وكرست الحكومة مؤخرا جهودها لتقليل أعداد المتظاهرين، في محاولة منها، على ما يبدو، لبث اليأس في نفوس المتظاهرين، بالتزامن مع حملات تشويه واتهامات واسعة تطلقها تجاه المتظاهرين على لسان مسؤولين ومتحدثين باسمها.
وحتى الآن، قدمت الحكومة العراقية والبرلمان حزم تشريعات مختلفة بلغت نحو 70 قرارا تقول إنه تلبية لمطالب المحتجين، على شكل أربعة حزم إصلاحية، إلا أن المتظاهرين يرون أنها غير واقعية ويطالبون بإقالة الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة تحت إشراف أممي.
وفي ساعات الصباح الأولى، حاول عناصر الأمن في بغداد التقدم نحو ساحة الخلاني القريبة من ساحة التحرير ببغداد في محاولة لإبعاد المتظاهرين عنها وفتحها أمام حركة المرور، إلا أنها قوبلت بردّة فعل من قبل المتظاهرين الذين اندفع المئات من ساحة التحرير باتجاههم، ما أجبر عناصر الأمن على التراجع.
ووفقا للناشط المدني حسين المحمداوي، فإن "الحكومة تحاول من خلال تحركاتها تضييق دائرة التظاهر وحصرها في ساحة التحرير فقط"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "أغلب الاشتباكات التي تقع في ساحة الخلاني وجسر الأحرار، هي بسبب تلك المحاولات، حيث يسعى عناصر الأمن إلى إجبار المتظاهرين بقوة السلاح على التراجع".
ولم تستثن التعزيزات العسكرية الكبيرة واستخدام القوة المفرطة أي محافظة عراقية تشهد تظاهرات، ففي كربلاء التي شهدت ليلة دامية سجلت فيها نحو 25 إصابة في صفوف المتظاهرين، وتجددت صباح اليوم التظاهرات فيها قرب مبنى المحافظة، وسط انتشار عسكري كثيف جدا، وعمليات كر وفر بين المتظاهرين وعناصر الأمن.
وأكدت وسائل إعلام محلية العثور على جثة شاب داخل سيارته في مركز مدينة كربلاء، صباح السبت، من دون معرفة ما إذا كان للضحية صلة بالتظاهرات أم لا.
ولم تكن البصرة بمنأى عن تلك المشاهد، إذ حاول عناصر الأمن، صباح اليوم، تفريق المتظاهرين الذين احتشدوا في منطقة خور الزبير، وحاولوا قطع الطرق فيها، بينما يتوافد مئات المتظاهرين نحو ساحة البحرية وسط المدينة.
وفي ذي قار، تجددت التظاهرات، صباح اليوم، في قلعة سكر، بينما اتخذ عناصر الأمن إجراءات مشددة، في محاولة لمنع المتظاهرين من الوصول إلى ساحة الحبوبي وسط الناصرية (مركز المحافظة).
ويجري ذلك وسط استمرار للاعتصامات في محافظات ميسان والديوانية وبابل والمثنى، إذ يبيت المعتصمون في سرادقات خاصة نصبوها في ساحات التظاهر.
وتحذّر جهات سياسية من مغبة استمرار تجاهل مطالب المتظاهرين وعدم تنفيذها، والذي قد يدفع البلاد نحو المجهول.
وقال النائب عن تحالف النصر، رياض التميمي، في بيان صحافي، "يجب على الجهات المعنية الامتثال الحقيقي لمطالب الشعب ودعوات المرجعية الدينية، من دون تسويف"، مشددا على "ضرورة عدم النظر إلى التظاهرات من زاوية ضيقة واعتبارها مدعومة من جهات لا تريد الخير للعراق".
ودعا الحكومة إلى "اللقاء المباشر بالمتظاهرين وعدم الابتعاد عنهم، وإلا فإن الأمور لن تُحل بقرارات ووعود التهدئة من دون تنفيذ"، مؤكدا "أهمية إقرار قانون الانتخابات بمفوضية جديدة، امتثالا لمطالب الشعب والمرجعية".