يوغل الجانب الروسي والنظام السوري في سياسة انتقامية من نحو 4 ملايين مدني في الشمالي الغربي من سورية، من خلال تدمير مرافق الحياة، وفي المقدمة المستشفيات والمراكز الصحية، لدفع المنطقة إلى حوافّ كوارث إنسانية متعددة في خطوة مديدة نحو إخضاعها، فيما يضرب الفلتان الأمني المنطقة التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في شرقي نهر الفرات، في ظل انخفاض وتيرة الصراع بين هذه القوات و"الجيش الوطني السوري" التابع للمعارضة السورية.
في هذا الوقت، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، خلال محاضرة في الأكاديمية الدبلوماسية في وزارة الخارجية القيرغيزية في العاصمة بشكيك، أمس الأربعاء، أن القناة الروسية الأميركية لمنع الحوادث المحتملة في سورية تعمل بطريقة احترافية. وقال "هناك قناة بين العسكريين الروس والأميركيين تعمل باحترافية وضمن إزالة مخاطر أي حوادث غير مقصودة". وأضاف "نحن لا نريد مشاكل للشعب السوري، ولا نريد خلق أي تهديدات لقواتنا العاملة هناك بناءً على طلب الحكومة الشرعية، للمساعدة في مكافحة الإرهاب". وتابع أن "العسكريين الروس والأميركيين على اتصال مستمر، وأن موسكو تصر على ضرورة انسحاب القوات الأميركية من سورية بشكل طوعي".
وأوضحت أن تدمير مستشفى الروضة جاء بعد تدمير مستشفيي "كيوان" و"شنان"، من قبل روسيا والنظام منذ عدة أيام، وهو ما جعل منطقة جبل الزاوية، التي تضم عشرات البلدات والقرى في محافظة إدلب، خالية من المستشفيات والمراكز الطبية. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مروحيات النظام ألقت، أمس الأربعاء، براميل متفجرة على كل من الملاجة ومعرة الصين ومعرزيتا وأبلين وكرسعة والنقير وترملا ورأس المعصرة وحزارين والبارة في ريف إدلب، ومحور كبانة بريف اللاذقية الشمالي، في حين قصفت طائرات حربية روسية مناطق في ريف إدلب، مستهدفة أرمنايا ومعرة حرمة وركايا وكرسعا وأرينبة وأطراف كفرنبل والشيخ مصطفى بريف إدلب. ومن الواضح أن النظام والجانب الروسي يحاولان تدمير كل مرافق الحياة في الشمال الغربي من سورية، الذي يضم محافظة إدلب ومحيطها، والتي تضم نحو 4 ملايين مدني.
إلى ذلك، نعت مواقع موالية للنظام قتلى جُددا من العناصر والضباط، بينهم نقيب، خلال المعارك الجارية على محاور ريفي إدلب الجنوبي الشرقي وحماة الشمالي. وتدور منذ أسبوعين معارك على محاور قرى ضهرة الزرزور والصير وأم الخلاخيل، ومزارع المشيرفة، في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، وكذلك محور ميدان غزال غرب حماة، في ظل إطلاق قوات النظام، بدعم جوي روسي كثيف، أخيراً، حملة عسكرية جديدة على جنوب وشرق إدلب.
على صعيد آخر، خفت وتيرة الصراع الدموي في منطقة شرقي الفرات بين "الجيش الوطني السوري"، المدعوم من الجيش التركي، وبين "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) المدعومة من قوات النظام السوري. وأشار المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أن الهدوء الحذر يسيطر على منطقة أبو رأسين (زركان) والريف الشمالي لبلدة تل تمر في ريف الحسكة في أقصى الشمالي الشرقي من سورية، وسط استهداف بالرشاشات المتوسطة بشكل متقطع ولمدة زمنية قصيرة. وذكرت شبكة "الخابور" المحلية للأنباء أن اجتماعاً عقد أمس الأربعاء بين ضباط أتراك وآخرين روس في صوامع العالية جنوب رأس العين في ريف الحسكة. ومن المتوقع أن يكون تحديد مصير مدينتي عين عيسى في ريف الرقة، وتل تمر في ريف الحسكة من أولويات هذا الاجتماع. ولم يستطع الطرفان ردم هوة الخلاف بينهما حول المدينتين الواقعتين على الطريق الدولي الذي يربط حلب بالحسكة، في ظل إصرار تركي على انسحاب كامل للوحدات الكردية منهما. في هذا الوقت، دخل أمس رتل عسكري أميركي من معبر الوليد مع الجانب العراقي إلى الأراضي السورية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان، الذي أشار إلى أن الرتل يتألف من 3 مدرعات و3 دبابات، موضحاً أن طائرات حربية رافقت الرتل. كما عبرت قافلة أميركية، مؤلفة نحو 20 آلية، بينها عربات عسكرية وحاملات سيارات رباعية الدفع وشاحنات وقود، أمس، مدينة الحسكة متجهة جنوباً على طريق الشدادي - دير الزور.
وفي حادث يعكس حالة التوتر والفلتان الأمني في عدة مناطق تسيطر عليها "قسد"، التي تمثل "وحدات حماية الشعب" الكردية عمودها الفقري، في منطقة شرقي الفرات، عثر الأهالي في مدينة الطبقة غرب الرقة على عدد من جثث المدنيين قتلوا ذبحاً. وذكرت شبكة "فرات بوست" المحلية أن الأهالي عثروا على ست جثث قرب الفرن الآلي في الطبقة، مشيرة إلى أن الجثث تعود لخمس نساء وطفل. وقالت مصادر محلية إن الجثث عليها آثار طعن بآلة حادة، وجرى نقلها إلى المستشفى الوطني. وجاء هذا الحادث بعد ساعات من العثور على جثة شاب تم تقطيعها ورميها على طريق نزلة الجاحظ غرب الرقة. وتشهد المنطقة التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية" حالة استرخاء أمني يدفع المدنيون ثمنها، وذلك منذ بدء العملية العسكرية التركية في التاسع من الشهر الماضي. وكان قتل عنصران من "قسد" الثلاثاء الماضي، جراء انفجار عبوة ناسفة بالقرب من مقر العلاقات العسكرية التابع لهذه القوات في منطقة البانوراما غربي مركز مدينة الرقة.