ونقلت صحيفة "هآرتس" عن هذه المحافل قولها إنه على الرغم من أن تل أبيب مرتاحة إلى سلسلة العقوبات التي فرضتها واشنطن أخيراً على طهران، إلا أن مبالغة ترامب أخيراً في السعي لعقد لقاء مع روحاني تنطوي على مخاطر كبيرة.
وحسب محلل الشؤون العسكرية في الصحيفة، عاموس هارئيل، تشير التقديرات الرسمية السائدة في تل أبيب إلى أن الأزمة الداخلية التي تعيشها الولايات المتحدة في أعقاب قرار مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الديموقراطيون، دفعت ترامب إلى "مغازلة" طهران مجدداً، في سعي واضح للتوصل إلى اتفاق جديد حول المشروع النووي الإيراني.
ولفت هارئيل إلى أن ما يعزز بواعث القلق الإسرائيلي من استئناف ترامب حديثه عن الرغبة في لقاء روحاني حقيقةً، أنها جاءت في أعقاب صفقة تبادل الأسرى التي جرت بين الجانبين أخيراً.
وحسب هارئيل، فإن إشادة ترامب بـ "إنصاف" إيران، كما عكست ذلك المفاوضات التي قادت إلى صفقة التبادل، وحديثه عن أن ذلك يدلّ على أن بالإمكان التوصل إلى اتفاق معها بشأن البرنامج النووي، أثارت القلق بشكل خاص، على اعتبار أنها المرة الأولى منذ أيلول/ سبتمبر الماضي، الذي يتحدث فيه ترامب عن الحاجة للتفاوض مع طهران.
وأشار إلى أن تصريحات ترامب تأتي في أعقاب نفيه ونفي وزارة الدفاع الأميركية ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" من أن الولايات المتحدة قررت إرسال 14 ألف جندي أميركي إلى منطقة الخليج، تمهيداً لمواجهة محتملة مع إيران.
ولفت هارئيل إلى أن السياسة "المتقلبة وغير المتوقعة" التي يتبناها ترامب في المنطقة تجعل دول المنطقة، وعلى رأسها إسرائيل، تواجه تحديات كبيرة وخطيرة، مشيراً إلى أن تل أبيب لا تدرك الأهداف التي تسعى إدارة ترامب إلى تحقيقها من خلال سياساتها في المنطقة.
ونقل هارئيل عن مصدر إسرائيلي رسمي قوله إنه على الرغم من أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تحدث مع ترامب أخيراً مرتين هاتفياً، والتقى بوزير خارجيته مايك بومبيو، إلا أن هذه المحادثات لم تسهم في إصلاح العلاقة بين الشخصين التي تراجعت بعد فشل نتنياهو في الانتخابات الأخيرة.
وأضاف المصدر الإسرائيلي: "الأزمة الداخلية التي تفجرت في أعقاب قرار مجلس النواب إدانة ترامب، دفعت الرئيس الأميركي إلى الانغلاق على ذاته وقضاء أغلب الوقت في مشاهدة التلفاز والاستغراق في حروب صغيرة مع خصومه من خلال تغريداته على تويتر".
وأوضح هارئيل أن إسرائيل تراهن على حقيقة أن ترامب معنيّ بمراعاة توجهات التيار الإنجيلي، الذي يمثل قاعدته الانتخابية، وأنه لن يقدم في النهاية على أية خطوة تفسَّر على أنها تقارب مع طهران، على اعتبار أن هذا التيار يدفع بقوة إلى تبني الموقف المتشدد الذي يعبّر عنه نتنياهو من مسألة التعامل مع إيران.
واستدرك هارئيل بالقول إن مسؤولين إسرائيليين حذروا نظراءهم في واشنطن من أن مجرد عقد لقاء بين ترامب وروحاني سيفضي إلى تراجع الضغط على إيران بغضّ النظر عن نتائج اللقاء.
ولفت إلى أن تل أبيب أوضحت لواشنطن أن استراتيجية الضغط التي تمارسها الولايات المتحدة على إيران لم تؤتِ أُكلها فقط بسبب العقوبات الاقتصادية، بل أيضاً لأن المجتمع الدولي بات يدرك أنه لم يعد أمام طهران مسارات لتجاوز هذه العقوبات أو احتواء تأثيراتها، إلا في حال الخضوع وقبول المطالب الأميركية، في حين أن لقاء روحاني وترامب سيدلّ على أن الضغط الأميركي على إيران مؤقت ويمكن أن يتقلص.
وحسب التقديرات الإسرائيلية، فإنه على الرغم من اعتراض كبار موظفي الإدارة الأميركية، وضمنهم بومبيو، فإن ترامب متحمس لعقد لقاء مع روحاني.
وأشار هارئيل إلى أن الهجمات العسكرية التي تستهدف قوات "الحشد الشعبي" في العراق والمنسوبة إلى إسرائيل تمثّل مصدراً من مصادر الاختلاف مع واشنطن، التي ترى أن مثل هذه الهجمات ستشجع المليشيات الموالية لإيران على استهداف آلاف الجنود الأميركيين الموجودين في العراق.