بحث مستمر عن رئيس لمجلس الوزراء في الكويت

19 نوفمبر 2019
أقال أمير البلاد الحكومة (فرانس برس)
+ الخط -

تواصل القيادة السياسية في الكويت، مشاوراتها لاختيار رئيس جديد لمجلس الوزراء، بعد إعلان رئيس الوزراء السابق الشيخ جابر المبارك الصباح، اعتذاره عن مهمة تشكيل حكومة جديدة، عقب تكليف الأمير الرسمي له، وذلك "حتى تتم تبرئته من التهم الموجهة إليه" بحسب كتاب اعتذار سلمه إلى أمير البلاد شخصياً، أمس الإثنين.


وبدأ مسلسل الأحداث السياسية المتسارعة في الكويت، عقب جلسة استجواب مقدمة لوزيرة الأشغال والإسكان جنان بوشهري، ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح الصباح، الأربعاء الماضي، والتي انتهت باستقالة بوشهري بعد تصويت النواب الموالين للحكومة ضدها، وإعلان 22 نائباً من أصل 50 رغبتهم في طرح الثقة بوزير الداخلية، وإبعاده عن المشهد السياسي، وسط غياب لنائب الرئيس الأول لمجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد، عن حضور جلسة الاستجواب لمساندة الحكومة، كما هو سائد في العرف الحكومي الكويتي.

وفاجأ النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، ووزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد، المشهد السياسي، يوم الخميس الماضي، بإحالته بلاغ "صندوق الجيش" إلى النيابة العامة لمحاكمة المتورطين فيه، ويتضمن البلاغ تجاوزات مالية كبيرة اتُهم فيها وزير الداخلية أثناء فترة توليه لوزارة الدفاع، إضافة إلى عدد من كبار قادة الجيش ووزارة الدفاع.

وبعد دقائق من تحويل البلاغ، وفي ظل الضغوطات السياسية والنيابية، أعلنت الحكومة استقالتها، ووافق أمير البلاد على هذه الاستقالة مع تكليفها بتصريف العاجل من الأمور، فيما سارع رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، إلى التصريح بعد استقالة الحكومة، بأنّه نقل إلى القيادة السياسية رأيه حول عدم وجود تجانس داخل الفريق الحكومي، وأنّ القيادة السياسية رأت عدم وجود داع لحلّ مجلس الأمة.

لكن تطوراً مهماً حدث مساء اليوم ذاته، وهو تسريب أوراق وبيانات قضية "بلاغ الجيش" إلى الرأي العام في الكويت، وانتشارها على مواقع التواصل الاجتماعي واطلاع الكويتيين عليها.


وعاد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، ليصدر بياناً جديداً، السبت الماضي، أكد فيه أنّ ادعاءات استقالة الحكومة؛ بسبب رغبتها بإعادة ترتيب فريق العمل "لم تصب عين الحقيقة، بل كان السبب الرئيسي تجنبها عدم الالتزام بقسَمها من خلال تقديمها إجابات عما تم توجيهه من استفسارات واستيضاحات لسمو رئيس مجلس الوزراء، تتعلق بصندوق الجيش".

وأضاف وزير الدفاع، في البيان الذي نشر على صفحة الجيش الكويتي في "تويتر"، أنّ "ما حصل هو سابقة تاريخية تمثلت في تدخل الجيش بالعمل السياسي والبرلماني"، قائلاً إنّه وجه خطابات إلى رئيس مجلس الوزراء "لاستيضاح الحقيقة بشكل كامل وتبرير عمليات التحويل الضخمة التي تمت في شبهة هذه التجاوزات، لاتخاذ القرارات الصائبة والواجب العمل بها، إلا أنه لم تردنا أية إجابات تزيل الشك".

وأكد وزير الدفاع، في بيانه، أنّ غيابه عن جلسات مجلس الوزراء "كان بسبب عدم تقديم رئيس الحكومة لردود حول تساؤلاته، إضافة إلى تشكيله لجنة تحقيق في القضية برئاسة أحد المتورطين فيها"، في إشارة إلى وزير الداخلية.

