يناقش مجلس النواب المصري في جلسته العامة، غداً الأحد، تقرير اللجنة البرلمانية المشتركة من لجنة الإدارة المحلية، ومكتبي لجنتي الشؤون التشريعية والخطة والموازنة، بشأن مشروع القانون المقدم من الحكومة بإصدار قانون نظام الإدارة المحلية، والمشاريع المقدمة من النائب محمد عطية الفيومي، و63 آخرين، والنائبين أحمد السجيني ومحمد فؤاد، و85 آخرين، والنائب عبد الحميد كمال، و59 آخرين، في ذات الموضوع.
وتهدف مشاريع القوانين إلى تنظيم أشكال الوحدات الإدارية، والقواعد الخاضعة لها، وتشكيلها، وآلية عملها، وعلاقة كل منها بما يعلوها أو يدنوها بالتدرج الإداري، بما يتفق مع نص المادة 175 من الدستور، التي تقضي بتقسيم الدولة إلى وحدات إدارية تتمتع بالشخصية الاعتبارية، منها المحافظات، والمدن، والقرى، وإنشاء وحدات إدارية أخرى ذات شخصية اعتبارية "إذا ما اقتضت المصلحة العامة".
ويراعى عند إنشاء الوحدات المحلية أو إلغائها أو تعديل الحدود بينها، الظروف الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. وتُحدد تلك المشاريع قواعد انتخاب المجالس المحلية، وتعريفات الفئات المنصوص عليها في الدستور، والمُحدد لها حصص معينة، من خلال تنظيم آلية الانتخاب بواقع ربع عدد المقاعد للنظام الفردي، وثلاثة أرباع المقاعد لنظام القوائم المغلقة المطلقة لضمان سيطرة النظام الحاكم عليها.
وظل مشروع القانون المعني بإجراء انتخابات المحليات (البلديات) في مصر، حبيس أدراج البرلمان منذ نحو ثلاث سنوات، مع وعود زائفة ومتكررة بالتصويت على إقراره، سواء من الرئيس عبد الفتاح السيسي، أو رئيس مجلس النواب علي عبد العال، في ضوء صعوبة إحكام قبضة النظام على الانتخابات المحلية، وضمان ولاء جميع المرشحين فيها، الذين يُقدرون بعشرات الآلاف في جميع المحافظات.
وعقدت لجنة الإدارة المحلية في البرلمان جلسات استماع "صورية" لمناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة، بحضور ممثلين عن الأحزاب، والنقابات، والمجالس المتخصصة، وأساتذة الجامعات، وهي الجلسات التي قاطعها العديد من أعضاء اللجنة نتيجة رفض اللجنة مناقشة 4 مشاريع قوانين أخرى مقدمة من النواب.
ويقضي مشروع الحكومة باستمرار نظام تعيين المحافظين، الذي أثبت فشله الذريع منذ تطبيقه في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، باعتبار أن التعيين يجعل ولاء المحافظ لرئيس الجمهورية، وليس للشعب في حالة انتخابه، وكذلك بعدم منح المحافظين صلاحيات حقيقية، أو استقلال مالي وإداري، مع تقييد حق المجالس المحلية المنتخبة في سحب الثقة منهم، من خلال تشكيل مجلس تنفيذي للمحافظين، بلا رقابة شعبية على قراراته.
ويبدو أن الدائرة الاستخباراتية المحسوبة على السيسي، التي يديرها اللواء عباس كامل، ونجله الضابط محمود السيسي، ارتأت ضرورة إحداث تطور لافت في ملف الانتخابات المحلية في عام 2020، بهدف ملء الفراغ السياسي المُسيطر على المشهد المصري، وافتعال حالة من الحراك في إطار الترويج لفكرة اتخاذ النظام خطوات انفتاح في المجال العام.
وأعدت الحكومة مشروع القانون في عهد وزير التنمية المحلية السابق أحمد زكي بدر، وساهمت فيه العديد من الجهات، عندما كان من المتصور أن تُجرى انتخابات المحليات خلال عام 2017، قبل أن تجمد نتيجة مخاوف نظام السيسي من سيطرة فلول الحزب الوطني "المنحل"، ورموز عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك على المجالس المحلية، استغلالاً لشبكة العلاقات القوية التي يمتلكونها في الأقاليم.
وأُجريت آخر انتخابات بلدية في مصر في عام 2008، وهيمن عليها الحزب الحاكم إبان حكم مبارك، إلا أن المجلس العسكري الحاكم في أعقاب ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011، أصدر مرسوماً بتشكيل مجالس محلية مؤقتة إلى حين إصدار قانون المحليات، لكن هذا التشريع اقترب من عامه التاسع، وهو لا يزال يراوح مكانه.