتقال من تطبيق القانون الأردني على الأراضي الفلسطينية إلى القانون الإسرائيلي، وبالتالي تسجيل الأراضي التي أقيمت عليها المستوطنات في وزارة القضاء الإسرائيلية".
وبين عساف أن اجتماعا سيعقد يوم الاثنين المقبل، يضم عشر وزارات ومؤسسات لبحث خطورة وأبعاد هذه الخطوات ورفع توصيات إلى القيادة السياسية لدراسة طبيعة التحرك المقبل لمواجهة هذه الخطوة.
وحذر عساف من أن استمرار الصمت الدولي على هذه الجرائم سيقود إلى ضم إسرائيل لكل أراضي الضفة الغربية والقضاء على حل الدولتين.
قرار "مستفز" و"سرقة متعمدة"
من جانبها، وصفت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي، في بيان لها، قرار بينيت، بـ"الخطير والمستفز، ويعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي وسرقة متعمدة للأراضي الفلسطينية، ويهدف إلى ضم أراضي الضفة الغربية وفرض القانون الإسرائيلي عليها، وذلك في سياق سياسة التطهير العرقي والتهجير القسري الذي تنتهجه دولة الاحتلال، كما أنه يأتي في إطار تعزيز وجود المستوطنين وإطلاق يدهم لاستباحة حقوق الشعب الفلسطيني بدعم وغطاء قانوني وسياسي وعسكري، وفرض "إسرائيل الكبرى" على فلسطين التاريخية".
ولفتت عشراوي إلى أن هذا القرار "فيه تحد مقصود للمنظومة الأممية واحتقار للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، وردا على إعلان المدعية العامة لمحكمة الجنايات الدولية الأخير، كما أنه يستند إلى سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المشاركة والداعمة للاحتلال الاستيطاني الاستعماري".
وأكدت عشراوي أن "هذه الأجندة الاستعمارية والعنصرية يجب أن يقابلها تحرك عاجل من المنظومة الدولية برمتها عبر اتخاذ جملة من الخطوات العاجلة والفاعلة وذات التأثير على الأرض، بما في ذلك محاسبة إسرائيل على جرائمها وإلزامها بالقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ومواجهة منظومة الاحتلال سياسيا وقانونيا واقتصاديا".
أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، فأكد في بيان له، أن قرار بينيت "يعبر عن العقلية الاستعمارية، ويأتي استكمالا لخطة نتنياهو بضم الأغوار، وأجزاء من الضفة الغربية للاحتلال، وبدعم وشراكة من إدارة ترامب".
وشدد مجدلاني على أن كافة تصنيفات الأراضي الفلسطينية "باتت غير واقعية، وهي نتاج الاتفاقيات التي دمرتها حكومة الاحتلال عبر الانتهاكات المتواصلة، وأن الأراضي المصنفة "ج" هي أراضٍ تابعة للدولة الفلسطينية، وهذا القرار يهدف إلى الاستيلاء على الأراضي، لعدم قيام دولة فلسطينية قابلة للحياة".
ومضى قائلاً "على المجتمع الدولي التوقف بحزم أمام هذا القرار العنصري"، مطالبا المنظومة الدولية بمحاسبة الاحتلال والتوقف عن معاملته كدولة فوق القانون، وتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار "2334".