قوى عراقية توقّع خارطة طريق رفضها المتظاهرون: مهلة 45 يوماً للحكومة والبرلمان

19 نوفمبر 2019
اعتبر المتظاهرون الورقة محاولة جديدة لتهدئة الشارع العراقي(مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -
وقّعت 12 كتلة سياسية عراقية في بغداد، في ساعة متأخرة من ليلة أمس الإثنين، اتفاقاً جديداً يتضمن 40 بنداً اعتُبرت بمثابة محاولة جديدة لتهدئة الشارع العراقي وامتصاص زخم التظاهرات، وذلك لاحتوائها على مدد زمنية جديدة لتنفيذ إصلاحات الحكومة والبرلمان قبل الذهاب إلى خيار حلّهما وإجراء انتخابات مبكرة في البلاد، وهو ما اعتبره المتظاهرون محاولة لكسب الوقت ومراهنة على مللهم ويأسهم لإنهاء التظاهرات، وإبقاء الأوضاع على ما كانت عليه.
وتضمّن الاتفاق الجديد الذي وقّعت عليه 12 كتلة سياسية وغابت عنه كتلة "سائرون"، بزعامة مقتدى الصدر، نقاطاً عدة رئيسية، تشتمل على إصلاحات وقوانين جديدة تتقاسم الحكومة والبرلمان مسؤولية تنفيذها، ومن بينها إجراء تعديل وزاري واسع، بعيداً عن مفاهيم المحاصصة، وتحديد الجهات المتورطة باختطاف الناشطين والمتظاهرين، ومواصلة الجهد لاكتشاف المتورطين بعمليات قنص المتظاهرين وقتلهم، واستهداف وسائل الإعلام، والتعهد بتعديل قانون الانتخابات لتوفير فرص متكافئة لفوز المرشحين المستقلين، وتشكيل مفوضية انتخابات جديدة.
وأمهلت الكتل السياسية في وثيقتها المتفق عليها، الحكومة والبرلمان مدة 45 يوماً لتنفيذ الإصلاحات الواردة في الوثيقة، وفي حال الفشل فإن القادة السياسيين سيكونون "ملزمين بالمضي من خلال كتلهم في مجلس النواب، إلى الخيارات الدستورية البديلة لتلبية مطالب الشعب، عبر سحب الثقة من الحكومة أو إجراء انتخابات مبكرة".
وشارك في الاجتماع الذي عُقد عند الساعة الحادية عشرة من ليلة أمس الإثنين، في منزل زعيم "تيار الحكمة" عمار الحكيم، رؤساء وممثلون عن كتل تحالف "الفتح"، وتحالف "النصر"، و"دولة القانون" و"تحالف القوى العراقية"، والحزب "الديمقراطي الكردستاني" و"الاتحاد الوطني الكردستاني" و"ائتلاف الوطنية" و"جبهة الإنقاذ والتنمية" و"كتلة العطاء الوطني" و"كتلة العقد الوطني" و"الجبهة التركمانية"، فيما لم يشارك تحالف "سائرون"، الذي يتلقى الدعم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في الاجتماع.

وحول تفاصيل ومخرجات الوثيقة الجديدة الموقعة بين قادة وممثلي الكتل، قال قيادي في تحالف "الفتح" البرلماني، لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ "أمام البرلمان والحكومة 45 يوماً لتنفيذ ما جاء فيها، أو الذهاب إلى الحلّ وإجراء انتخابات مبكرة"، مضيفاً أنّ "القوى السياسية اعتبرتها خارطة طريق، وتم تخويل رئيس الوزراء باختيار الوزراء بنفسه، من دون تدخل من أي كتلة، والمضي بحكومة جديدة، والبرلمان بتعديل قانون الانتخابات بشكل واضح ومن دون دهاليز أو تعقيدات".
وبيّن أنّ القوى الموقعة تمثل نحو 80 في المائة من البرلمان، واتفقت على استمرار الحكومة والبرلمان لحين انتهاء المهلة، وبعدها سيتم بحث ما تم تنفيذه أو إخفاقه.
وأخطرت رئاسات الجمهورية والبرلمان والحكومة، بالاجتماع الذي تم برعاية محسن الحكيم، وفقاً للمصدر ذاته، الذي أكد أن خيار الذهاب لانتخابات مبكرة سيكون آخر المطاف وفقاً للاتفاق، إذ جرى التأكيد أولاً على تعديل وزاري، وتعديل قانون الانتخابات، وإجراء إصلاحات تتعلق بملف الفساد والقضايا المجمدة.


وفور صدور الإعلان عن الاتفاق السياسي، شهدت ساحة التحرير هتافات رافضة له، بالتزامن مع أخرى مشابهة في الناصرية وكربلاء، إذ اعتبر المتظاهرون أنه غير مجدٍ.
وقال الناشط في "التيار المدني" العراقي في كربلاء حيدر عباس، إن "الوثيقة يمكن تغيير اسمها من وثيقة اتفاق سياسي أو خارطة طريق، إلى وثيقة محاولة كسب وقت، أملاً بعودة المتظاهرين إلى منازلهم وانتهاء التظاهرات"، مضيفاً: "ما زالت الكتل السياسية تراهن على يأس المتظاهرين وعودتهم إلى منازلهم حتى تتم تصفيتهم اعتقالاً، وخطفاً، واغتيالاً، وإفشال هذه الانتفاضة، وعودة كل شيء إلى ما كان عليه".
وردّد متظاهرون في ساحة التحرير هتافات عدة رافضة لها، مثل "هذا الشعب كله عرف هاي الوثيقة بلا شرف".
وقال عمار ياسر، الناشط في تظاهرات بغداد، إنهم "سمعوا بالاتفاق الذي تمّ، وكل ما فهموه أنه تأكد لهم مجدداً عدم قدرة القوى السياسية هذه على اتخاذ قرار شجاع وجريء"، وفقاً لقوله. وأضاف: "لأن القرار لم يعد عراقياً خالصاً، تجد كل وثائقهم التي تتم بشكل ارتجالي فضفاضة ولا تحتوي على حلّ واضح وصريح، وأعتقد أنه بعد هذه التضحيات، لا شيء أقل من حل الحكومة والبرلمان سيرضي أحداً".


وحول الاتفاق الجديد، قال الخبير بالشأن الأمني العراقي هشام الهاشمي، إن "تسريبات من داخل اجتماع موسع لقيادات البيت السياسي الشيعي، عدا "سائرون" والمجلس الأعلى، تمهّد لرسم خريطة طريق متناغمة مع مطالب المتظاهرين، عدا إسقاط النظام أو إقالة عادل عبد المهدي"، وأضاف في تصريح لوسائل إعلام محلية عراقية، أنه "أول ما يجب الحذر منه مسألتان: الأولى سرقة الأحزاب التقليدية لثمار التظاهرات، والثانية استغلال مقاطعة "سائرون" لاجتماعاتهم من أجل عزلها سياسياً".
وبيّن أن "الأحزاب المسيطرة على الحكم بعد 2003 تؤكد في هذه الوثيقة المعنى القائل "لو ألعب، لو أُخرّب الملعب".