المهم أن الشعار لم يخفت واستعاده الرئيس قيس سعيّد، وأعاده إلى صدارة الاهتمام. وسنرى مع الوقت إذا كان تحقيقه فعلاً أم لمجرد غاية استهلاكية، لأن سعيّد صامت حتى الآن، ولم يبدأ فعلياً عهدته الرئاسية، منتظراً أن تتوضح الأمور من حوله. لكن الشعب الذي يريد لا ينتظر، وخرج بعد الانتخابات ينظف الشوارع في كل مدينة ويحفز الحكومة النائمة على الاستيقاظ من غفوتها، ويذكّر بأنه موجود وأنه قادر على استعادة المبادرة وقتما يشاء وأينما يشاء، وإن كانت حكومته نائمة وأحزابه تتصارع على التموضع.
وعاش التونسيون أخيراً على إيقاع نموذج فريد يبيّن قدرة هذا الشعب على تحقيق أحلامه، وتجاوز الصعوبات الماثلة مهما كبرت. وجاء المثال من جماهير فريق كرة قدم عريق ضارب في القدم، النادي الأفريقي، الذي تلاعب السياسيون به طويلاً، وآخرهم سليم الرياحي الذي حوّلته الجماهير إلى رقم مهم في الساحة السياسية، قبل أن تكتشف أنه كان يستغل فريقها لتحقيق أغراض سياسية بحتة، ليحكم عليه بالسجن ويهرب ويترك النادي الأفريقي غارقاً في الديون وعقوبات متعددة من الاتحاد الدولي لكرة القدم. لكن الشعب لم يستسلم على الرغم من صمت الجميع، وعاد إلى قواعده يدعوها إلى إنقاذ الفريق. وبعدما أطلق مبادرة جمع مليار دينار في يوم واحد، ونجح، كرّر التجربة، واصطفت طوابير من الناس في كل مدينة بعد أن أطلق مبادرة مباراة وهمية ضد لجنة نزاعات "الفيفا"، ليتجاوز ما جمعه حتى الآن خمسة مليارات، ليثبت أن هذا الشعب حيّ وينبض بالحركة والمبادرة، بشرط الإحساس بالانتماء، وبأنه يدافع عن شيء يملكه بالفعل ولا يسرقه الآخرون.