وسارع وزير الداخلية إلى إصدار بيان في اليوم ذاته، اتهم فيه وزير الدفاع بتسريب أوراق القضية إلى الإعلام، رغم وجود أهداف وتطلعات سياسية لديه أدت إلى إثارته قضية صندوق الجيش في هذا الوقت بالذات.


ووصفت الصحافة الكويتية ما حدث بأنّه "حرب بيانات" بين وزيرين في أهم وزارتين في الكويت وهما الدفاع والداخلية، فيما طالبت أطراف سياسية معارضة أطراف النزاع بالتهدئة وعدم تعريض البلد للخطر.


واجتمعت القيادة السياسية في الكويت، الأحد الماضي، برئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ليخرج الغانم بعدها بتصريحات صحافية، قال فيها إنّ أمير البلاد أكد له عدم التوجه إلى حل البرلمان، واقتراب موعد تشكيل حكومة جديدة، كما اجتمعت القيادة السياسية أيضاً بعدد من رجال الأسرة الحاكمة ذوي النفوذ؛ ومن بينهم رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح.

لكن الأحداث تسارعت بشكل كبير، أمس الإثنين، عقب إعلان أمير البلاد إعفاء طرفي الصراع، وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد، ووزير الداخلية الشيخ خالد الجراح، من منصبَيهما في حكومة تصريف العاجل من الأمور، وهو إجراء لم يسبق أن اتُخذ في تاريخ الحياة السياسية في الكويت ضد وزراء من الأسرة الحاكمة.

كما أعلن الأمير، تكليف الشيخ جابر المبارك الصباح، بتشكيل حكومة جديدة، ليعلن النائب عبد الوهاب البابطين عقبها، بدقائق فقط، استجوابه رئيس الحكومة، قبل أن يرفع الشيخ جابر المبارك كتاباً إلى الأمير يعتذر فيه عن تولّي المنصب الحكومي.

وعزا جابر المبارك أسباب اعتذاره عن تسلم مهام رئاسة الحكومة إلى "ما عجّت به وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي من افتراءات وادعاءات بها شبهة مساس بذمتي وإخلالي بالقسم العظيم الذي أقسمته مراراً أمام الله، ثم أمام سموكم، وأمام مجلس الأمة الموقر وأهل الكويت جميعاً، وهي أكاذيب لا صلة لها بالحقيقة".

وفي خطوة تصعيدية، قال المبارك إنّ هذه الاتهامات "صادرة بكل أسف من زميل وأخ تربطني به زمالة ورابطة أخوة وصداقة امتدت لأكثر من أربعين عاماً، ناهيك بما ينطوي عليه تصرفه من تداعيات بالغة الخطورة على مختلف الأصعدة ولا سيما أننا في دولة القانون والمؤسسات"، في إشارة واضحة إلى وزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد، وبيانه الذي اتهم فيه رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية بارتكاب تجاوزات.


وألقى أمير الكويت كلمة، مساء أمس الإثنين، بثت عبر التلفزيون الرسمي، أكد فيها أنّه حريص على المال العام وأنّه "لن يفلت أي شخص من العقاب، مهما كانت مكانته أو صفته".


كما طالب وسائل الإعلام بعدم الحديث عن القضية، وذلك "لأنّها منظورة أمام القضاء المشهود له بالاستقلال" حسب وصفه.


وقالت صحيفة "الأنباء" الكويتية واسعة الانتشار، إنّ القيادة السياسية طلبت من وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد الصباح، تولّي منصب رئيس مجلس الوزراء، لكن الوزير اعتذر عن تولي المهمة، حتى الآن.


وعانت الكويت من عدم الاستقرار الحكومي؛ بسبب الخلافات المستمرة بين البرلمان والحكومة، حيث شُكلت 7 حكومات في الفترة ما بين عامي 2011 و2019.